بهية مارديني: مع تلاشي العواطف التدريجي وطغيان المادة على مجتمعاتنا بدأت مفاهيم كثيرة بالانقراض ، وعذرا للتعبير، ان سألتم اصحاب المكتبات سيقولون لكم ان كتب الشعر لا احد يقتنيها ولا احد يقرأها ، والناس انشغلت وسط طاحونة الحياة وأخذت تلف معها.

متى اخر مرة استمعنا الى مقطوعة موسيقية حالمة وحلقنا في اجواء وردية ، ومتى اخر مرة همسنا قصيدة رومانسية او هُمست لنا في صدق ، ولانه هنا لا مجال للرأي الشخصي في الحب الانجرافي ،ان صحت الكلمة، والحب الطاغي من النظرة الاولى ، سنفرد الاراء الى اعمار مختلفة الذين انقسموا بين مؤيد بان هناك حب من النظرة الاولى ومعارض يضرب عرض الحائط بكل مفاهيم وتعابير الحب في مجتمع يغلب عليه الماديات ورأي يميز بين الحب والارتياح.

مؤيدون

ربا (طالبة جامعة): النظرة الأولى في الحقيقة تكون وسيلة تقارب أولية وهي بداية الطريق بين الطرفين، ويحدث الحب من النظرة الأولى كما تحدث الشرارة الكهربائية عندما يتلاقى نظر الطرفان ببعضهما، ويحدث بينهما نوع من التخاطر وبعدها يمكن أن يتطور إلى الحب أو لا، لكن هذه النظرة مهمة جداً في العلاقة وإذا لم يقع الشخص في الحب من النظرة الأولى فلن يأتي بعدها أبداً بهذه القوة وألم تسمعوا بالمثل القائل (نظرة فابتسامة فكلام...).

ثائر (طالب جامعي): أنا أؤمن بالحب من النظرة الأولى، نحن بشر وقلوبنا تخفق وتحب وتبقى مسالة نسبية فإذا كان الشخص نيته الكذب على نفسه وعلى الطرف الآخر يصبح فعلاً وهم، وإذا كان مستعد للحب يصبح هذا الحب حقيقي، فكثير من قصص الغرام والحب الحقيقي اعتمدت على النظرة الأولى أقرأوا عن الحب العذري وهو أنبل أنواع الحب وأرفعها وقد اعتمد فقط على النظرات فمن يستطيع تكذيبه الحب هو الحب لكن الأشخاص هم من يضفون عليه صفة الكذب وصفة الصدق وأنا أريد أن أحب حبيبتي من النظرة الأولى لا أريد أن أجعل أختي أو أمي تبحث لي عن زوجة وأم أولاد وأنتظر حتى يأتي الحب بعد الزواج.

ليدا (طالبة جامعية): حياتنا كلها حب والحب من النظرة الأولى موجود، لا يستطيع أحد أن ينكر ذلك والدليل أن معظم المتزوجين يأخذون بعضهم عن حب لنسأل كيف أحبوا بعضهم الم يقع الحب من النظرة الأولى ثم تطور وانتهى بالزواج إذاً النظرة الأولى هي أساس الحب وليست وهم لكن تكون وهم في مراحل معينة كالمراهقة مثلاً عندما يكون الشاب أو الفتاة لا يميزون بين الحب والمشاعر العابرة فهم يريدون فقط تجريب ما يسمى حب وتجريب مشاعر داخلهم وكما يوجد حب من النظرة الأولى هناك نفور من النظرة الأولى ويمكن أن تحب شخص مجرد أن تقع عينيك عليه، ويمكن أن لا تطيق شخص منذ أول نظرة فالعين والقلب تتقاسمان المسؤولية إلا أن للعين الدور الرئيسي في اندلاع الحب، وهذا لا يعني أن الحب لا يأتي دائماً إلا عن طريق النظرة الأولى، لكن في مطلق الأحوال الحب قادر على صنع المعجزات، وعندما يكون وهم وخيال تنتفي عنه صفة الحب، لذلك يجب أن نملأ حياتنا بالحب.

معارضون

عادل (مدرس): هذا الحب ليس موجود وهي كلمة أخذت من الأفلام والمسلسلات وكذبة تمر كالطيف لكن يقنع الناس أنفسهم بها وخصوصاً الشباب في مرحلة المراهقة، فعندما يقع الشاب نظره على فتاة جميلة ينجذب لها ويعجب بها ربما لوجهها أو لحركاتها أو قوامها فيعتقد أنه عثر على فتاة أحلامه الذي يبحث عنها منذ أن ولد، يقترب إلى الفتاة وتنشأ بينهما علاقة عاطفية يحاولان إقناع نفسيهما بها لكن ما يلبث هذا الحب المبني على أساس النظرة الأولى أن يتلاشى ويشعر عندها الشاب أو الفتاة أنه تلقى طعنة أو أنه خدع بمن أحب وهكذا يستمر بخداع نفسه حتى يصل إلى مرحلة البلوغ عندها يبحث عن الحب العقلاني.

رشا (طالبة جامعية): في هذا الزمن لا يوجد شيء أسمه حب لا من النظرة الأولى ولا غيرها فأصبحت المصالح هي السائدة والتبرج والإثارة و التميز حتى لو بأشياء جنونية هو السائد لذلك لا يوجد شيء أسمه الحب إنما خداع ووهم قبل نسمع بقصص وحكايات ينفطر لها قلبك وتحس بأن (الحب) كلمة كانت تعاش قبل زمن وليس الآن ونتمنى أن نحصل عليها لذلك نقنع أنفسنا بأن تلك المظاهر كلها هي الحب إنما بالعكس الحب يتغلغل في القلوب وليس نظرة سطحية كالغبار بمجرد أن يهب النسيم لا ترى أثر له ولا نقول أن الحب على أساس العقل يخلو من العاطفة إنما يكون ممزوج بالحب ويكون عندها أقوى بكثير من خداع أنفسنا.

منطقة وسطى

مجد (طالب علم اجتماع): يجب التمييز بين الحب والارتياح فليس كل من ترتاح له معناه أننا نحبه، الحب شيء والارتياح شيء آخر لكن الحب يأتي بعد الارتياح لشخص والنظرة الأولى لها دور في كل شيء فأنت ممكن أن ترى منزلاً لا تحبه من النظرة الأولى أو تريد أن تشتري (قميص) ممكن أن يعجبك من النظرة الأولى وتبحث في السوق كله حتى لو رأيت أجمل منه لكن يبقى في ذهنك، لكن لا نستطيع إنكار الارتباط الوثيق بين النظرة وبين الحب.

والحب عاطفة وعقل فالعقل بدون عاطفة جمود والعاطفة بدون عقل تهور وطيش، لكن في الحب نحن لا نختار إنما القلب والمشاعر هي التي تختار بعدها نحن من نتحكم بمشاعرنا أو نتركها على هواها لكن بدون حب لا تستمر الحياة (فالله حب).

التحقيق منشور في ايلاف دجتال يوم الجمعة 16 حزيران 2007

لقراءة تحقيقات اخرى في ايلاف