محمّد رجب السامرّائي من أبو ظبي: مارس العراقيون منذ عهود طويلة لعبتيّ المحيبس والصينية التي اشتهرت قبل عقود في أغلب المدن والمحافظات خلال شهر رمضان المبارك.

والمحيبس تصغير محبس -خاتم اليد- ولهذه اللعبة الشعبية لها جذور المتوارثة من جيل الأجداد الذين كانوا يحرصون على الاجتماع في بيت معين بعد تأديتهم لصلاة التراويح، ثم يبدأون بممارستها ويقضون وقاص للتسلية نظراً لانعدام وسائل اللهو البريء في الماضي قبل ظهور الإذاعة المسموعة والمرئية، ولازالت لعبة المحيبس حتى يومنا هذا تقاوم كل تطور كونها من التراث المحلي العراقي و لذا تصرُّ على الحضور في كل المجالس الرمضانية ويستمر وقتها إلى قبيل إطلاق مدفع السحور.
ومن قواعد اللعبة أن اللاعبين الذين يشكلون فيما بينهم فريقاً يُعرف باسم المنطقة التي يسكنونها فهؤلاء يقومون بدعوة فريق آخر. وتقدم للفريق المنافس الحلويات ndash; البقلاوة والزلابية- ويودعهم الفريق الضيف بكل حفاوة، وبانتهاء اللعبة تقدم للفريق المنافس الحلويات ويودعهم الفريق المضيف بنفس الحفاوة التي استقبلهم بها؛ وتسير اللعبة على أساس وجود فريقين يتكون الواحد من 20 إلى 100 لاعب، وإدارة اللعب هي الخاتم، ومنه اشتق اسم اللعبة وأساس قيامها هي اكتشاف مكان الخاتم عند الفريق المنافس، ويضم كل فريق لاعبين أساسيين هما اللذان يستخرجان الخاتم والباقون ما عليهم سوى الاحتفاظ به.
وتبدأ لعبة المحيبس بعد تقابل الفريقين حيث يقوم أحد الفريقين بأخذ الخاتم إما بطريقة القرعة أو شراء الخاتم بالنقاط، فالفريق الأول يطلب من الثاني الاحتفاظ بالخاتم مقابل منح عشر نقاط له، وهكذا يتم الاتفاق على بقاء الخاتم مقابل عدد من النقاط يجري التفاوض عليها بين كلا الفريقين، وتعلن بداية اللعبة حيث يقوم شخص من الفريق الذي يحتفظ بالخاتم بإخفائه بطريقة سرية لدى أعضائه، بعدها يصيح بصوت عال بات أي أن الخاتم استقر في إحدى الأيادي، وهنا يأتي دور لاعب من الفريق المنافس الثاني الذي يمرر نظراته على أيدي الفريق الخصم وينتقي أشخاصاً يشك بوجود الخاتم معهم ويستثنيهم من الأمر الذي يصدره لبقية أعضاء الفريق بأن يفتح الجميع أيديهم، وفي هذه المرحلة يجب ألاّ يظهر الخاتم مع أحد من المشاركين، بل يبقى مستقراً لدى أحد الذين استثناهم اللاعب المحترف من الفريق، ثم تأتي المرحلة الثانية من اللعبة الشعبية وهي مرحلة استخراج الخاتم من الأيادي القليلة المغلقة والتي تستغرق وقتاً طويلاً حسب ذكاء اللاعب وتمرسه، وما أن يكتشف اللاعب مكان الخاتم حتى يحتفظ به لفريقه وتبدأ نفس المرحلة ولكن بتبادل الأدوار. وتتخلل فترة الاستراحة بين لاعبي الفريقين تقديم فقرات غنائية تراثية يؤدونها بأنفسهم أو يستضيفون أحد مغنيّ المقام العراقي ليؤدي لهم ما يُسمى بالمربعات.


لعبة الصينية
أما لعبة الصينية تتطلب وجود صينية وفناجين نحاسية وتوضع الشيرة - السكر المذاب - في القاعدة الدائرية لها لغرض تثبيت الفناجين بالمقلوب، وتبدأ اللعبة عقب صلاة التراويح بمشاركة فريقين فيضع أعضاء الفريق الأول خاتماً تحت أحد الفناجين ثم يدوِّر الصينية من أسفلها وهو يمسكها من وسطها بيد واحدة حتى لا يعرف لاعبو الفريق الخصم أين وضعها وأخفاها.
وهنا يقوم أمهر لاعبي الفريق الثاني بمحاولة كشف الفناجين بعد نظرات طويلة عليها، وعندما يتم الكشف عن الفنجان الموضوع فيه الخاتم فسرعان ما تعلو الأصوات وتحتسب نقطة للفريق.
ويستمر هذا اللعب حتى موعد السحور، ويتخلله تناول اللاعبين لصواني الحلويات خاصة البقلاوة والزلابية الذهبية، والشربت، وبوجود عدد كبير من المشجعين الكبار والصغار على حدٍّ سواء وسط فرحة الجميع بليالي الشهر الفضيل شهر الرحمات والبركات.