كارا بنتلي من واشنطن:يولد كل يوم ملايين الأطفال في ظروف تمنعهم من التمتع بحياة هادئة وسط الأسرة المستقرة والأمنة التي يحتاج إليها كل طفل. لذا عنيت كثير من وكالات التبني في الولايات المتحدة الأمريكية بهذا الأمر وجعلت مهمتها الأساسية هي تشكيل عائلات جديدة من خلال التبني، وتوفير حياة افضل لليتامى في جميع أنحاء العالم. عندما ننظر في فكرة التبني فإن الخطوة الأولى هي توضيح الفهم الأساسي للعمليات والتحديات التي تتضمنها تلك عملية. فبالنسبة لهؤلاء الذين يسعون لكي يصبحوا آباء بالتبني هناك عدد هائل من الوكالات والمنظمات التي توفر المعلومات حول الجوانب المختلفة للعملية. إذ توفر مثل تلك المنظمات المعلومات اللازمة عن القادرين على التبني، والإجراءات المطلوبة، والخيارات المتاحة، والمواصفات والشروط، وأنواع التبني المختلفة، والوكالات المعنية، والوسطاء وما إلى ذلك، بواسطة العديد من الوسائل.

أعداد وأرقام
قام المركز القومي للسجلات الفيدرالية في الفترة ما بين عامي 1990 و1995 بنشر بيانات أعطت صورة كاملة وحديثة عن التبني في الولايات المتحدة. لكنه منذ حل المركز لم يعد بوسع الناس سوى الحصول على معلومات إحصائية محدودة جدا عن التبني. ومن أجل الحصول على المزيد من المعلومات الحديثة تجمع العديد من الجماعات والمنظمات معلومات إحصائية عبر استقصائات وأبحاث خاصة، تشتمل على أعداد وأرقام بشكل تقديري أو تخميني. ووفقا لموقع أدوبشنزفاكتس دوت أورج adoptionfacts.org. أن حوالي سبعة ملايين أمريكي هم أبناء بالتبني، وأن العائلات الأمريكية تتبني حوالي 140 ألف طفل سنويا، كذلك حوالي 10 مليون أمريكي لديهم حالات تبني في أسرهم الصغيرة (إما يقومون بتبني أطفال، أو عرض أطفالهم للتبني من قبل أسر أخرى، أو أن أحدهم كان ابنا بالتبني).

وفي الثلاثين من سبتمبر من عام 2005 كان هناك 114 ألف طفل على قائمة الانتظار لكي يصبح ابنا بالتبني، 53 بالمائة منهم من الذكور، و47 بالمائة من الإناث. أما عن معدل الوقت الذي قضاه هؤلاء الأطفال تحت الرعاية المؤقتة قبل إتمام عملية التبني فكان 41.6 شهرا. ومن بين هذا العدد من الأطفال كان هناك 2 بالمائة من الهنود الأمريكيين ndash; وأطفال ألاسكا من غير اللاتينيين، ولم يكن بينهم أطفال آسيويين أو من هاواي من غير اللاتينيين، و36 بالمائة من السود غير اللاتينيين، و15 بالمائة من اللاتينيين، و40 بالمائة من البيض غير اللاتينيين، و3 بالمائة لم تحدد هوياتهم، إضافة إلى نسبة 4 بالمائة طفلين أو أكثر من غير اللاتينيين.

التكاليف والرسوم
قد تكون تكاليف التبني مرتفعة للغاية، ويتوقف الاختلاف الكبير في تلك التكلفة على نوع التبني ذاته. فتكلفة تبني طفل تحت رعاية الحكومة تكون أقل بكثير من التبني عن طريق وكالة خاصة. فعلى سبيل المثال، قد لا يكلف التبني عبر هيئة عامة محلية أي شيء، أو قد يصل إلى 2500 دولار على أعلى تقدير. في حين تتراوح تكاليف التبني عبر هيئة خاصة محلية بين 4000 و30،000 دولار، أما تكاليف التبني عبر هيئة مستقلة محلية فتتراوح بين 8000 و30000 دولار، وكذلك تتراوح تكلفة التبني عبر هيئة خاصة أجنبية ما بين 7000 و25000 دولار.

ويخضع تنظيم عملية التبني لقوانين الولاية، إذ تضع كل ولاية على حدة القانون الخاص بها. كما تحدد أيضا كل وكالة أو هيئة معنية بالتبيني الرسوم والتنظيمات الخاصة بخدمتها. أما بالنسبة لهؤلاء الذين يتبنون أطفالا من دول أخرى فإن الرسوم والقوانين والمتطلبات تختلف حسب الأوضاع. وتغطي تلك النفقات بعض أو كل التكاليف المتعلقة بعملية التبني. حيث تغطي تكالبف التبني المحلي النفقات الآتية: رسوم الطلب، وخدمات الدراسة المنزلية والتجهيزات، والإشراف على الطفل بعد التبني، وحالة الأبوين (كل على حدة)، والتقييم النفسي (لأي من الأبوين، إذا لزم الأمر)، ورسوم المحامي، والإعلان، وتكاليف الولادة (كالنفقات الطبية، لما قبل الوضع، والوضع، وما بعد الوضع بالنسبة للأم، والعناية بالجنين)، وتكاليف المعيشة (كالإيجار، والمأكل، والملبس، والانتقالات، وما إلى ذلك، إضافة إلى رسوم الرعاية.

أما بالنسبة لتبني أطفال من دول أخرى، فإن لكل دولة قوانين التبني الخاصة بها. والرسوم التالية هي الرسوم التي غالبا ما تتضمنها عملية التبني من دول أخرى. حيث تشمل رسوم وزارة الخارجية: رسم I-600، I600A، ورسم بصمات الأصابع، ورسم N- 600، ورسم استمارة الحصول على تأشيرة هجرة، ورسم إصدار طلب الهجرة. أما عن رسوم الوكالة الأمريكية أو المحامي فتشمل: رسوم استمارة الحصول على تأشيرة الدخول من وزارة الخارجية، ورسوم الإجراءات والتأشيرة الطبية، والدراسة المنزلية وإعداد الآباء، والتقييم النفسي، والاختبارات البدنية، ورسوم الإشراف بعد التبني، وترجمة وثائق ملف التبني والتصديق عليها، إضافة إلى رسوم الوكالة. أما الرسوم التي تتطلبها الدولة الأجنبية فتشمل: تكاليف السفر، وتكاليف وكالة التبني الأجنبية، والمصاريف القانونية للمحامي الأجنبي، ومصاريف الرعاية والعناية الطبية للطفل، ومصاريف الترجمة وخدمات المرافقة التي يقوم بها نائب عن الوكالة الأمريكية في البلد الأخر، ورسوم المحكمة الأجنبية والوثائق، وquot;التبرعquot; لدار أيتام أو وكالة تبني، وخدمات الترجمة والمرافقة، ورسم مكتب جوازات السفر. وعليه قد تكون التكلفة باهظة بالنسبة للمقبلين على التبني، إذ لا يستطيع العديد من الآباء المحتملين والمناسبين سداد كل تلك الرسوم دون مساعدة. لذا قد تساعد بعض خيارات الإعانات المالية مثل الإعانات الحكومية، والقروض، والإعانة الضريبية، وإعانات أصحاب الأعمال على تيسيير العملية.

التبني المفتوح
منذ عقود مضت كانت جميع عمليات التبني تقريبا مغلقة، وبمعنى آخر لم يكن هناك أي اتصال بين الآباء المتبنيين والآباء الأصليين أثناء عملية التبني أو بعدها. أما الآن فقد أصبح التبني منفتحا أوخاصا، ومن حق الآبوين الأصليين أو المتبنيين تحديد قدر المعلومات التي يمكن تبادلها. ففي عملية التبني الخاصة التي تتم اليوم لا يتقابل الآباء أبدا، ومع ذلك يتم إعطاء بعض المعلومات عن خلفية الآبوين الأصليين للآبوين المتبنيين، ومن ثم يمكن تأهيل الآبوين الجدد بطريقة أفضل لمقابلة احتياجات الطفل. ففي عملية التبني المفتوحة، والتي تزداد شيوعا، هناك مستويات مختلفة quot;للانفتاحquot;، فتقدم الوكالة معلومات شخصية عن الآباء المحتملين للآبوين الأصليين، مما يساعدهم على اختيار أنسب الآباء لأبنائهم. وبمجرد أن يقع الاختيار، يكون من حق العائلات خيار المحافظة على الاتصال بالآباء الأصليين.

وتشجع معظم الوكالات على التبني المفتوح، وينظر إليه البعض على أنه الخيار الأفضل. فهذا النوع من التبني يسمح للآباء الأصليين والآباء الجدد بالتحكم بشكل أكبر في عملية اتخاذ القرار. وبما أن العديد من الأطفال قد يكون لديهم حب استطلاع لمعرفة آبائهم الأصليين ولماذا حدثت عملية التبني، يجب أن يكون الآباء الجدد معدين بشكل أفضل للإجابة على أسئلة أطفالهم. إلا أن التبني المفتوح قد يسمح للآباء الأصليين المتطفلين بتخطي حدود التبني. إذ يقلق بعض الآباء المتبنيين من محاولة الآباء الأصليين استعادة أبنائهم بعد اتمام عملية التبني.

التبني الحكومي والتبني الخاص
وفقا للمجلس القومي للتبني فإن 40 بالمائة من حالات التبني بالولايات المتحدة تنتمي إلى التبني العام. وهو التبني الذي يتم عن طريق الوكالات الحكومية المعنية بالعناية بالأطفال. أما التبني الخاص، والذي يتم إما عن طريق وكالة خاصة أو بصورة شخصية مستقلة، فيشكل 60 بالمائة. فالعديد من الناس يختارون التعاون مع وكالة للتبني لمساعدتهم في اتمام عملية التبني، بينما يفضل آخرون التبني المستقل، حيث تتم جميع الإجراءات بشكل مباشر بين الآباء المتبنيين والآباء الأصليين دون مساعدة الوكالة. وعادة ما يتم هذا التبني عبر الإعلانات أو بتوصية من الأقارب أو المعارف أو الأصدقاء. ويشمل التبني المستقل تبني زوج الأم أو زوجة الأب، وهو الشكل الشائع من أشكال التبني حاليا. وبهذا التبني يتحمل زوج الأم أو زوجة الأب جميع المسؤوليات المالية والقانونية لابن أو أبناء الزوج أو الزوجة. كما أن تبني الأقارب هو شكل آخر من أشكال التبني الشائعة، وعادة ما يتم بصورة أقل رسمية عما يتم به تبني quot;الغرباءquot;. وتسن كل ولاية قوانين التبني الخاصة بها، لكن عادة ما يحدد القانون quot;القريبquot; بأنه العم والعمة، والخال والخالة، والأخ أو الأخت البالغين، والأجداد أو أجداد الأجداد. ومثل أي تبني تنتهي جميع حقوق الآباء الأصليين وتنتقل إلى الأقرباء الذين أصبحوا آباء جدد.

التبني مختلط الأجناس
يجد المزيد من الشعب الأمريكي في فكرة التبني الدولي أو التبني عبر العرق فكرة جذابة. ففي الولايات المتحدة الأمريكية يعني التبني عبر العرق والثقافة تبني أبوين من الجنس القوقازي لأطفال من عرقيات مختلفة أو دول أجنبية. ويتميز هذا النوع من التبني بالعديد من الجوانب الإيجابية بالنسبة للأبوين والطفل، كما أنه أصبح شكلا معروفا من أشكال التبني. وينشر موقع أدوبشن دوت كوم الإلكتروني تقريرا يعرض فيه عدد تأشيرات الهجرة التي تم إصدارها لأيتام لدخول الولايات المتحدة في السنوات المالية ما بين 1997 ndash; 1999، والتي أصدرتها مصلحة الهجرة والجنسية، فرع الإحصاءات السكانية، قسم الإحصائيات. ووفقا لهذا التقرير فإنه في العام 1999 تم إصدار 16،396 تأشيرة هجرة، منها 4348 طلب من روسيا، و4101 طلب من الصين، و2008 من كوريا الجنوبية، و1002 من غواتيمالا، و895 من رومانيا، و4042 طلبا من دول أخرى متنوعة. وتشير تقديرات مصدرواحد داخل الولايات المتحدة إلى أن عائلات قوقازية تتبني ما بين 1000 و2000 طفل من الأمريكيين الأفارقة كل عام.

فلماذا يختار العديدون التبني الدولي، أو التبني عبر العرق أو الثقافة؟ أولا: هناك عدد كبير جدا من الأطفال في الدول الأجنبية يمكن تبنيهم. ثانيا: في السنوات الأخيرة انخفض عدد الأطفال القوقازيين المتاحين للتبني، كما أن معظم الوكالات تضع قيودا أشد على تبني أطفال من دول القوقاز. وبالنسبة للعديدين فإن فكرة التبني عبر الثقافات أو العرق تعد فكرة جذابة لأنهم يشعرون بارتباطهم بشكل خاص بثقافة أو عرق معين. أما بالنسبة لآخرين فإن رغبتهم الرئيسية تنصب وببساطة على الوصول إلى الأطفال المحتاجين للعون في أي مكان.

وكانت العائلات التي تضم عرقيات مختلفة، والتبني عبر العرق مثارا للجدل في الولايات المتحدة لعدة عقود. ففي السنوات الأخيرة تزايد عدد أطفال الأقليات المنتظرين للتبني بسرعة كبيرة، وقد مرر الكونجرس قانون التبني متعدد العرقيات في العام 1994. وقد سن هذا التشريع للمساعدة في القضاء على التمييز العنصري القائم على العرق، عن طريق منع وكالات العناية بالأطفال التي تتلقى دعما فيدراليا من إنكار أو تأجيل عرض طفل للتبني أو الرعاية بناء على العرق أو الموطن الأصلي للطفل أو الآبوين المتبنيين. ومن المؤكد أن بعض ممارسات التمييز العنصري ما زالت تقع حتى اليوم، إلا أن هذا التشريع قد سمح بزيادة نسبة التبني متعدد العرقيات في الولايات المتحدة.

أما وجهات نظر خبراء التبني المتعلقة بموضوع التبني عبر العرق والثقافة فتتباين إلى حد كبير. فبالرغم من مجموعة التحديات الفريدة التي قد تواجهها أي عائلة مختلطة العرق، هناك العديد من الجوانب الإيجابية لهذا النوع من التبني. فيجادل البعض بأن الطفل المتبنى من أصل عرقي مختلف سوف يفتقد الإحساس بالإرث العرقي، ومن المرجح تعرضه للتحيز العنصري. في حين يعتقد آخرون أنه مع الحساسية المعقولة تجاه الإرث العرقي للطفل فمن الممكن أن ينشأ هذا الطفل وسط عائلة متتعدة الثقافات والعرقيات، وأن ذلك سوف يقود أيضا إلى إتجاه أكثر إيجابية تجاه العرق في المجتمع اليوم. أما السؤال الحقيقي الذي يجب أن يطرح فهو: ما هي أفضل الفوائد تعود على الطفل؟ إذ يشعر العديد أنه يجب تقييم العائلات على أساس قدرتهم على توفير بيئة مستقرة وصحية للطفل، بدلا من التقييم القائم على أساس العرق أو اللون.

من الذي يستطيع التبني؟
في حين أن الواقع يقول أنه من حق أي فرد محاولة التبني والرغبة فيه، فإنه من خلال القوانين والسياسات التي تنظم عملية الأشخاص الذين يستطيعون التبني، لا يكون كل شخص مؤهلا لذلك. فلكي يكون الآباء المتبنيين المحتملين مؤهلين، يجب أن يقابلوا المعايير القانونية، ومعايير الوكالة، والمعايير التي يتطلبها الآباء الأصليين. فالمتطلبات القانونية والإجرائية للآباء المتبنيين تختلف من ولاية لولاية، ومن وكالة لأخرى. إذ أنه من حق كل وكالة وضع المعايير الخاصة بها، لكن في العموم يضع الجميع متطلبات عامة متشابهة، وغالبا ما تتضمن الاستقرار المادي، وألا يقل عمر المتبني عن 21 عاما، واختبارات طبية، والأهم من ذلك التعهد والاستعداد لقبول الطفل وحبه ورعايته حتي يبلغ.

حقوق تبني المثليين جنسيا
أما الجدل الساخن الآخر الذي يدور حاليا حول موضوع التبني في الولايات المتحدة فيتعلق بالوضع القانوني لتبني المثليين جنسيا. فقوانين التبني في الولايات المتحدة لا تزال معقدة ودون حل فيما يتعلق بتبني المثليين جنسيا. فبعض السلطات القضائية تسمح لهم بتبني أطفال، في حين لا تسمح سلطات أخرى بذلك. وفي العديد من الولايات تعتمد حقوق تبني المثليين على قرار القاضي، والمحامي، والأشخاص ذوي الصلة بالموضوع. وفي حين يواصل العديد من الثنائيات المثلية من الرجال التبني، فإنهم يواجهون الكثير من التحديات التي لا يواجهها الأزواج المتغايرين جنسيا. ففي أغلب الأحيان يتم إنكار حق المثليين من الرجال في التبني، ليس لعدم كفائتهم أو لأنهم غير مناسبين، وإنما ببساطة لأنهم مثليون. إذ يجادل البعض بأن الأطفال الذين ينشأون بين أبوين من الرجال يكونون أكثر عرضة للوقوع في حيرة بشأن جنسهم. أما بالنسبة للعديدين فإن تلك المسألة تعد من العيوب الصغيرة بمقارنتها بالعيش دون بيت دائم وآمن. ومع عملية التبني الدولي يواجة الثنائي المثلي من الرجال المزيد من المشكلات، حيث لا تتقبل العديد من الثقافات المثليين جنسيا. وبالرغم من المعارضة فإن تبني المثليين يتواصل بشكل كبير ومنفتح أكثر من الماضي. ولتجنب حدوث أي بلبلة إجتماعية فإن العدد الحقيقي للثنائيات المثلية من الرجال الذين قاموا بعملية التبني يبقى غير معروف.

فالناس من جميع العرقيات والأديان والخلفيات الثقافية ما زالوا يناقشون عملية التبني، سواء كانت تتعلق بالمثليين جنسيا، أو التبني متعدد العرقيات، أو التبني الدولي، أو حتى تبني الأقارب. لكن، مرة أخرى السؤال الذي يجب أن يشغل العقول هو ما هي أفضل الفوائد التي تعود على الطفل المتبنى؟