جوناثان الينمن فاراناسي (الهند): حين ينزل الضيف في فندق موكتي بهوان يمنح مهلة مدتها أسبوعان ليفارق الحياة او يطلب منه بأدب.. مغادرة المكان. يقع النزل الصغير على مقربة من نهر الجانج في مدينة فاراناسي الهندية وهي المحطة الاخيرة لمسنين هندوس يأملون ان تنتهي حياتهم قريبا على واحدة من مئات المحارق التي تضرم فيها النار على ضفة النهر يوميا.

ويقول بايراف ناث شوكلا المدير البشوش للنزل أحد عدة أماكن تؤوي من يأتون للمدينة للموت quot;مثلما يحتفل بقية العالم بحياة جديدة عند ميلاد طفل نحتفل نحن بالموت.quot;

ويعتقد الهندوس ان الموت في فاراناسي ونثر رفاتهم في نهر الجانج يسمح لارواحهم بالهروب من دورة الموت والبعث وتحقيق quot;الخلاصquot;.

ويمكن ان تكون الفنادق ودور الضيافة التقليدية باهظة التكلفة لمن يقومون برحلة الحج الاخيرة للمدينة ويشير شوكلا الى ان معظمها لا يرحب بضيوف يحتضرون لا ينوون مغادرة الفندق أحياء.

ويوجد في موكتي بهوان او quot;بيت الخلاص quot; 12 غرفة قديمة بلا اثاث تحيط بباحة في مبنى مشيد من الطوب الاحمر قبل مئة عام.

ولكن المشهد أبعد ما يكون عن الهيبة.

يقول شوكلا quot;هنا نشهد الموت والعويل والفوضى في كل يوم. اذا أين الخوف.. ستكون هناك حياة اخرى بعد ذلك (الموت) لذا ليس هناك ما يدعو للخوف. البكاء نوع من الحماقة.quot;

في احدى الحجرات يجلس نارايان على الارض ويقوم بتحمير فلفل علي موقد متنقل بينما تبكي ابنته الرضيعة بسبب الدخان وبالقرب منه تستلقي والدته مانورما ديفي (80 عاما) على قاعدة خشبية فاقدة للوعي وتتنفس بصعوبة.

ويضيف quot;انه كبر السن. عاشت حياة طويلة فلماذا احزن quot;كاشي ( فاراناسي) مكان مهم جدا. مكان توجد به المعابد. يسعدني ان تموت هنا.quot;

وتسدد اسرة ديفي فواتير الكهرباء والطعام فقط. أما الاسر الاشد فقرا فتقيم مجانا.

وفي النزل لا يوجد اطباء أو ممرضات او خزانات أدوية ولكن يوجد أربعة رهبان هندوس يصلون على الموتى.

ويتوفى بين 30 و70 شخصا هنا كل شهر ولكن اذا لم يمت الضيف في غضون أسبوعين من وصوله.. يطلب منه عادة افساح المجال لغيره.

وفي أوقات ازدحام النزل يسمح شوكلا لمن ينتظرون الموت بالاقامة في مكتبه واحيانا يلغي شرط الاسبوعين حين تقل اعداد الوافدين.

وليس هناك علم دقيق يتنبأ بموعد الموت مما يجعل اختيار موعد السفر للنزل موكتي بهوان نوعا من المقامرة.

وقال شوكلا quot;يأتي الناس على امل ان يكون اجلهم قد دنا ولكن في بعض الاحيان لا يصدق التوقع ويجدون أنفسهم في ورطة.quot;

فقد بدأ القلق ينتاب اسرة رام بوج باندي اذ يرقد المدرس السابق (85 عاما) من قرية بولاية بيهار الشرقية على ارض غرفته منذ عشرة ايام.

وعلى عكس الضيوف الاخرين لا يزال واعيا رغم ان لم يعد قادرا على الكلام ويتحرك بصعوبة بالغة.

ويحملق بعينيه الزائغتين في اي شخص يدخل الغرفة ويبتسم بصعوبة ويتساقط الطعام المهروس من فمه بينما اصبح جسمه مثل هيكل عظمي.

ويقول دايا شانكار اكبر ابنائه الذي سيضرم النار في المحرقة عندما يحين اجله quot;أتينا به هنا بعدما فقد الاطباء الامل في علاجه.quot;

واضاف مشيرا ليده المتورمة quot;فقدت يده اليمنى الحياة بالفعل.quot;

ولكن اذا لم يفارق ابوه الحياة خلال الايام القليلة المقبلة فسيكون عليه اعادته لقريته بالقطار لان الاسرة لا يمكنها الابتعاد عن المزرعة كل تلك الفترة.

ويضيف ان من المؤسف للغاية ان تفوت اباه فرصة ان يقضي نحبه في فاراناسي.. ولكنه ربما يحصل على فرصة اخرى في نهاية حياته التالية.

لقراءة تحقيقات اخرى في ايلاف