عامٌ على الحرب غزة.. مشردون يصارعون العيش في خيامهم
سناء عليان من غزة: تسابق الحاجة سهيلة أبو ظاهر 53 عاما أصغر أفراد أسرتها المكونة من 4 أشخاص زخات الأمطار، محاولة حفر قناة أمام الخيمة التي باتت مأواهم الوحيد بدلا من منزلهم الذي دمرته إسرائيل في حربها الأخيرة على قطاع غزة، وذلك لتحمي والدتها الهرمة، وشقيقها المعاق من تسرب المياه إليهم وهم داخل خيمة لا تقيهم من برد الشتاء.
بينما تأتي الرياح الشديدة أسرع من الحاجة سهيلة وتقتلع الخيمة المثبتة بالأرض، وتلقي بها إلى مسافات بعيدة، لتبقى العائلة المسنة في العراء، تواجه الرياح وسيول الأمطار، فيما يقوم الرجال المجاورين لهم بحمل المسنين إلى جانب أطفالهم إلى أسفل أنقاض المنازل التي تعتبر الوسيلة الوحيدة للاحتماء بها.
وتعيش آلاف الأسر المشردة في شمال قطاع غزة التي تقطن الخيام بعدما دمرت إسرائيل منازلها ، في ظروف قاسية، حيث لا يوجد مأوى لهم سوى تلك الخيام التي لم تقوى على مواجهة الرياح الشديدة، والأمطار الغزيرة، في الوقت الذي تنتظر فيه إعادة الإعمار مع مرور الذكرى الأولى للحرب.
وقالت الحاجة سهيلة لـquot;إيلافquot; وهي تقف على باب خيمتها تراقب حركة الرياح والأمطار في حي القرم شرق مدينة جباليا شمال القطاع:quot; للمرة الثانية على التوالي نشهد فصل الشتاء ومعاناة الرياح والأمطار ونحن في الخيمة البسيطة التي باتت مأوانا الوحيد، فعندما تتساقط الأمطار، وتشتد الرياح، أحاول تثبيت أوتاد الخيمة بشكل أقوى في الأرض، وأسارع لحفر قناة كبيرة أمام الخيمة كي لا تتسرب المياه داخل الخيمةquot;.
وأضافت:quot; أقضي معظم وقتي في فصل الشتاء على هذه الشاكلة، كي أحمي أمي وأشقائي اللذين لا يستطيعون الحركة، فأمي البالغة من العمر مئة عام طريحة الفراش تعاني من أمراض مزمنة عدة، أما أخي الذي يبلغ من العمر 76 عاماً فهو معاق، بينما شقيقتي الوحيدة البالغة من العمر 63 عاماً فقد أصيبت بالجنون عندما استشهد شقيقي في المحرقة الإسرائيلية بداية عام 2008، إضافة إلى كسر يديها في الحربquot;.
وأوضحت أن قضاءهم لفصل الشتاء في الخيام زاد من مرض عائلتها خاصة أمها التي تعاني من أمراض القلب والسكري وفقرات الرقبة، حيث لا يوجد أي وسيلة لحمايتهم من البرد القارس سوى إشعال بقايا الأشجار المجرفة في المنطقة حي تبعث الدفء إلى داخل خيمتهم البسيطة.
وأشارت إلى أن العائلة تفتقر لأي مصدر رزق، حيث لا يوجد أي معيل لهم بعد أن استشهد شقيقهم، بينما تعيش العائلة على بعض المساعدات التي تقدمها بعض الجهات الخيرية، منوهة إلى أن والدتها تحتاج إلى ما يقارب ألف شيكل (250 دولار) تكاليف أدوية شهريا.
هذا حال أحد الأسر التي تقطن في خيام ٍ منذ ما يقارب عام , أما الحاج أبو خالد حمّاد الذي يبلغ من العمر ثمانية وخمسون عاما متزوج وله تسعة أولاد وثلاثة آخرون متزوجون يعيشون في خيمة quot;كرفانquot; صغيرة حيث أقام أبنائه عريشه صغيرة من quot; النخيلquot;, أمام خيمتهم, في الوقت الذي ما زال أبو خالد يستخدم النار لتسخين الشاي, دمر الاحتلال
الإسرائيلي منزله في حي السلام شرق مخيم جباليا, قال لـ مراسلة quot;إيلافquot; جاء فصل الشتاء وما زلت أعيش أنا وزوجتي وتسعة من الأبناء الصغار وثلاثة آخرون متزوجون وأولادهم معهم في خيمة صغير لا يتسع لان يعيش في داخلها واحدا من أبنائي المتزوجين فنحن نعيش فيه رغم ذلك quot;.
أبو خالد الحاج الطاعن بالسن بدت على ملامحه تجاعيد الكبر ومعاناة الدهر, تساقطت دموعه فهم بمسحها بيده, قبل أن يراها أبناءه الصغار الملتفون حوله قال quot; في الماضي كان لكل واحد من أبنائي غرفة نوم يعيش بها هو وزوجته وأولاده أم الآن بعد أن دمر الاحتلال منزلنا, أصبحنا مشردين ننام على فرشة من الإسفنج ونتغطى ببطانية رديئة ونعاني في فصل الشتاء من البرد القارس وفي فصل الصيف عانينا من شدة الحرquot;.
وبلغة من القهر على ما آل إليه وضعه بعد تدمير الاحتلال منزله, قال على الرغم من الخير والبركة التي تتسبب بها الإمطار وذكرها في مواقف عديدة في القرآن الكريم لقوله تعالى quot; وجعلنا من الماء كل شيء حي quot;, إلا أننا ندعو الله بأن لا تسقط الأمطار هذا العام حتى نستطيع أن نستر أنفسنا في فصل الشتاءquot;, موضحاً أن الوضع المأساوي الذي يعيشونه في الخيام, جعلهم يكرهون الخير الذي يأتي من الأمطار خوفا من إيذائهم quot;.
وقال أبو خالد أن الفلسطينيين في مخيم جباليا ذو كثافة عالية, ونحن دخلنا محدود وكما أننا نعيش حياة مأساوية , فأهلنا الذين يقطنون في منازل أسمنتية هم أيضا يعانون من نقص مواد البناء والغلاء الذي تعيشه غزة منذ أكثر من ثلاثة سنوات فعندما يأتي فصل الشتاء نرمم البيوت فكيف نرممها اليوم حيث لا يوجد في غزة مواد للبناء أو صالحة لترميم المنازل الأسمنتية فلا استطيع أن أعيش عند أخي أو عند قريبا لي بحرية كما كنت أعيش في منزلي المهدم.
وبعزيمة قوية شدد على انه سيستقبل فصل الشتاء القارس بكل ما يملك في كرفانات لأنه يعتبر أن إصراره علي رفض الاقتلاع والتشرد هو إخلاصه وحبه للأرض التي ينتمي إليها.
وبصوت عالي قال الحاج أبو خالد:quot; إذا أردت أن تعشيني فلا تعطيني سمكة ولكن علمني الصيد quot;, وما نطلبه حالياً هو إعادة إعمار ما تم هدمه ورفع الحصار عنا, وطالب أبو خالد من الدول الخليجية والمملكة السعودية خاصة بوقف استيعاب عمال من الدول الأوروبية والأجنبية ليس لهم علاقة بالإسلام, وأن يساعدوا الفلسطينيين.
هذا هو حال الفلسطينيين يستقبلون فصل الشتاء القارس في ظروف صعبة جدا حيث البيوت المدمرة والمنازل التي تحتاج إلي ترميم, فإلى متى سيظل الحال متوقف هكذا.
الصور بعدسة يلاف
التعليقات