كامل الشيرازي من الجزائر: تُعرف منطقة تلمسان الجزائرية (800 كلم غرب العاصمة) وكذا محافظة المسيلة الشرقية (330 كلم شرق)، بسدود وهضبات تحظى شعبية جارفة بين السكان المحليين، بشكل جعل قطاعا واسعا يفضل هذه السدود والهضبات على الذهاب إلى المدن الساحلية ومعانقة البحار والتنعم بالرمال، quot;إيلافquot; تسلط الضوء في هذا التحقيق الموسّع على أشهر هذه الفضاءات.
وتذهب مئات العوائل بكثافة إلى التوجه إلى أعالي مدينة تلمسان و تحديدا بهضبة quot;لالا ستيquot; التي تربط بين المعلم التاريخي للحوض الكبير، ويعطي هذا الموقع منظرا في غاية الجمال تتمازج فيه الألوان في كحلة الظلام وكأنه عالم فريد يفضله الكبار والصغار على حد سواء.
وشهدت هذه الهضبة عمليات هامة للتهيئة في السنوات الأخيرة، كما جرى فتح خط التيليفيريك المؤدي إليها على علو ثمانمائة متر بدلا عن الشواطئ، وبالنسبة لـquot;نزيمquot;، quot;سعادquot;، quot;رياضquot; والشيخ الزبير، وغيرهم من عشاق الطبيعة والهواء العليل، فإنّ هضبة لالا سيتي تعتبر المكان الأكثر ملائمة للخرجات العائلية الليلية لقضاء اوقات ممتعة في هدوء تام ووسط منظر طبيعي ساحر يخلب أيضا عيون المغتربين والسياح الأجانب.
من جهته، أصبح شط الحضنة بمحافظة المسيلة، خلال فصل الصيف ملاذا للعديد من السكان المجاورين له وكذا العابرين، ما جعله واجهة هامة للسياحة الصيفية، ويشتهر الشط بمسابح على محيط السبخة، خصوصا وأن المياه الجوفية غير المالحة متوفرة بحكم الوديان الـ12 التي تصب في الشط، علما أنّ هذا الفضاء الطبيعي يمثل أيضا أهمية بالنسبة للسياحة الشتوية.
ويشهد شط الحضنة خلال فصل الصيف تنظيم مسابقات ترفيهية اعتاد البعض من شباب المناطق المحيطة بالشط على ممارستها بينها القنص والرماية والعدو والسباق، وتبعا لثراء الشط بالسمك، فإنّه يتحول صيفا إلى قبلة الصيادين الشباب خصوصا الذين يختارون مصبات الأودية القريبة من الشط نظرا لوفرة الأسماك في مياهها.
ويتربع شط الحضنة على 110 ألف هكتار وهو مصنف منذ العام 2001 منطقة رطبة ذات أهمية عالمية وذلك بموجب اتفاقية رامسار ويمثل مجالا حيويا في الوسط السهبي، إذ يحتضن 116 نوع نباتي و70 صنفا من الطيور الصحراوية وشبه الصحراوية و20 نوعا من الثدييات و10 أنواع من الزواحف، كما يشمل نطاقه 11 بلدة، ويساعد على امتصاص سيول الفيضانات فضلا عن تلطيف الجو.
ويتهافت كثير من الناس القاطنين بمنطقة بسكرة (560 كلم جنوب) على فضاءات مائية لها صيتها، على غرار سد فم الغرزة وسد منبع الغزلان والوادي الأبيض، فضلا عن الأبار الارتوازية والأحواض المائية المنتشرة بالمحيطات الزراعية، للتخلص من هموم الحياة اليومية وفوق ذلك الابتعاد نسبيا عن الحرارة الشديدة بالأنسجة العمرانية.
ولا تتوانى العائلات المتعطشة للتنزه في الهواء الطلق عن وضع ترتيبات تفصيلية بمجرد الكشف عن موعد الرحلة، ويعبر الصبي quot;وليدquot; بعفوية لـquot;إيلافquot;:quot;السفر إلى السد بمثابة حدث هام في أوساط العائلةquot;، وتتابع ياقوت إنّ هذه الفضاءات المائية تضمن توازنا وتوفر هدوءا بعيدا عن الضجيج المعتاد.
وتتزاحم على امتداد ضفاف الفضاءات المذكورة تشكيلات من الخيم والشمسيات مزروعة بصفة عشوائية، وسط تطلع جماعي للمزاوجة بين الماء والغابة، وتتميز هذه البقع العذراء بتدفق مياه عذبة عبر مجرى الوادي منحدرة من جبال الأوراس، بحيث تأخذ صيغة شلالات أحيانا لكن في النهاية تشق طريقها بانتظام بين واحات النخيل.
وفي خضم رحلة البحث عن نقطة مائية لإشباع الرغبة في الاستجمام والسباحة ينزلق بعض المراهقين نحو الآبار الارتوازية والبرك المائية، بينما يجد نظراء لهم ضالتهم في الأحواض المائية المخصصة للسقي الزراعي، ويؤكد عدد من مرتادي تلك الأماكن أنّ غريزة حب المغامرة وحدها دفعتهم إلى المجيء إلى مساحات غير ملائمة تماما لاستقبال مصطافين، كونها ليست مؤهلة لاستيعاب هذه القوافل التي لم تسعفها الظروف للانتقال إلى شاطئ البحر.
التعليقات