إيلاف: ثمة اتفاق عام بين الخبراء على ان شبكة المعلومات العالمية quot;الانترنتquot; تستهلك الكثير من الطاقة، ولكن يبدو ان لا أحد يعرف على وجه التحديد حجم الطاقة التي تستهلكها. وقد أصبحت العلاقة بين الانترنت والطاقة التي تحتاجها قضية ساخنة بعدما أعرب مسؤولون كبار في بريطانيا عن القلق من تعاظم الكلفة المالية والأعباء البيئية المترتبة على تشغيل مراكز معلومات الكترونية ضخمة وتزداد ضخامة باستمرار.

متطلبات الانترنت من الطاقة تتخطى بكثير تشغيل مراكز المعلومات شاملة أجهزة نستخدم الانترنت بواسطتها مثل الكومبيوترات والهواتف المحمولة والكثير سواها فضلا عن خطوط الهاتف التي تتولى إيصال المعلومات.
اللافت إزاء هذه التشكيلة الواسعة من المواقع والوسائط التي تُصرف فيها الطاقة، شحة الدراسات التي تبين اجمالي حجم الطاقة المستخدمة في الانترنت برمتها.

وتسبب غياب الوضوح والمعطيات الملموسة في اثارة بلبلة، ودفع بعض الشركات الكبرى في صناعة الانترنت الى الرد بانفعال. ويصح هذا بصفة خاصة على رد فعل شركة محرك البحث quot;غوغلquot; التي سعى نائب رئيس قسم العمليات فيها اورس هولزل Urs Holzle الى التشديد على ان ما تستهلكه عملية بحث واحدة على الشبكة كمية ضئيلة جدا من الطاقة، وان مثل هذه العملية لا تنتج إلا 0.2 غرام من الكاربون.

هولزل أشار أيضا إلى أن ما توفره تكنولوجيات التشبيك من مستويات عالية في الكفاءة واقتصاد في الجهد والنفقات ـ اتصالات أسرع، رحلات أقل بالسيارة، إنتاجية أعلى في العمل من بين مزايا أخرى ـ يفوق بكثير ما تستهلكه الانترنت نفسها من الطاقة. وأضاف هولزل quot;أن تحريك الالكترونات أشد فاعلية بكثير من تحريك الذرات. وان أدوات افتراضية مثل البريد الالكتروني والمؤتمرات التي تُعقد عبر دائرة الفيديو ومحركات البحث أخذت تحل محل نشاطات تتسم بكثافة ما تنتجه من الكربون مثل البريد الاعتيادي، السلحفاتي ورحلات العمل وقيادة السيارةquot;.

محللون يرون أن ممثل quot;غوغولquot; قد يكون مصيبا في ما يذهب إليه. وهم يشيرون إلى دراسة شملت 40 شركة كبرى وعدة حكومات محلية ومركزية، ونشرت نتائجها في نيسان/ابريل الماضي. وتقول الدراسة التي تركز على انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، أن ما ينتجه استخدام الانترنت من الكربون سيتضاعف ثلاث مرات بحلول عام 2020 ليبلغ 1.43 مليار طن سنويا نتيجة تزايد استخدام الكومبيوترات الشخصية والهواتف المحمولة أساسا إلى جانب اقتصادات تنمو بوتائر متسارعة مثل الصين والهند.

ولكن الدراسة ترى أيضا أن التطورات التي أتاحت تكنولوجيا المعلومات تحقيقها ـ مثل اللوجستيات الذكية وتصميم المباني بأخذ اعتبارات الطاقة في الحسبان ورفع كفاءة شبكات التوليد ـ يمكن أن تسهم في خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 15 في المائة إجمالا.

من جهة أخرى ينبه العلماء إلى أن هذه الوفورات مشروطة باستخدام طائفة من المنظومات التكنولوجية الجديدة في الشركات والبيوت والمنتجات في أنحاء العالم. وكان خبراء الطاقة ابدوا شكوكا في الترويج لمثل هذه التحسينات رغم اقرارهم بأن المنافع يمكن أن تكون كبيرة إذا شاع تطبيق المنظومات الجديدة على نطاق واسع. بيد أن الشيطان يكمن في التفاصيل وفي الحديث بالأرقام، كما يقال. وفي هذا الشأن نقلت صحيفة quot;الغارديانquot; عن المخترع سول غريفيث تذكيره بقاعدة غاليلو الذي قال: quot;قس ما يمكن قياسه واجعل ما لا يمكن قياسه ممكن القياسquot;. وأضاف غريفيث أن من أسباب الوضع الذي تجد البشرية نفسها فيه اليوم بسبب التغير المناخي quot;أننا لم نكن نحسب ما نستخدمه من الطاقة ولم ندرك نتائج أعمالناquot;.

ترجمة: عبدالإله المجيد