بهية مارديني من دمشق: يعتبر التحرش الجنسي ظاهرة عالمية ، ولاتقتصر على كون المرأة من ضحاياها ، وتتراوح حالات التحرش بصورة عامة بين التحرش الشفاهي (الكلامي) والإلحاح في طلب لقاء وطرح أسئلة جنسية أو نظرات موحية إلى ذلك ثم تتصاعد ربما إلى اللمس والتحسس وغيرها من السلوكيات، وهذه الظاهرة تقابل بسكوت اجتماعي مريع من قبل الضحية ومن حولها، وبعدم اكتراث من قبل المؤسسات وعدم صدور أحكام رادعة ضد المعتدي ، فماذا عن رأي النساء السوريات بتلك الظاهرة وبتقصير المجتمع بحقهن في اتخاذ العقوبات الاقسى ؟ وماذا عن رأي الشباب في تحميل المسؤولية عن التحرش؟ .
كان للنساء الجانب الاكبر من تحقيقنا ، وهالنا العدد الكبير من الحالات اللواتي تعرضن للتحرش خاصة انهن تشجعن للكلام عندما عرفن اننا سنغفل اسمائهن الكاملة ، كما فاجأتنا طرق جديدة للتحرش:
ثناء 37 سنة (مهندسة): التحرش الجنسي أصبح ظاهرة مستفحلة لا يمكن السكوت عنها وهناك تقصير في كافة الجوانب سواء من الدولة أو المؤسسات في عقاب الشخص المعتدي سببه أيضاً المجتمع الذي يتربى فيه الجنسين معزولين عن بعضهما البعض... مجتمع بنظر فيه الذكور إلى الإناث على أنهن طرائد ووجبات شهية لكنها محرمة وتحريمها يزيد من شهيتها، مجتمع تتصرف فيه النساء على أنهن فرائس يجب أن تتلفت يميناً ويساراً وتخاف من كل شارع فارغ أو زاوية معتمة.. كل هذا منبثق من فقدان الوعي والتخلف فكرياً ونفسياً، وحرمان الفتيان والفتيات من الاختلاط بحجة أنه حرام وعيب والمجتمع برمته مذنب ومقصر بحق أبنائه إذ أن لقاء صبية وشاب جريمة والكلام بينهما جريمة والعشق جريمة والغرام خطيئة مميتة، لماذا لا نربي أبناءنا على التعايش بشكل طبيعي وعلى أنهما جنسين مختلفين عضوياً فقط ومتشابهين بكل ما تبقى إذا يجب البدء بإصلاح المشكلة من جذورها.
رانيا 24 سنة (طالبة جامعية): تعد مواقف المدارس والشوارع المحيط بها من أكثر المناطق التي تكثر فيها حوادث التحرش غير الأخلاقي بالفتيات، عن طريق إطلاق الكلمات المشينة عليهن وتصويرهن بكاميرا الجوال لمحاولة استفزازهن مع مجموعة من الشباب الذين يستقلون السيارات وتتكرر هذه المواقف يومياً تقريباً الأمر الذي يكسر في نفس الفتاة الإحساس بالأمان، ولا تستطع البوح لأهاليها بذلك خوفاً من اللوم والشك بأخلاقها، وكأن الفتاة أصبحت المسؤولة الأولى والأخيرة عن تلك القضية وهذا ظلم بحق المرأة، ويتعدى التحرش الجنسي الشوارع والمرافق العامة إلى الساحات الإلكترونية حيث تتعرض المشاركات في المنتديات بأسمائهن الصريحة إلى مضايقات من خلال إرسال الصور الإباحية على بريدهن الإلكتروني، مما يسبب لهن حرجاً بالغاً.
سها 32 سنة (موظفة): المرأة الموظفة تتعرض أكثر من غيرها للتحرش سواء من الشارع أو الوظيفة ودائماً المرأة في نظر الرجال فريسة يحاول الإيقاع بها بشتى السبل ومشكلتي أنني كنت أتعامل مع زملائي بشكل إنساني ولطيف ..مما عرضني ذلك إلى أكثر من موقف يحاول البعض منهم استدراجي والتلميح بكلمات غير مقبولة أو تصرفات غير لائقة ظناً منه أنه وحده من أعامله بلطافة فالمرأة تنتهك حرمتها الوظيفية وخصوصاً في الوظائف الخاصة التي يكون فيها صاحب العمل هو المتحكم بلقمة عيشها وينظر لها على أنها بحاجة إلى العمل والنقود وانها ستفعل أي شيء لتحصل عليها وينظر لها على أنها سلعة عنده أو مجرد أداة يتحكم بها كيفما يشاء من خلال المرتب او الهدايا فيبدأ بالتحرش بها ومضايقتها وكثيراً من ألأحيان يصل إلى أبعد من ذلك حسب الفتاة طبعاً وحسب تربيتها، فمنهن من تجاريه ومنهن من يقطع لها رزقها لأنها لم تبادله تفاهاته ومنهن من تنزلق علما بانها كانت انسانة جيدة ولكن....
مروة 35 سنة (موظفة): كثير من الرجال يستغلون علاقاتهم الوظيفية بالنساء لإرضاء غرورهم الجنسي ويعمدون إلى ذلك بشتى الأشكال سواء بنظرة أو بالكلام أو بالتلميح أو بالنكات أو محاولة إقامة علاقة مع زميلته وسببها فشل التنشئة الأخلاقية الدينية السليمة لأبنائنا من كلا الجنسين أيضاً تقع على المرأة مسؤولية كبيرة بسبب سكوتها لأنها لا تود الفضيحة أو تساهم بتوليد الشائعات حولها، والتحرش الجنسي في الوظيفة يكون دائماً في البداية من قبل الرجل عبارة إعجاب بسلوك زميلته أو جمالها ثم التحدث معها في همومه الشخصية وحين تتقبل المرأة تلك المبادرات يدرك أن هذا التقبل أو الصمت علامة مشجعة نحو السلوكيات التحرشية التي تلي ذلك.
لينا 30 سنة (موظفة): رغم ممارسة المرأة لحقها في العمل والسعي لمساواتها مع الرجل إلا أن النظرة لها كأنثى لم تتغير، وأصبحت تدفع ثمن أنوثتها في كل أدوارها الاجتماعية فالمرأة العاملة تتعرض للعديد من مظاهر العنف الموجهة سواء من صاحب العمل والأسرة والمجتمع، وللأسف الشديد أنا من ضحايا هذا التحرش أكثر من مرة (لأن الله أعطاني قدراً من الجمال) في المرة الأولى عملت أثناء دراستي في مكتب هندسي وبيني وبين نفسي قلت أن صاحب العمل مثقف وراقي وان المكتب محترم لا يمكن أن يصدر عنه أي تصرف في البداية وفوجئت عندما طرد الفتاة التي كانت تعمل قبلي ، وبعد 3 أيام من العمل بدأ ينادي علي إلى مكتبه ويضع لي أشرطة رقص شرقي ويتكلم عن زوجته كلام احمر وجهي خجلاً منه وكثيراً ما كان يصرف (الولد) الذي ينظف المكتب ويعمل الشاي والقهوة، مرة وقع فنجان القهوة الساخن على يدي ذهبت لأغسل يدي وفوجئت به كما لو أنه وحش كاسر أمسك بيدي وبدأ يقبلها وأنقض علي كأنني فريسة بين يديه ، كان الموقف صعب جداً لكن الحمد لله أنني تصرفت بحكمة قليلاً فطلبت منه الهدوء وبأنه سينال ما يريد لكن ليس هكذا وبدأ بالتكلم والتوسل وبأنني أعجبته ويريدني زوجة ولا يستطيع التحمل... فتصرفت بهدوء حتى جمعت أغراضي ووصلت إلى الباب وهربت بسرعة دون أن ألتفت ورائي مسرعة إلى الشارع. هذه الحادثة لن أنساها طوال حياتي لما تركته في نفسي من آثار اعتقد أني ما زلت أعاني منها حتى الآن.
مها (38 سنة): التحرش الجنسي في العمل مشكلة خطيرة لا أحد يأخذها بعين الاعتبار وجريمة كبيرة بحق المرأة وتحدث كل يوم ملايين المرات في الوظائف والمرأة في كثير من الأحيان تجد نفسها بين الأمرين الحاجة إلى العمل من جهة ووجود رجال ضعاف النفوس في محيطها الوظيفي يقفون في طريق عملها وعفتها ويضغطون على أعصابها وتقف حائرة هل تترك العمل؟ أو تشتكي المتحرش. وإلى من وكيف ستثبت صحة شكواها وماذا سيتكلم الناس عنها والأخطر من التحرش داخل المؤسسات هو استقطاب الفتيات وجذبهن إلى سوق العمل (كمندوبات للمبيعات) فأنا أعرف ابنة زميلتي عمرها 19 سنة عجزت عن تأمين وظيفة وظروف أهلها صعبة وذهبت عن طريق جريدة إعلانية إلى العمل في إحدى الشركات كمندوبة تجول على الشركات وعلى المنازل لبيع منتجات الشركة التي تعمل بها وإحدى المرات طرقت باب إحدى المنازل وإذا بشاب يفتح الباب بنصف لباسه ويدعوها الدخول على أن زوجته في الداخل ترددت الفتاة وعندما سمعت صوت امرأة يصدر من الداخل تشجعت ودخلت جلست أكثر من عشر دقائق ولم تظهر المرأة وفوجئت بالشاب يقترب منها ويسمعها كلام بعيد عن الأدب وبعد ملاطفتها عرض عليها إقامة علاقة معه وحين رفضت بدأ ينهال عليها بالشتائم بعدها تركت العمل لكنها رفضت أن يسمع أحد بقصتها سوى أمها التي فضلت كتمان القصة خوفاً على سمعة أبنتها.
أما الشاب رامي (طالب جامعي)فكان رأيهquot; ان (التلطيش او المعاكسات الكلامية ) إذا كان كلمات حلوة لا يمكن اعتباره تحرش يؤذي الفتاة بل على العكس أحياناً يفرحها هذا الإطراء أما التلفظ بكلمات بذيئة هو قلة أدب وقلة تربية، وتساءل لماذا نلوم الشاب فقط ولا نلوم الفتيات اللاتي يتبعن كافة أشكال الإغراء سواء باللباس وإبراز المفاتن أو الحركات المثيرة للشاب مما يدفعه إلى التحرش أو في حالات كثيرة تتحرش الفتاة بالشاب من خلال نظراتها أو بعض الإيحاءات فيجاريها هو، لو أن الجامعة ألزمت الطلاب كافة بتوحيد اللباس لخففت من تلك المشكلة ومن تلك المناظر التي تكون في كثير من الأحيان غريبة وملفتة، فالفتيات يتبارين من خلال زينتهن ولباسهن وعطورهن في لفت أنظار الشباب كما لو أنها تدعو الشبان للتحرش بها والنظر إليها فمن المسؤول هنا أليست الفتاة، طبعاً هناك حالات معينة يكون الشاب بالأصل مريض نفسياً يلجأ إلى أشكال غير مقبولة في التصرف تجاه الفتاة ، ولكن في معظم الحالات فتش عن المرأةquot;.
التحقيق منشور في ايلاف دجتال يوم الاربعاء 16 مايو 2007
التعليقات