تزيح صحيفة النيويورك تايمز الأميركية النقاب عن تفاصيل المواجهة الشرسة التي بدأت تذوق مرارتها العملاقة الأميركية quot;مايكروسوفتquot; من قراصنة البرمجيات في الصين.
في وقت تئن فيه العديد من الشركات، وبخاصة العاملة في الحقل التكنولوجي، من وطأة الركود العالمي، وتراجع نسبة عائداتها، وسط حصار الأزمة المالية العالمية، لم تكن مثل هذه الشركات بحاجة لتلقي ضربات أخرى تكبدها مزيد من الخسائر، خاصة ً إن كانت مرتبطة بتبعات تبدو معتمة واحتمالات تنذر بمشكلات قضائية.
ففي المحال المختلفة التي تنتشر بسوق اكسينيانغ في مدينة شنغهاي، يتم عرض أجهزة آي فون ( التي تنتجها شركة آبل ) وسماعات ( بوس) مُقلدة، جنبا ً إلى جنب مع نسخ نظام تشغيل مايكروسوفت الجديد quot;ويندوز 7quot;، قبيل أسبوع من طرحها للبيع بصفة رسمية. وهناك، تجد البائع يستطلع رأيك ببعض الأسئلة وهو يعرض عليك وفرة من الأقراص المعبأة في علب بيضاء لا تحمل أي علامات، مثل :quot; أي نسخة ترغب في الحصول عليها ؟ نهائية ؟ أم عادية ؟ باللغة الإنكليزية أم بالصينية ؟ - كما تشير الصحيفة إلى أن الناس في الصين كانوا قادرين هذا الشهر على شراء نسخ مقرصنة لأحدث نسخ امتياز ويندوز مايكروسوفت مقابل 20 يوان ( 2.93 دولار للنسخة ) ndash; هذا الجزء البسيط من قائمة الأسعار، التي تصل إلى 320 دولاراً.
وترى الصحيفة أن quot;الإطلاق المبكرquot; لنسخة ويندوز 7 في الصين يؤكد على التحدي الذي تواجهه كبريات الشركات المُصنِّعة للبرمجيات فيما تبذله من محاولات لتحقيق مكاسب مادية في الصين، ثاني أضخم سوق للكومبيوترات في العالم، بعد الولايات المتحدة. وتقدر شركة الأبحاث الأميركية quot;IDCquot; أن ما يقرب من ثمانين في المائة من البرمجيات التي بيعت في الصين العام الماضي كانت برمجيات مقرصنة. وتقول الصحيفة إنه في الوقت الذي بدأ ينخفض فيه هذا الرقم، إلا أنه لا زال يمثل ضعف المتوسط العالمي وحوالي أربعة أضعاف المتوسط في أسواق الدول المتقدمة، مثل الولايات المتحدة واليابان.
وهنا، يقول ماثيو تشيونغ ، المحلل في شركة غارتنر للأبحاث :quot; إن المشكلة الكبرى التي تدفع بعمليات القرصنة في الصين اليوم هي تلك المتعلقة بالأسعار. فإن كنت تحاول بيع برنامجا ً تقدر تكلفته 2000 يوان لطالب يعيش على 400 يوان شهريا ً، فإن ذلك لن يجدي بكل بساطة مع معظم العملاءquot;. وفي إيماءة تدل على مثل هذه الضغوطات، قامت شركة مايكروسوفت العام الماضي بتخفيض سعر نسختها أوفيس هوم آند ستيودنت 2007 إلى 199 يوان بعد أن كان 699 يوان. وتشدد الصحيفة هنا على أن قضية انتهاك حقوق الملكية الفكرية ظلت جزئية مثيرة في علاقات الصين بشركائها التجاريين الكبار، حتى وإن قامت باتخاذ إجراءات صارمة ضد أعمال القرصنة المتفشية في كل شيء بدءا ً من حقائب غوتشي وحتى البرمجيات.
وفي الوقت الذي يؤكد فيه مسؤولون صينيون على بدء تراجع معدلات القرصنة في البلاد عاما ً بعد الآخر بسبب السياسات التي بدأت تنتهجها الحكومة في هذا الصدد، يقول إدوارد يو، الرئيس التنفيذي لشركة أناليسيس الدولية للأبحاث :quot; هذه المسألة طويلة الأجل ndash; وتعود لفترة تتراوح ما بين 10 إلى 20 عاماً ndash; ولن تُحل في لحظة واحدةquot;. وفي محاولة من جانبها لمعالجة الأمر، بدأت مايكروسوفت العام الماضي حملة في الصين تسببت في إظهار شاشة سوداء كل ساعة أمام مستخدمي نُسخ quot;ويندوز إكس بيquot; المقرصنة.
التعليقات