محمد قاسم من بغداد: تشكل زيادة الانجاب لدى غالبية الشعب العراقي من المسائل التي لامحيص عنها ولابد منها لما تحيط بهذه المسألة عوامل دينية واجتماعية حيث يشكل الاستعجال بطلب الاطفال بعد الزواج مباشرة اهمية بالغة لدى الزوج من اجل اثبات رجولته والتكامل اجتماعيا.
وتجعل بعض العشائر من زيادة الانجاب - مع توقع والتفائل بان يكون المولدين ذكورا- قوة ومنعة رجالية لعموم العشيرة على المدى البعيد. فنجد اغلب البيوت في المناطق الشعبية تحوي الكثير الكثير من الاطفال دون ان يفكر الاب بطريقة تربيتهم او التفكير مع الزوجة بمستقبلهم. فنجد النتيجة سلبية على الاباء والابناء معاً؛ حيث ان الاباء يكدون بالعمل اكثر مما يجب من اجل توفير احتياجات الاطفال، وكذلك فان الاطفال لايجدون متسعا للعب او للنوم احياناً لان الكثير من العوائل تعيش داخل غرفة واحدة من ضمن بيت يحوي عدد من الغرف وكل غرفة فيها عائلة مكونة من زوجين ومالايقل عن اربعة الى ستة اطفال.

تشجيع الانجاب

وقد شجعت حكومة صدام وبعد انتهاء الحرب مع ايران عام 1988 التي التهمت مايقارب مليونا من رجال العراق؛ على زيادة الانجاب وقامت بتوزيع الرواتب الاضافية والمكرمات الاخرى للعائلة التي تنجب اكثر عدد من الاطفال فكان هذا عاملا اخر في زيادة الانجاب لدى العراقيين. لكن مع سقوط بغداد ودخول القوات الاجنبية وتردي الوضع الامني الى الشكل المعروف حاليا كانت النتيجة سلبية جداً اذ ان كل تفجير ارهابي او سيارة مفخخه تخطف معها عشرات الاباء من بين اولادهم فكان درساً قاسيا استفاد منه المتزوجون هذه الايام فاغلب الشباب المتزوجين حديثا هذه الايام لايفكرون بالاطفال اولعل طفل واحد يكفي جدا مع هذه الظروف وتلافيا لما يرونه من مئاسي الاطفال الذين يفقدون آبائهم.

- سألت ابو زهراء وهو شاب متزوج ولدية طفلة واحدة عن السبب في عدم التفكير بان يكون لزهراء الصغيرة اخ او اخت فقال: الوضع الامني وما يخلفه من نتائج هو السبب فقد يذهب الشخص ويترك ورائه كومة اطفال !!! ربما في المستقبل اذا تحسن الوضع.
ايلاف سالت اغلب الاباء عن هذه الظاهرة فلم نحصل على جواب مقنع اذ كان الجواب المعتاد هو :(يمعود صارت وهاي هيه).
بينما كان جواب( كريم) مختلفا فهو في كل مرة يولد له طفل يقول: فقط هذا الطفل ولا اطفال بعد اليوم...... الى ان وجد نفسه محاطا بـ(9) اطفال، وطبعا لايستطيع ان يكفل لهم كل مايحتاجونه بل حتى هو لايستطيع ان يوفر لنفسه مايحتاجه باعتباره ابا كباقي الاباء.

ومن العوامل الاخرى في زيادة الانجاب لدى اغلب العوائل هو الرغبة في الحصول على مولود ذكر فتأتي انثى وكلما جائت انثى تزداد الرغبة في الحصول على الولد والى ان ياتي الولد الذي طال انتظاره سيجد ان لديه خمس او ست اخوات اكبر منه....وعندها سيستحق بجداره ان يُلقب بـ( اخو البنات).

البنات
تختلف نظرة المجتمعات للبنات باختلاف مستوى ثقافة تلك المجتمعات حيث نجد تبايناً واضحاً واختلافا ملحوظا ما بين المجتمعات والاسر والعوائل حول البنات فهناك من يحترمها ويقدرها وهناك من يستبشر بقدومها وولادتها وهناك من يتشائم منها الى غير ذلك...
وهناك بعض العشائر تعطي للبنت مكانة اكبر مما تريدها البنت نفسها حيث ترفض هذه العشائر تزويج بناتهم الا للعوائل التابعة لعشيرة برجوازية مادامت هذه البنت ابنة فلان او من العشيرة الفلانية دون اخذ رأيها بشيء وان كانت تحب وا تفضل شخصا اخر وقد يؤدي ذلك الى عنوستها.. وهناك ايضاً من يستيشر ويتفائل اذا رزق بنتاً خصوصاً حين يتزامن قدومها مع تحسن الوضع المعاشي والاجتماعي فتكون محبوبة جداً لدى ابويها وربما اكثر من الولد.

وبعض العوائل التي تعيش في جو ديني تكون مكانة البنت عندهم محترمة اكثر فحين يرزق احدهم بنتاً يفرح ويستبشر ويتذاكر الروايات والاحاديث التي تُرغب بالبنت والفرح بقدومها وفوراً يسميها اسمياً دينيا.
سالنا عددا من المتزوجين حول هذا الموضوع:
- صباح شاب متزوج منذ (11) سنة وليس لديه اطفال يتمنى ان يُرزق بطفل بغض النظر عن كونه ذكر او انثى.
-ابو جاسم متزوج ولديه ولد وبنت يقول: ان البنت اعز على قلبي من الولد ولا ادري لماذا علما ان عمرهما متقارب.
- محمود شاب متزوج ولديه اثنان من الاولاد يقول: لا ادري صحيح ان البنت عزيزه لكنني افضل الاولاد فقط.
- ام زيد موظفة ولديها زيد وسارة تقول : يلومونني يقولون انك تحبين سارة اكثر من زيد لكن الامر ليس بيدي البنت عزيزه اكثر.
- اما ابو زهراء فهو متشدد من هذه الناحية اكثر من غيره حيث يقول: نسمع باستمرار ان هناك ابناً عاقاً لوادليه لكن لم نسمع يوماً ان هناك بنتاً عاقه لواديها، لذلك انا افضل البنت على الولد وهي اعز على قلبي.
وهناك مفارقة تعيشها اغلب العوائل في العراق فحين ياتي المولود ولداً يُلبسونه ملابس بنت ويضعون له شريط ويصنعون له ظفيره في رأسه لكي يبدوا وكأنه بنت.....وعكس هذا الامر يكون حين يكون المولود بنت حيث يُلبسونها ملابس الولد ويسرحون شعره كذلك كما لدى الاطفال.