محمد قاسم من بغداد: في العراق لاتزال بعض المهن الشعبية القديمة موجودة ومستمرة ومحافظة على حلتها الشعبية وعلى زبائنها دون انقطاع رغم كل ماجرى من تدهور في اغلب مفاصل الحياة في هذا البلد ، ومن ابرز هذه المهن القديمة هي (بيع القيمر) او مايُسمى بـ(قيمر عرب) وهو قشطة الحليب التي يعتاش منها الكثير من الكسبة من الرجال والنساء على السواء اذ يعرف كل العراقيين هذا النوع من القيمر الذي هو مشتقات الحليب.

اعداده يتم في البيوت بدلا من المعامل ورغم ان كل الزبائن يعرفون ذلك وما قد تتخلل طريقة اعداده لكن الاقبال علية مستمر دون انقطاع حتى الان. وهو وجبة دسمة جدا قد تتسبب بارتفاع نسبة الكولسترول في الدم. لكن ماتعود عليه العراقيون من الصعب تغييره فاكرام الضيف وابراز كرم المضيف لايكون في الصباح الا بصحن كبير (صينية) من القيمر. ويؤكل عادة مع الشاي. ووفق راي الاطباء فان هذكذا وجبة تضر اكثر مما تفيد الجسم اذ يتسبب شرب الشاي مع الاكل بفقدان معظم العناصر التي قد تفيد الجسم خاصة عنصر الحديد.

وتنتشر بائعات القيمر في مدن الجنوب وفي المناطق الشعبية في العاصمة بغداد التي ينحدر سكانها من جنوب العراق بسبب اعتماد صناعة القيمر على حليب الجاموس التي ماتزال بيوت عدة في اطراف العاصمة تحتفظ بمجمعات منها لكسب قوتها. لكن بعض البائعات يعتمدن على الابقار في صناعة القيمر لكن سمك القيمر ونسبة الدسم فيه تكون خفيفة. ولايكتفين ببيع القيمر وحده عادة انما في النهار والمساء يبعن اللبن الرائب. حتى سمين احيانا ببئعات الروبة. واشتهر المعدان بذلك. وهم المنحدرون من عمق اهوار العراق.

وانتشرت بائعات القيمر الى بقية مناطق بغداد فباتت كل كراجات النقل وتحمعات العمال لاتخلو من بائعة او بائعات القيمر. وقد ذهبت بعض البائعات ضحايا التفجيرات في بغداد خاصة التي حدثت في وقت الفجر.

وقد استخدم ناظم الغزالي كلمة القيمر في اغنيته يا ام العيون السود حين يقول خدك القيمر وانا اتريك منه اي انه يتناول طعام فطوره من خد معشوقته التي شبه خدها بالقشطة اي القيمر.

ولا يخلو اي قطاع او محلة في اي منطقة في العراق من بائعة للقيمر حيث ان اكثر من 90% من بائعي القيمر هم من النساء كبيرات السن ويتواجدن قرب المخابز والافران ويعتبر (القيمر والمربى) وجبة فطور معروفة ومرغوبة جدا لدى الجميع ، و يتواجدن قرب المراقد المقدسة في النجف وكربلاء والكاظمية حيث الزوار الذين يباتون هناك يفضلون القيمر صباح كل يوم.
ومن العادات الشعبية المعروفة لدى العراقيين ان يقدم القيمر كوجبة فطور للشباب المتزوجين في الايام الثلاثة الاولى من الزفاف.

وعند تجوالنا على بعض بائعي وبائعات القيمر لاحظنا بعض التباين في النوعية والاسعار ولم نجد توافقا بين رأيين فكل منهما يعتبر بضاعته هي الافضل والاطيب من غيره ، كما ان بعضهم يتهم غيره بالغش!!! لكنهم يجتمعون في امر واحد وهو ان القيمر طيب ولذيذ لدى الجميع.

((ابو عبد)) يبيع القيمر منذ زمن وهو من سكنة مدينة الصدر يقول انه يشتري الوجبة اليومية من مدينة الكاظمية وبالتحديد من (سوق الملحاني) المعروف حيث يصل سعر الصينية الى (40000) اربعين الف دينار مايعادل 30 دولارا.

اما (ام علي) فهي من خلال الجاموسة التي تملكها تعمل القيمر في بيتها وتبيعه في اليوم التالي وهكذا وهي تبيع كل الوجبة صباح كل يوم لتتهيئ لوجبة اليوم التالي.

(ام لطيف) ايضاً تعمل القيمر في البيت وتبيعه مباشرة الى الزبائن صباح كل يوم وبعد الساعة الثامنة صباحا تكون قد اكملت بيع كل الوجبة من قيمر العرب وتقول مامضمونه: يوجد بعض الباعة يجلبون القيمر المغشوش الذي هو عبارة عن طبقتين خفيفتين من القيمر وفي منتصفهما جبن ويُسكب عليهما الحليب ليكون وكأنه قيمر ثخين الذي يفضله الزبائن اكثر من القيمر الخفيف.

التحقيق منشور في ايلاف دجتال يوم الثلاثاء 25 نيسان 2007