مدينة خروننكن الهولندية طبيعتها الخلابة تجعل الجميع مرحين وطيبين

صلاح حسن من خروننكن-شمال هولندا: على العكس من المدن الهولندية الكبيرة يتمتع سكان مدينة خروننكن الشمالية بمزاج مرح وروح منفتحة طوال أيام السنة. وقد يستغرب البعض عندما يسمع كلمة quot; طوال أيام السنة quot; لأنه سيظن أن سكان هذه المدينة طيبون في أوقات معينة وسيئون في أوقات أخرى.

بيوت عائمة

لكن الحكاية ليست كذلك، اذ إن المعروف عن الهولنديين والأوروبيين بشكل عام وبسبب المناخ البارد والممطر دائما أنهم لا يكلمون بعضهم بعضا كثيرا ولا يكون مزاجهم مؤاتيا في مثل هذه الأشهر القارصة البرد. لكن سكان خروننكن يتمتعون بمزاجهادئ دائما، في الشتاء البارد أو في الصيف المعتدل وهذه ميزة تجعلهم لطيفين مع الجميع ومنفتحين إلى أقصى درجة ممكنة. هذه هي الحكاية.

أنشئت مدينة خروننكن قبل ألف ومائة سنة تقريبا اذ إنها كانت قرية صغيرة تابعة لمدينة درنته وتشكل مع بعض المدن الصغيرة مقاطعة فريزلاند التي توجد فيها كميات من الغاز الطبيعي ما يجعلها مقاطعة ثرية. تمتاز مدينة خروننكن بطبيعة ساحرة للغاية خصوصا في الصيف حيث تنضج الحقول بخضرواتها والزهور بألوانها المبهجة وحقول القمح والذرة التي تحصد لتشكل لوحة رائعة من الألوان المدهشة. أما ريف المدينة فيعد جنة حقيقية حيث الخضرة بهامونيتها حاضرة في كل مكان وحيواناتها التي تتوزع الحقول العامرة المفتوحة على الأفق الأزرق الذي يشكل مع هذه الحقول وقنوات المياه منظرا لا تمله العين.

توجد في هذه المدينة متاحف كبيرة تحتفظ بتراثها العريض الذي يتوازى مع نشوء المملكة الهولندية التي قامت في العام 1200 بعد مشاركة الأسطول الهولندي بحملة لغزو مدينة دمياط المصرية. ولهذا فهناك مهرجان سنوي ضخم لاستعراض السفن والمراكب القديمة يحضره هواة من كل أنحاء العالم

مسرح المدينة

تمخر به هذه المراكب قنوات المدينة الواسعة قادمة من بحر الشمال. تبدو هذه المراكب للناظر وكأنها عرائس البحر نظرا للتزيين والترميم الذي تحظى به بوصفها كنوزا من القرون الماضية. ولا يكتفي السكان بهذا المهرجان، اذ إن الكثير منهم يتخذ من المراكب العتيقة مقرا للسكن حيث تنتشر هذه المراكب على أرصفة القنوات على هيئة بيوت في غاية الجمال.

وللثقافة والفنون في المدينة اهتمام خاص فلها أيضا مهرجاناتها التي لا تقل أهمية عن بقية المهرجانات، فهناك مهرجان الشعر الذي يدعى له في كل سنة ثمانون شاعرا من كافة أرجاء البلاد ويدعى مهرجان quot; شعراء في حديقة الأمراء quot; وهو من اكبر المهرجانات قاطبة في هولندا. يستمر هذا المهرجان ثلاثة أيام حافلة بالشعر والموسيقى ويعد فرصة طيبة لتلاقي المثقفين القادمين من كل المدن الهولندية. أما الحديقة التي يقام فيها فهي حديقة قديمة يمتد عمرها إلى القرن السابع عشر. الطريف في هذا المهرجان أن الجمهور يفترش الحديقة الكبيرة ولا يحتاج إلى كراس، ومنهم من يستلقي على ظهره فوق الحشائش وهو يستمع إلى الشعراء.

حديقة الأمراء
المتاحف بدورها تستقبل وتستضيف في كل سنة فنون دولة معينة لتقدمها للجمهور من اجل أن يكون فكرة عن فنون هذه الدولة التي غالبا ما تكون دولة غير أوروبية أو دولة بعيدة للغاية ما لا يتاح للجميع رؤيتها أو زيارتها. في المتحف الكبير الذي يتوسط المدينة كان هناك معرض كبير قادم من الصين ويستمر إلى نهاية السنة ليتمكن اكبر عدد من الناس من متابعته.

سكان هذه المدينة اغلبهم من الشباب وذلك لوجود جامعة كبيرة فيها يقصدها الطلاب من داخل البلاد وخارجها وهي جامعة مهمة ومشهورة في هولندا ما يضفي على جو المدينة طابعا من المرح والحيوية والنشاط. يتكلم سكان المدينة اللغة الهولندية والفريسية التي ما تزال سائدة في هذه المقاطعة بالذات لكن المرء لا يسمع اللغة الفريسية إلا نادرا لأنها ليست اللغة الرسمية وغالبا ما تستخدم في البيوت بين كبار السن.

في المدينة عدد من الجزر الصغيرة المطلة على بحر الشمال تشكل جزءا من الطبيعة الخلابة التي تلف المدينة. في هذه الجزر لا توجد سيارات ولا أي معدات ثقيلة ويستخدم سكانها الدراجات الهوائية فقط خوفا من أن تغرق هذه الجزر خصوصا أنها تقع تحت مستوى سطح البحر.