بعضهم يظن الشيشة من طقوس العبادة
كيف يعيش الأجانب شهر رمضان في الإمارات

ايلاف من ابو ظبي: تثير الطقوس الاجتماعية المصاحبة لشهر رمضان، مشاعر متضاربة لدى الاجانب في دولة الامارات. ففيما يعني الشهر لفئة العمال غير المسلمين تقليصا لساعات العمل وتوفيرا في المصاريف المعيشية بسبب موائد الرحمن التي تنتشر في مناطق مختلفة من مدن الدولة او بسبب الولائم الخاصة التي يقيمها الموسرون لهم في اماكن عملهم، ينظر اصحاب الاعمال منهم الى الشهر الكريم كشهر يتباطأ فيه ايقاع الحياة وتختلف فيه المواعيد مع ما يعنيه ذلك من ارباك وتأخير للاعمال التي ينفذونها او تلك التي جاءوا من اجلها.


وباستثناء العمل الروتيني اليومي الذي تنظمه قرارات ومواعيد تتحدد مع بداية الشهر الكريم، فإن الاعمال والانشطة الرئيسة التي تتطلب حضور الصف الاول من القيادات تكاد تصاب بالشلل، فهذة القيادات تؤجل كل ارتباطاتها ومواعيدها لما بعد الافطار بل الى ساعة متأخرة من الليل وهو ما ينسحب تأثيره على قطاع كبير من المرؤوسين. وتكر السبحة ونجد اننا في بعض الاحيان امام انقلاب كامل في الحياة حيث يصبح ليل البعض نهارا ونهارهم ليلا طوال الشهر و يصبح الصيام عذرا مقبولا للتحلل من المواعيد او تأجيل الالتزامات.


ويبدو ان الاجانب بدأوا يتكيفون مع هذا الواقع الاجتماعي الذي يفرضه شهر رمضان. فبعضهم وخاصة اصحاب الاعمال وطن نفسه على اعتبار الشهر اجازة بكل ما في الكلمة من معنى وتجده يشد الرحال منذ اليوم الاول والى ما بعد عيد الفطر فيذهب اما في اجازة لوطنه او لمنطقة قريبة جغرافيا كان يتطلع دوما لها ولم يكن يجد وقتا لزيارتها كالهند او تايلاند او ماليزيا وغيرها من الدول الاسيوية القريبة ، فيما يجد البعض الآخر ممن لايجد فرصة للسفر مجالا اوسع لانجاز اعمال خاصة مؤجلة او القيام برحلات داخلية كزيارة بعض الاماكن الاثرية وممارسة رياضات محلية مثل ارتياد نوادي الجولف التي يصل تعدداها في الامارات الى اكثر من عشرة نواد أو القيام برحلات السفاري الصحراوية او التزلج على الرمال أو غير ذلك من الانشطة التي لم يكونوا يجدون وقتا كافيا لها.


وبخلاف هؤلاء ينساق آخرون وراء هذا الجو ويصبحون جزءا منه، بحيث يؤجل البعض منهم مواعيده ولقاءاته الخاصة بالعمل الى ما بعد الافطار. حيث يجدون ان لمواعيد الليل التي تبدأ مع الافطار وتمتد الى ما بعد السحور، ميزة لايجدونها في الايام العادية. خاصة وأن معظم المواعيد تتم في منازل المسؤولين وعلى موائد العشاء مما يعطي لها جوا حميما ويسهل حل المشاكل المستعصية.


وبين هؤلاء وهؤلاء فإن الصف الثاني من الاجانب يقضون وقت الفراغ الاضافي الذي ينتج من تقليص ساعات العمل او نتيجة تباطئه في ممارسة هوايات عديدة ابرزها الرحلات البحرية والصيد. وحسب بعض الاجانب فإن الشواطئ العامة في رمضان لها عن باقي ايام السنة ميزة تتمثل في خلوها من الفضوليين الذين يفسدون خلوات البعض ويعتدون على خصوصيتهم.


ولايوجد تقدير للثمن الذي تتكبده المؤسسات نتيجة انخفاض وتيرة العمل خلال هذا الشهر.لكن دوام الشركات ينخفض بالاجمال حوالى الساعتين،فإذا ما تم ربط هذا الوقت بعدد المشاريع الضخم الذي يجري تنفيذها في مختلف المناطق سندرك ان كلفة التغيير في رمضان كلفة عالية وقد تصل الى عدة مليارات
وتغيير المواعيد والتهاون في الالتزام بها ليس هو المظهر الوحيد الذي يشعر به الاجنبي المقيم. فالى عهد قريب كان اغلاق المطاعم والمقاهي في اثناء النهار مصدر ارباك للعديد من الاجانب خاصة اولئك الذين لايصحبون معهم عائلاتهم. وكان كثير منهم يضطر للامتناع عن الطعام لا احتراما للتقاليد ولا التزاما بالضوابط بل لانه لايجد مكانا قريبا من عمله يتوفر فيه الطعام. وقد تكيف العديد من الاجانب على تناول وجبة واحدة هي وجبة الافطار.وكان يمكن ملاحظة ذلك من عدد الاجانب الذين يرتادون المطاعم في موعد الافطار.


وفي السنتين الماضيتين اصبحت الاجهزة التي تراقب مدى الانضباط في رمضان اكثر مرونة. فالمطاعم والمقاهي التي كانت تغلق في فترة النهار،اصبح مسموحا لمعظمها العمل كالمعتاد شرط اسدال ستارة تحجب الرؤية عن المارين بجانبها، واصبح بمقدور شريحة واسعة من الموظفين والعمال الاجانب العاملين في المجمعات التي يعيق الازدحام المروري الموظفين في هذه المجمعات من العودة الى منازلهم في فترة الظهيرة والعودة الى المكتب بعد الظهر.


والتغيير لم يقتصر على المطاعم فقط بل طال ايضا موضوع المشروبات الروحية التي كانت الفنادق تمتنع عن تقديمها في مطاعمها وحاناتها طوال شهر رمضان المبارك،اذ اصبح مسموحا بها للاجانب في فترة ما بعد الافطار. وتقول المصادر الفندقية ان السماح بفتح المطاعم او تقديم المشروبات وان لم يغط التراجع في نسب اشغال الفنادق الا انه ساهم في تعزيز نشاط تنظيم الرحلات السياحية الاجنبية الجماعية خلال شهر رمضان. فالاجانب يحصلون على اسعار اقل للغرف مما شكل حافزا لهم لزيارة الامارات في هذه الفترة بمستويات تعوض من تراجع اعداد القادمين من رجال الاعمال الذين يشكلون عادة النسبة الاكبر من السياح والمصدر الاعلى من الدخل.


وبغض النظر عن الضريبة التي يدفعها الاجانب خلال شهر رمضان فان هناك عددا غير قليل منهم ينساق وراء الاجواء الاحتفالية التي يمتاز بها الشهر الفضيل فنرى كثيرا منهم يرتادون الفنادق والخيم الرمضانية والمقاهي الشعبية لتناول المشروبات والاطباق الرمضانية التقليدية او تدخين النارجيلة التي يظن البعض منهم لفرط انتشارها انها جزء من طقوس العبادة في هذا الشهر.