بيروت: تنشط عملية تصوير المسلسلات المحلية اللبنانية، بعدما وجدت المحطات أنَّ الجدوى الاقتصادية تميل إلى التوفير بمعدل النصف على ميزانيات الإنتاج، وها هو التنويع في الوجوه سمة الأعمال المنفذة، ومن حسناوات الشاشة الصاعدات بثقة آلين لحود ابنة الفنانة الكبيرة الراحلة سلوى القطريب، وصاحبة الوجه الجاذب، والدماغ الممتلئ، والأفكار الراقية المنطقية.

احتلال...

quot;إنَّها تحتل ذاكرتيquot;... عنوان المسلسل المحلي الجديد الذي تؤدي بطولته ألين، والتي ظهرت في أكثر من عمل وصولاً إلى البطولة المسرحيَّة في quot;أوبرا الضيعةquot; لفرقة كركلا، بإدارة إيفان كركلا، وجهًا لوجه مع الفنان عاصي الحلاني وكان أداؤها مميزًا جدًا.

وفيما واصلت عملها في مجال التدريس لاحظ الجميع بأن لها دماغًا في مستوى جمالها: هذه العبارة أعجبتني كثيرًا، وأنا أشكر من يسمعني كلامًا طيّبًا عن شكلي، لكنني أسعد بشكل مضاعف حين يكون الإطراء لعقلي وتفكيري. الكلام لـ آلين التي تعيش منذ وفاة السيدة والدتها مع والدها بعدما شكلوا معا ثلاثيًا رائعًا.

في المسلسل تجسد آلين دور الصبيَّة الجميلة التي لشدة جاذبية تعابيرها ومقاساتها يحار فنان تشكيلي في أمرها: أهي مجرد رسم أم أنها حسناء من لحم ودم، في وقت تدأب فيه هي على تحفيز من يتعاطون معها على التركيز فقط على ما تستطيعه من إنجازات.
ولدى سؤالها عمن تكون الأجمل هي أم اللوحة، بادرت: السؤال ليس في محله، لكن النص التلفزيوني أوجد الشبه فقط. إذًا وبفعل هذا الجمال احتلت ذاكرته.

هذا الموضوع هو المحور الأساسي للمسلسل الذي تعرضه قناة المستقبل بدءًا من العشرين من نيسان (أبريل) الجاري يومي الثلاثاء والأربعاء من كل أسبوع، استنادًا إلى نص للكاتب العراقي سعد هدابي.

تصوير

صور المخرج غابي سعد مشاهده ما بين بيروت وطرابلس والشوف وقناطر زبيدة والحازمية، وكان العمل ديناميكيًّا احترافيًّا تغلب عليه مشاعر الحب والألفة، في ثلاثين حلقة، تدخل عليها قضايا أخرى اما متفرعة أو مستقلة، وخصوصًا أنَّ هناك شخصيات متداخلة تروح تتفرع ثم تلتقي في أكثر من موقف، يتقدمها عمار شلق الذي أمضى وقتًا قصيرًا في بيروت أنجز خلاله كامل مشاهده وغادر عائدًا الى القاهرة حيث ينفذ عددًا من المشاريع هناك بعيدًا من الأضواء الإعلاميَّة، حيث كانقدأبلغنا قبل أشهر أنه يفضل العمل بصمت حتى لا يحصل تشويش يؤذي المشروع ولا يقدم أي فائدة ترتجى لأحد، باستثناء الذين ما أحبوا يومًا الخير لأي شخص.

أفراد المسلسل أشاروا إلى أنَّ حيثيات النص وأجواء التنفيذ تؤكد خصوصية لم تعرفها المسلسلات من قبل لجهة آلية التصوير ونمط الإضاءة المعتمدة وحتى الأداء وهي محاولات لتقديم ما هو مختلف. وكانت إشادات واسعة بقدرة نص هدابي على المناورة والعمق في التداول، ورسم الشخصيات والباسها المواصفات المطلوبة على الرغم من مظاهر التناقض الكاملة فيما بينها.

فريق العمل

جمع العمل باقة متميزة من الممثلين من أجيال مختلفة، فإضافة الى عمار، يشارك كل من: نهلة داوود، ماري تريز معلوف، نجلاء الهاشم، كلودين صفير، فاديا عبود، ختام اللحام، مع مجدي مشموشي، طلال الجردي، سمير شمص، جهاد الأطرش، خالد السيد، عصام الأشقر، رودي قليعاني، باتريك مبارك، حسن حمدان، غسان عطية. وقد لوحظ خلال التصوير مدى ملاءمة الممثلين للشخصيات التي أسندت اليهم، حيث خدم كثيرًا كون المخرج سعد مخضرمًا ويدرك تمامًا أهمية الدور المناسب الى الممثل الذي يلائمه.

الجردي: سيحسب لحضورنا ألف حساب

الفنان طلال الجردي، ممثل من طينة خاصة، فهو نتاج تجربة اغترابية طويلة وظفها في لبنان منذ حوالى العشر سنوات، وكانت له محطات مسرحية وتلفزيونية وحتى سينمائية (لما حكيت مريم، لـ أسد فولادكار) متعددة، كما أنه دخل ميدان الإنتاج محاولا الإسهام في دفع الحركة الفنية الى الأمام.

وعن مشاركته في المسلسل قال: الذي نتطلع إليه هو بلوغ مرحلة ثقة الناس بأعمالنا هنا وفي الخارج، أعتقد أن عندنا ما هو جدير بالاحترام وببعض التركيز يمكننا المنافسة وأنا أعني ما أقول. وعن حضوره السينمائي غير المكثف على الرغم ممّا أثبته من قدرة وتميز رد: ليس مطلوبًا الإكثار من الظهورعلى الشاشتين والخشبة بقدر ما هو مهم معرفة أين ومتى على الفنان أن يحضر ويقدم قناعاته حتى ترتبط به الناس.

وإذ أكد حبَّه للمسرح، أشار الى أنَّه حين يقف على المسرح يصبح إنسانًا آخر: الخشبة ملعبي وحقيقة أنني لا أعود قادرًا على ضبط طاقتي ضمن إطار الدور الذي أؤديه وهنا تصبح الصورة كأنَّها لشخص آخر فعلاً.
الذي يفرحنا في السياق هو هذه الحركة التي لم تهدأ منذ سنوات متعدّدة، لتقديم عمل لبناني خاص ومتميز ينافس عربيا ويفسح في المجال لأن يجد مسلسلنا مكانًا ومكانة له، ونحن متفائلون جدًّا بحكم المثابرة والوعي بحيث نفوز لاحقًا بحضور لافت يحسب له ألف حساب.