لويزه أستون (1814-1871 )

تعتبر الشاعرة لويزه أستون من أشدّ المدافعات عن حقوق المرأة، إذ كانت تطالب بالحرية التامة للمرأة ومساواتها بالرجل في كل شيء. تزوجت، وهي لم تتجاوز السابعةَ عشرةَ سنةً، من الصناعي البريطاني الثريِّ أستون، ومن هنا جاء إسمها، ولكن سرعان ما تمكنت من الطلاق وذهبت إلى برلين ونشرت مجموعتها الشعرية (ورود بـريَّـة (Wilde Rosen ، ونشرت كُـتُبَ ( من حياة إمرأة ) عام 1846 Aus dem Leben einer Frau ) )، وكانت مطاليبها راديكالية جداً ومظاهرها غريبة، حيث كانت تلبس البنطلون وتدخن السجائر في الشوارع، فكان أنْ طُردت من برلين، فذهبت إلى هامبورغ حيث طُردتْ منها أيضاً، فكتبت عن ذلك كتباً عدة. عاشت في وسط ألمانيا بعدئذ حيث عملت ممرضة متطوعة، وخلال ثورة آذار 1848 عادت ثانية إلى برلين، فصارت محررة الجريدة الثورية Der Freischنrler ( المتمرد) الني أُغلقت بعد فترة وجيزة وطردت لويزه أستون مرة ثانية من برلين. تزوجت من د. ماير، الطبيب المعاق، في مدينة بريمن ورافـقـته في حرب ( القرم) في 1850 وطافت معه في رحلة طويلة ( أوديسه) في أوكرانيا وهنغاريا والنمسا وغيرها، إلى أن توفيت في وانغن Wangen عام 1871. يتميز شعرها بحرية المرأة والتحرر دون قيود والجرأة على قول ما لم يستطع قوله الشعراء ذلك الحين.


للنِّسـاء

أنتم تضعون قواعدَ للأخلاق شديدةً
يا فَـيـم * التـقـاليدِ المقـدّسةَ،
وترمون المحظـورَ على رأسي!
هلاّ ترمـونَ شمـوعَـكم على الأرض
وتلطمون على صدوركم،
بـتُـقـى غـامـرٍ:
إني أشعـر من أعمـاق قلـبي،
أنَّ خطايايَ وعَـفـافَـكم سَـيّـانِ!
ربما تتفـتّح زنـابق البراءةِ حوالـيكمْ،
وتَـتألـقُ حُـمـرةُ الحياء على وَجنـاتكمْ،
وكما يـتأرجح الـوزّ ُ على مياه الفيضانات الراكدة،
تسري عواطـفكمْ خلالَ أرواحـكمْ بهدوء
وكالفَراشاتِ المُـداعبة التي تُرفرف بين الزّهور،
تمـرّ ُ أمنياتُ الحبِّ فيـكم.
إذا سَـبّـبتْ عاطـفة مُـتَـوهِّـجة جامحـة
لكم ألمـاً،
ربّـما تتخـلَـوْنَ عنـها
بفخر وإحساس نبـيل،
ربّـما تأكل شبابَـكم المُتـأجِّج بصمت،
تشـنّـونَ الحـربَ المُقَـدّسـةَ ببسـالة،
وبمـرسوم الهيمنة الشرعيـة لطهارتـكمْ
وبالمـوتِ والنّـار تنـالون النّـصـرَ.
غيـرَ
أنّـي لا آبَـه لطهـارتـكم،
َوأنـبـِذُ محكمَـتَـكم المُـقَـدَّسـةَ!
كونـوا مَـفـزَعَ**القانـون،
مُنتَـقمـينَ من مُـنـتـهِـكي الآداب،
ومَلاكَ الحراسـةِ
المُخـلصَ
للـرأي السّـديـد!
إنَّ روحاً مُـقَـدّسـةً تحيـا
أيضاً في الآثِـم.
الحـرّ يأثـمُ، لأنّـه يجب أنْ يأثـمَ!
الحيـاةُ أيضاً تتشـوّق بلهـفة عارمة إلى حقـها،
وتترك خلفَـها العـبدَ المـيّتَ
للعهـد المُـتـزَمَّـت ;
من الـوهج النبـيل جرَتْ خَطـايـاي،
ومن العاطفـة المُتَـأجِّـجة نبضان قـلبي،
وهـنا أيضاً أستطيع أنْ أجـدَ
غُـفرانـاً لذنـوبي،
التي هي شهـود طُهـري وقـوَّتـي.
هَجْـرُ الدّنيا هـو فخـر الرّاهـبة وكبرياؤها،
قـُدسـيّـةُ المـرأة في
مسرَّتِـها،
تُريدون بعَنـاء أنْ تُـدركوا سـرَّ الخلـود،
أنا أراه يبتسم لي في كلِّ رمشـةِ عـين ;
تريدون أنْ تجـدوا السَّعـادةَ في عَـفـافكمْ،
إنّي
أجد عَـفـافي فقط في السّعـادة.
عندما تنتـشر نيـران الحبِّ
سـاخنـةً حـولي،
أريد أنْ أحتـرقَ تمـاماً في
نار موتـها المُـقَـدّس،
ولكـنّي من الرّمـاد المُـتَّـقِد
أنهضُ مولودةً من جـديـد،
كما ينهض طائـرُ الفيـنـيـق
طائراً من تحت الرّمـاد،
معـافى يصـير جسمي-
ليس مفقـوداً،
يتجـدّد،
لسعـادة الحبِّ المُقدّس يرجع شبابي.

* فَـيم Fehm محكمة العدل السِّرية الملكية في ويستـفـالـيا ( مقاطعة في ألمانيا ).

** ملجأ

ترنيمة حائـكةٍ سيلـيـزيّـة*

عندما يُخيِّم الهدوءُ على الجّـبال،
يصلصل جدول الطاحونة بعنفٍ أكثـرَ،
يتصنَّت القمرُ خلال السّـقف
القـُشِّـيِّ
في شكوى صامتـة.
عندما يرتعش السِّـراج وَهْـناً
في الركن، على المعبد،
تسـقط يـدايَ
تَـعِِـبـةً في حُـجْـري.
لذا جـلستُ غالـباً
حتى أعمـاقَ الليل،
حالمةً بعَـيْـنَـيْـن مُفَـتَّحتَـيْـن،
لا أدري، ما دار في خَـلدي ;
ولكنَّ الدّمـوعَ سـقطت ساخـنةً دوماً
على يـديَّ-
ساءلتُ نفسي في مُخيّـلتي،
أما لهذا الشَّقـاءِ من آخـِر؟

مات أبـي،
منذ عام تـقريـباً-
كمْ وديـعاً ومُبـارَكاً كان
عندما نام على نَـعـشـِه!
أخذ أحـبّ ُالناس إليَّ عـُدَّ تَـه
ليساعدَنـا في المُـلـمّات،
لم يعـُدْ إلينـا أبـداً،
فقـد رمـاه الحـارسُ ميتـاً

غالبـاً ما تقـول النّـاس:
" أنتِ يافـِعـة وجميـلة،
ولكـنْ شاحبـةٌ جـدّاً وحَـزينة،
هلْ يجب عليكِ أنْ تَـهلـِكي ألمـاً ؟"

"لستُ شاحبةً ولستُ حـزيـنـةً"
هكذا يقول المرء بسهـولة،
حيث في السّـماء الواسعـة
لا أجـدُ نجـمةً صغيرةً لي.

جاء إليَّ صاحب المعـمل،
وقال لي : "يا طفـلـتي الحبيـبة،
أعـرف جيّـداً،
كم أهلك هم في فاقـة وشَجَـن ;
لذا، إذا أردتِ الـراحةَ قـربي،
ليـاليَ ثلاثـاً وأربـعَ،
أنظـري ، قطـعـةُ الذهب البـرّاقـة هذه!
هيَ مـِلكـُكِ فـوراً !"

لمْ أعرف، ماذا سـمعتُ-
أيتها السّـماءُ كـوني عادلـةً
واتركيني لشَـقائـي،
فقط لا تجعليـني سيـئةً!
أوه، لا تجعليـني أغـرقُ!
لا أستطيع أن أتحمّـلَ أكـثرَ،
عندما أرى أمّـي المريضةَ،
وأختي الصّغيـرةَ عند الدار!

الآنَ يستـريحون كلّهم في سكـون،
إنطـفـأ ذاك الضِّـياءُ،
فلا دموعَ تُسكَـبُ الآنَ،
ولكنَّ الألمَ في الصَّدر يَحُـزّ.
يا إلهـي، إذا لم تستـطع أن تُسعـِفَنا،
فمن الأفضلِ أنْ
تَدَ عَنـا نمضي
إلى الأسفل عميقـاً في الـوادي،
حيث ينتـصب الصَّفصافُ الباكي.

* مقاطعة كانت ألمانية تقع الآن في بولونيا.