تدخل انكلترا الى نهائيات مونديال البرازيل 2014 وهي تسعى الى التخلص من اللعنة التي تلاحقها منذ فوزها المثير للجدل على المانيا الغربية (4-2 بعد التمديد) في نهائي نسخة 1966 الذي اقيم على ملعب "ويمبلي" في لندن.

ولم يتمكن منتخب "الاسود الثلاثة" منذ فوزه باللقب العالمي للمرة الاولى والاخيرة من الارتقاء الى مستوى الطموحات التي عقدت عليه اذ فشل في تحقيق اي نتيجة جديرة بالثناء باستثناء احتلاله المركز الثالث في كأس اوروبا 1968 ووصله الى نصف نهائي مونديال 1990 وكأس اوروبا 1996.

ولا يبدو ان الوضع سيتغير جدا في مونديال البرازيل 2014 رغم تمكن الانكليز بقيادة روي هودجسون من انهاء التصفيات دون هزيمة، كما كانت حالهم في نهائيات كأس اوروبا 2012 حين ودعوا البطولة القارية من الدور ربع النهائي على يد ايطاليا بركلات الترجيح ودون هزيمة.

فالكرة الانكليزية لم تتمكن منذ 1966 من تطوير نفسها بالشكل المناسب الذي يخولها مقارعة منتخبات كبرى اخرى مثل المانيا التي اكتسحتها في الدور الثاني من مونديال 2010 بنتيجة 4-1، او بطلة العالم واوروبا اسبانيا، او حتى ايطاليا التي احدثت تغييرا نوعيا في اسلوب لعبها منذ وصول تشيزاري برانديلي بعد مونديال جنوب افريقيا.

"اذا قدم اللاعبون الانكليز كل ما لديهم حتى ان لم يكن كافيا من اجل الفوز، فاعتقد ان هذا كل ما يريد الجمهور (الانكليزي) رؤيته"، هذا ما قاله الهداف السابق للمنتخب الن شيرر الذي يعكس اليأس الذي وصل اليه الانكليز في ما يخص مشاركاتهم في البطولات الكبرى.

واضاف لاعب نيوكاسل السابق: "ليس هناك الكثير من الامل في ما يخص فوزنا باللقب لكن الجمهور يريد من الفريق اظهار بانه تقدم".

ويبدو ان الجمهور الانكليزي تخلى عن تصنيف منتخب بلاده من بين المنتخبات الكبرى المرشحة للفوز باللقب العالمي او القاري على حد سواء، وحتى ان المدرب هودجسون بدا ايضا فاقد الامل بانجاز على الاراضي البرازيلي بقوله: "من الصعب الحديث عن التوقعات، لكني كمدرب متحمس في يوم اعلان تشكيلته (للنهائيات)، سيكون من المحزن بعدم الايمان بان هناك املا لنا (بتحقيق شيء ما)".

وطال التشاؤم وزارة الداخلية حتى اذ رفضت السماح بفتح المقاهي حتى وقت متأخر من الليل من اجل متابعة مباريات المنتخب، مبررة ذلك بقولها: "اذا كانت انكلترا ضامنة خوضها لمبارياتها في الدور الاول، فهناك امكانية كبيرة جدا بان لا تكون موجودة في المباريات التي تقام بعد ذلك (اي ستخرج من الدور الاول)".

وبغض النظر عن الامكانيات التي يتمتع بها المنتخب الانكليزي، فان هودجسون سيخوض نهائيات البرازيل 2014 تحت ضغط اكبر من مشاركته الاولى معه في كأس اوروبا 2012 التي خاضها بعد شهر فقط على استلامه مهامه كخلف للايطالي فابيو كابليو الذي رحل عن المنتخب بسبب تجريد مدافع تشلسي جون تيري من شارة القائد.

وورث هودجسون منتخبا لا بأس به من كابيلو الذي نجح في فترة زمنية قصيرة من نقل انكلترا من الحضيض الى احد المنتخبات القوية مجددا، وذلك بعد ان بلغ "الاسود الثلاثة" الحضيض في 7 تشرين الثاني/نوفمبر عام 2007 بخسارتهم امام كرواتيا على ملعب ويمبلي 2-3 وطارت مع الخسارة احلام المشاركة في كأس اوروبا عام 2008 في سويسرا والنمسا.

ووسط التذكير الدائم من قبل الانكليز بانهم هم من اخترعوا كرة القدم، فان رئيس الاتحاد الانكليزي لكرة القدم غريغ دايك اعترف مؤخرا بان البرازيل هي موطن الكرة الاقوى في العالم.

ما هو مؤكد، ان الفشل الدائم الذي لاحق المنتخب الانكليزي في البطولتين الكبريين منذ تتويجه باللقب العالمي عام 1966، دفع الكثيرين من ابناء بلده الى الافتخار بالدوري الانكليزي الممتاز وسمعته عوضا عن "الاسود الثلاثة" وذلك بعد ان اصب محطة لكبار اللاعبين الاجانب.

وقد اعتبر الاتحاد المحلي للعبة بان قوة الدوري الممتاز قد اثرت سلبا على المنتخب الوطني بسبب الاعتماد على العنصر الاجنبي عوضا عن المواهب الشابة الانكليزية التي تجد نفسها مهمشة في انديتها بسبب الوجود الاجنبي.

واشار الاتحاد الانكليزي الى ان هناك 66 لاعبا فقط بالامكان استدعائهم الى المنتخب موزعين على الاندية العشرين في الدوري الممتاز، وهو يأمل ان يرفع هذا الرقم الى 90 مع حلول مونديال 2022.

وبانتظار ان يحقق الاتحاد الانكليزي اهدافه المنشودة، يبدو منتخب "الاسود الثلاثة" في طريقه لاختبار صيف صعب اخر بقيادة نجم مانشستر يونايتد واين روني الذي لا يزال يمثل الموهبة الاهم في& انكلترا، واتت اهدافه السبعة في ست من مباريات التصفيات لتؤكد اهميته في كتيبة المدرب هودجسون.

وفي خط الوسط، قدم ستيفن جيرارد وفرانك لامبارد خبرتهم للفريق، بينما اكدت الوجوه الشابة المتمثلة بجاك ويلشير واليكس اوكسلايد-تشامبرلاين واندروس تاونسيند على الفلسفة الهجومية التي ينتهجها فريق الاسود الثلاثة.

وشهدت التصفيات كذلك سطوع نجم داني ويلبيك الذي سجل اربعة اهداف في الطريق الى النهائيات، اما الاسم الاخر الذي يعزز الخيارات الهجومية لدى هودجسون فهو دانييل ستاريدج الذي اثبت علو كعبه كأحد افضل مهاجمي الدوري الممتاز.

&- هودجسون يبحث عن الاستقرار بعد ترحال بدأ عام 1976 -

يبحث روي هودجسون عن الاستقرار في مشواره المهني من خلال قيادة المنتخب الانكليزي الى تحقيق نتيجة مرضية في مونديال البرازيل 2014.

فهذا الرجل البالغ من العمر 66 عاما لم يعرف الاستقرار في حياته المهنية منذ عام 1976 عندما بدأ مشواره التدريبي في السويد مع هالمشتاد، اذ تنقل منذ حينها بين 16 ناديا واربعة منتخبات وطنية وفي ثمانية بلدان.

ان اللغات السبع التي يتحدثها هودجسون تعكس مدى ترحاله لكن الجميع يريد الاستقرار في نهاية المطاف والمدافع المغمور السابق ليس بالاستثناء ومفتاحه الى هذه الغاية سيكون من خلال استعادة مكانة الانكليز بين كبار الكرة المستديرة.

يتعين على هودجسون ان يقنع العديد من المشككين الذين فركوا اعينهم بشدة عندما اختير للاشراف على منتخب انكلترا في كأس اوروبا 2012 خلفا للايطالي كابيلو، وازداد تشكيكهم بعد خروج "الاسود الثلاثة" من الدور الثاني للبطولة القارية.

وخلق الاتحاد الانكليزي المفاجأة عندما اختار مدرب وست بروميتش البيون للاشراف على منتخب "الاسود الثلاثة" وليس مدرب توتنهام حينها هاري ريدناب الذي كان الاوفر حظا لشغل هذا المنصب بعد الاستقالة المحرجة لكابيلو.

ولم تكن ردود الفعل بكل صراحة متحمسة لهذا الاختيار الذي اعتبره الكثيرون في غير محله. صحيح ان هودجسون يملك خبرة واسعة ومنفتح على العالم كما تشهد على ذلك سفراته المتعددة واقامته في الخارج، وهو شخص محترم بالفعل لكن سيرته الذاتية على الصعيد العملي لا يمكن ان تقارن بسيرة سلفه الايطالي.

وبعد مسيرة متواضعة كلاعب، بدأ هودجسون في السبعينات مسيرة طويلة كمدرب قادته الى جميع ارجاء انكلترا واوروبا بدءا من هالمشتاد في السويد الى كوبنهاغن في الدنمارك مرورا بفولهام وبلاكبيرن الانكليزيين ثم سويسرا وفنلندا ايضا كمدرب لمنتخبيهما. وبين الفرق العشرين التي اشرف عليها، يمكن ان نجد اسمين كبيرين هما انتر ميلان الايطالي الذي كان يعيش حينها في فترة صعبة (1995-1997) وليفربول الانكليزي حيث لم يمض فيه سوى 6 اشهر عام 2010.

وفي المحصلة، تعتبر النتائج التي حققها هودجسون مشرفة لكنها ليست مبهرة حيث حقق اللقب المحلي مع هالمشتاد وكوبنهاغن، وبلغ نهائي كأس الاتحاد الاوروبي مع انتر ميلان ونهائي الدوري الاوروبي (يوروبا ليغ) مع فولهام، وهو ما عزز الانطباع بخيار خاطىء قام بها بيروقراطيون داخل الاتحاد الانكليزي حريصون على الهدوء بعد الضوضاء التي اتسم بها عهد كابيلو.

وكان هودجسون اشرف على المنتخب السويسري (1992-1995) وقاده في تصفيات مونديال 1994 وكأس اوروبا 1996، والمنتخب الاماراتي (2002-2004)، اضافة الى العديد من الفرق مثل مالمو السويدي (1985-1990) الذي توج معه بطلا للدوري المحلي عام 1986، ونيوشاتل السويسري (1992-1995) وغراسهوبرز السويسري (1999-2000) وكوبنهاغن الدنماركي (2000-2001)، اضافة الى انتر ميلان (1995 حتى 1997 ثم 1999) وبلاكبيرن (1997-1998) واودينيزي الايطالي (2001).

وكان فشل تجربة هودجسون مع ليفربول وعدم تمكنه من المحافظة على منصبه لاكثر من 6 اشهر اثار اهتمام وسائل الاعلام والجمهور الانكليزي واقلق ايضا انصار المنتخب بعد تعيينه في منصبه عشية كأس اوروبا 2012، وعلى هذا الاساس جاءت الكلمات المطمئنة التي تلفظ بها ستيفن جيرارد بعد ان اسند اليه المدرب الجديد شارة قائد المنتخب.

وقال جيرارد "انه سيء الحظ. لقد جاء في لحظة سيئة ايضا، ومن الحماقة الحكم عليه بناء على هذه الفترة بالذات. لقد شاهدته يعمل واستطيع ان اقول لكم انه مدرب رائع"، مضيفا "انه رجل تكتيك من الطراز الاول والجميع يقفون خلفه".

&- الامال معلقة على روني مجددا على امل ايجاد طريقه الى الشباك -

ستكون امال المنتخب الانكليزي معلقة مجددا على مهاجم مانشستر يونايتد واين روني الذي سيدخل الى نهائيات البرازيل 2014 وهو يأمل ان يجد اخيرا طريقه الى الشباك وافتتاح سجله التهديفي في كأس العالم.

"روني لا يلعب جيدا الا مع مانشستر يونايتد"، هذا كان موقف المدرب السابق لانكلترا فابيو كابيلو تجاه الولد الذهبي لمانشستر الذي تبقى افضل مشاركة له مع منتخب بلاده في كأس اوروبا 2004 حين سجل اربعة اهداف في اربع مباريات لكنه عجز عن تسجيل اي هدف في مونديالي 2006 و2010 اللذين خاض خلالهما 8 مباريات.

ويجب الاعتراف بان روني لم يكن في افضل احواله في مشاركتيه السابقتين في كأس العالم اذ دخل اليهما وهو لم يتعاف بشكل كامل من اصابتين تعرض لهما قبيل النهائيات.

"في المرتين، بدأت البطولة وانا ابحث عن استعادة مستواي"، هذا ما قاله روني، مضيفا "وهذا الامر ليس سهلا بتاتا. لكن الان، اشعر باني في قمة لياقتي. انا على اتم الاستعداد لهذه البطولة. سأكون جاهزا".

ويسعى روني الى تناسي الخيبة التي مني بها مانشستر يونايتد خلال الموسم المنصرم حيث تنازل عن لقب الدوري المحلي وفشل حتى في الحصول على مركز مؤهل الى "يوروبا ليغ"، كما خارج من مسابقتي الكأس المحليتين خالي الوفاض ومن دوري ابطال اوروبا ايضا.

ولم يكن روني سيئا كثيرا على المستوى الشخصي، خلافا لفريقه يونايتد، اذ سجل 21 هدفا مع 17 تمريرة حاسمة في 46 مباراة خاضها في جميع المسابقات، وهو سيخوض نهائيات البرازيل 2014 مطمئن البال على مستقبله الكروي بعد ان مدد في اوائل العام الحالي عقده مع "الشياطين الحمر" الذي يدافع عن الوانهم منذ 2004، حتى 2019 مقابل 360 الف يورو اسبوعيا، واضعا بذلك حدا لرغبة تشلسي ومدربه البرتغالي جوزيه مورينيو بضمه الى الغريم اللندني.

ويأمل روني الذي اصبح باهدافه ال38 خامس افضل هداف في تاريخ "الاسود الثلاثة" منذ ان ارتدى القميص للمرة الاولى عام 2003 حين اصبح اصغر هداف في تاريخ بلاده عن 17 عاما، ان تمنحه الراحة التي حصل عليها في نهاية الموسم الذي غاب عن مبارياته الثلاث الاخيرة بسبب اصابة طفيفة، الطاقة البدنية اللازمة لكي يعوض اخفاقه في المشاركتين السابقتين وفك عقدته "العالمية".
&