ـ صفوت الشريف عيَّن شخصًا متهمًا بـ36 قضية فساد في منصب في مدينة الإنتاج
ـ النظام السابق قتل مسلسل quot;كليوباتراquot; لحساب quot;الجماعةquot; لتشويه الإخوان
ـ الفنانات المصريَّات لا يجدن التَّمثيل باللغة العربيَّة الفصحى
ـ ثورة quot;23 يوليوquot; دمَّرت الفن وهجَّرت الفنانين وثورة quot;25 ينايرquot; ستنهض به

إتهم الفنان، يوسف شعبان، ثورة 23 يوليو 1952 بتدمير الفن والتسبب في هجرة الفنانين إلى الخارج، وأعرب عن تفاؤله في ثورة 25 يناير 2011، معتبرًا أنها ستصلح ما أفسدته ثورة العسكر.

وقال في الحلقة الثانية من مقابلته مع quot;إيلافquot; إن النظام السابق حول غالبية الفنانين إلى quot;مهرجينquot;، مؤكداً أن ذلك النظام كان يخاف من الفن الجاد.

ووصف شعبان الفنانين الذين ارتموا في أحضان النظام السابق ووقفوا في صفه ضد الثورة بأنهم ضعفاء فنياً، ويعلمون أنهم ما صاروا نجوماً بفضل عملهم وموهبتهم، ولكن بطرق أخرى، لذلك كانوا في حاجة إلى مساندة النظام.

وأضاف نقيب الفنانين السابق أن صناعة الدراما ستتخلص من أزمة تحكم شركات الإعلانات فيها، لأن تلك الشركات كانت مملوكة لأبناء صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى المنحل، والذي كان واحدًا من أقوى رجال نظام حكم الرئيس السابق حسني مبارك.

أظهرت الثورة أن فئة كبيرة من الفنانين ليس لديها وعيًا سياسيًا، فالكثير من الفنانين ساندوا النظام السابق وإتهموا الثوار بأقسى التهم، فهل يصلح هؤلاءلتقديم فن راق للمرحلة المقبلة؟
نعلم جميعاً أن مصر في ظل حكم النظام السابق كانت quot;كشريquot;، ولم تكن الأساسات التي يقوم عليها المجتمع سليمة،والفن جزء منه، فمثلاً كان هناك نجوم يحصلون على أجر يصل إلى سبعة ملايين جنيه، في حين أن الواحد منهم، لا يجيد نطق كلمتين على بعض، وكان من يقودون الفن مجموعة quot;مهرجينquot;، وهكذا هو الحال الذي كان يريد النظام السابق أن يكون الفنانين عليه، ولذلك كان الجادين منهم مستبعدين دائماً.

وأنا شخصياً تعرضت لصغوط شديدة من صفوت الشريف عندما قلت كلمة الحق ذات مرة، حين كنت عضوًّا في مجلس إدارة مدينة الإنتاج الإعلامي بصفتي نقيب الممثلين، وأثناء أحد الإجتماعات وكان رئيس مجلس الإدارة عبد الرحمن حافظ وقتها، وقال إنه سيتم إنشاء قسم للسينما، وأن فلان مرشح لتولي رئاسة ذلك القسم، فإعترضت عليه، وقلت إن هذا الشخص متهم في 36 جريمة فساد مالي، فكيف يتولى منصب في مؤسسة عامة، وأيدتني عضوًا أخرى، وأشارت إلى أنه كان متهماً في جرائم أخلاقية أيضاً، ولكني فوجئت بإتصال من حافظ بعد إنتهاء الإجتماع يخبرني فيه أن صفوت الشريف وكان وزيراً للإعلام غاضب جداً مني، لأني إعترضت على ترشيح شخص فاسد لمنصب عام، وتعرضتت للتهديد، وأجبرت على الموافقة على تعيينه في المنصب، وكان هذا هو حال البلد في عهد النظام السابق، لا أحد يعلو فيها سوى الفاسدين.

أثناء وجودنا في ميدان التحرير، كان هناك سؤال يلح على خاطري، ما الذي يجعل الفنان يرتمي في أحضان السلطة، على الرغم من أن الشعب هو صاحب الفضل الأول والأخير عليه، فالجمهور هو من يمنحه الشهرة والثروة؟
هذا الأمر له جذور تاريخية، تعود إلى عهد الملوك، حيث كان الشعراء يقفون بأبوابهم، ويمدحونهم، من أجل الهبات والعطايا، وأعتقد أن هذا الأمر متأصل في أذهان الفنانين إلى درجة كبيرة، إضافة إلى أن غالبية من يعتبرون أنفسهم نجوماً، ليست لديهم موهبة حقيقية، وليست لديهم ثقة في أنفسهم، وكل واحد منا نحن الفنانين يعلم جيداً، هل المكانة التي وصل إليها كانت نتيجة لعمله وموهبته أم نتيجة لأساليب أخرى غير نظيفة، والضعيف فنياً كان يرتمي في أحضان النظام السابق، ليتسند عليه، لأن أساساته ضعيفة.

هناك أزمة تواجه صناعة الدراما باستمرار، تتمثل في طغيان شركات الإعلانات عليها، وتحكمها في المضمون وفرض فنانين بأعينهم على الأعمال الفنية، كيف ترى الحل؟
أعتقد أن تلك الظاهرة ستنتهي بعد الثورة، لسبب بسيط، لم يكن يدركه الكثيرون، ألا وهو أن أولاد صفوت الشريف كانوا هم المتحكمين في صناعة الإعلانات والدراما في مصر طوال الفترة الماضية، ولكن أجدد دعوتي لإعداد كتاب جيدين قادرين على الإبداع، لتقديم أعمال ذات مضمون، ويجب أن يكون للدولة دور في النهوض بصناعة الدراما التلفزيونية، بإعتبارها ذات جوانب صناعة تثقيفية بالأساس.

كيف ترى دور نقابة الممثلين في المرحلة القادمة، وما هي المواصفات التي يجب توافرها في شخصه؟
هناك مقولة شهيرة تقول: quot;إذا أردت أن تتعرف على أي شعب، عليك أن تشاهد فنه أولاًquot;، ونتيجة للممارسات الإستبدادية والتخريبية التي كان يرتكبها النظام السابق في حق الشعب المصري، حدث إنهيار شامل في كافة مناحي الحياة، وكان المجال الفني جزءًا منها، حيث إنحدر مستوى جميع الفنون إلى درجة مخيفة، وصارت في الحضيض، يستوي في ذلك السينما والمسرح والموسيقى.

وأعتقد أن مرحلة ما بعد الثورة تحتاج للكثير من العمل والجهد من أجل بناء الدولة، وإستعادة الفن المصري لمكانته و ريادته، ولابد أن يكون لنقابة الممثلين دورًا واضحًا في تلك المرحلة، وهذا يستلزم وجود نقيب قوي، يمتلك كاريزما واضحة، ويجب ألا تكون مهمته في تلك المرحلة هي تشغيل زملائه فقط، بل يجب عليه أن يعمل على الإرتقاء بالفن، والبدء من جديد، لأن الثورة العظيمة التي نعيش أيامها حالياً، هدمت النظام السابق بكل مفاسده، من أجل بناء دولة ونظام جديد، ولن يحدث ذلك إلا من خلال مساهمة الفن فيه بشكل فاعل.

يلاحظ جمهورك أنك كنت قليل الظهور في الأعمال الفنية خلال السنوات القليلة الماضية، فمثلاً شاركت في مسلسل واحد خلال رمضان الماضي، ما هي الأسباب؟
يكفي عمل واحد في العام، حتى لا يمل الجمهور، quot;ليه نقرف الناس باستمرارquot;، المفروض كل فنان يقدم عمل أو اثنين محترمين وكفاية، الغريب أن هناك فنانين يعتقدون أن quot;دمهم خفيفquot;،ويطلون في نفس الوقت بعدةمسلسلات وأفلام،كما أن الفنان لابد أن يدقق في إختياراته، وأن لا يكون كل همه تقديم كم كبير من الأعمال، وكنز الأموال، الأهم هو القيمة الفنية التي يمثلها عمله، هناك فنانون قدموا أعمالاً تعد على الأصابع، لكنها في صدارة التاريخ.

لكن مسلسل quot;كليوباتراquot;، وهو العمل الوحيد الذي قدمته خلال العام الماضي، وتعرض لإنتقادات عديدة؟
هذا المسلسل كان رائعاً، ولم يتعرض لإنتقادات، بل تعرض لظلم شديد في مصر لصالح مسلسل quot;الجماعةquot;، فقد وضع النظام السابق كافة الطاقات من أجل هذا المسلسل بهدف ضرب جماعة الإخوان المسلمين، ومن ثم كانت كافة الإشادات تذهب لـquot;الجماعةquot;، بإعتباره العمل الفني الوحيد المتكامل، ولم يكن ذلك خافياً على أحد.

وعلى الرغم من ذلك فقد كان مسلسل quot;كليوباتراquot;، عملاً فنياً متكاملاً بمعنى الكلمة، ولم يتعرض لإنتقادات سوى من فاروق حسني وزير الثقافة الأسبق، حيث سأله أحد الصحافيين عن الأعمال الدرامية التي يتابعها، فرد قائلاً إنه يشاهد quot;الجماعةquot;، وإمتدحه كثيراً، وأضاف أن باقي الأعمال هيدون المستوى، ومنها quot;كليوباتراquot;، مشيراً إلى أنه لم يشاهد سوى الحلقة الأولى منه فقط، وإكتشف أن به العديد من الأخطاء الفنية والتاريخية.

وأنا أتساءل: كيف يعرف الوزير السابق الذي يعتبر واحد من الفنانين أن المسلسل به أخطاء تاريخية وفنية وأخطاء في الملابس، منذ الحلقة الأولى؟ ولذلك عندما وجه إليَ سؤالاً وقتها حول ما ورد على لسان الوزير السابق، قلت إنه وزير مكشوف عنه الحجاب، لأنه عرف أن المسلسل يضم أخطاء تاريخية وفنية من الحلقة الأولى، وهاجمته بشدة.

لكن الإنتقادات طالت أداء السورية سولاف فراخرجي لشخصية كليوباترا؟
لم تكن تلك الإنتقادات، إلا صادرة من بعض الفنانات المصريات، حيث يشعرن بالغضب من أداء سولاف للشخصية، فهن يرين أن كليوباترا ملكة مصرية، ويجب أن تجسدها ممثلة مصرية، وليس سورية، وأنا أؤكد أن أداءها كان رائعاً، لاسيما في نطق اللغة العربية الفصحى، والحقيقة أن السوريين وخصوصًا الممثلات متفوقات جداً في التمثيل بالفصحى، وعلى الرغم من أن غالبية الممثلات لدينا في مصر خريجات معهد التمثيل إلا أنهن جميعاً لا يجدن التمثيل باللغة العربية، لذلك كانت سولاف مدهشة.

وكيف كان تعاونك مع السوريين درامياً لاسيما أنهم متفوقون في الدراما التاريخية؟
هذه حقيقة، فهم يجيدون التمثيل باللغة العربية، وقد قبلت تجسيد شخصية بطليموس الثاني عشر، لسبيبن مهمين، أولهما إني أردت مبارزة السوريين في عقر دارهم بالتمثيل باللغة العربية الفصحى، وأعجب السوريون بأدائي جداً، لدرجة أنهم كانوا يحضرون لمشاهدتي أثناء التصوير، وثانيهما إني رغبت في أداء شخصية الملك بطليموس الثاني عشر، وهو ملك من البطالمة، أي مستعمر، وعلى الرغم من ذلك كان يحب مصر، ويعمل من أجل شعبها، وكنت أسعى لإيصالرسالة إلى النظام الحاكم السابق، مفادها أن الملك الأجنبي كان يحب مصر ويعمل لأجل أبناءها أكثر منه، لكن أعضاء ذلك النظام لم يفهموا الرسالة.

بهذه المناسبة، هل ترى أن هناك صراعًا أم تكاملاً ما بين الدراما المصرية ونظيرتها السورية؟
ليس هناك أي صراع بين الدراما السورية والمصرية، بل تكامل، ونحن في العالم العربي في حاجة إلى التكامل، وليس التنافس أو التصارع.

بعد نجاح ثورة 25 يناير في الإطاحة بنظام حكم مبارك، كيف ترى دور الفن في مرحلة بناء الدولة الديمقراطية؟
تتوقف جودة أي عمل، ومدي قوته والرسالة التي يقدمها للجماهير على الكاتب نفسه، لذلك أنا أرى أن دور الفن في مرحلة بناء الدولة المصرية الجديدة من حيث الإقتصاد والثقافة والديمقراطية يبدأ من الكاتب، وأعتقد أنه من الضروري أن يكون لدينا كتاب لديهم روية واضحة لتلك المرحلة ومتطلباتها، شكل النظام السياسي، شكل المجتمع من حيث العلاقة بين الناس، والتأصيل للحريات وإحترام الآخر وعدم تسفيه معتقداته أو أرائه، وفي سبيل إعداد الكاتب الجيد، يجب توفير سبل الراحة له، لكي يبدع في عمله، مع تجنيب الأعمال السطحية والتافهة، وعدم الإلتفات إليها، ويكون هذا المسلك مع كتاب المسرح والسينما والدراما.

وما دور الفنان في تلك المرحلة الدقيقة؟
نحن نحتاج في مرحلة ما بعد إنتصار ثورة 25 يناير إلى فنان مثقف وواعي، وليس فنانًا صاحب تفكير سطحي، لا يجيد التفرقة بين الغث السمين، لذلك يجب على الفنان أن يكثر من القراءة في التاريخ وعلم الإجتماع وأن يكون مثقفًا بمعنى الكلمة.

مصر لديها تاريخ طويل في صناعة الدراما سواء سينما أو تلفزيون، لكنها تأخرت كثيراً في الوقت الراهن، وهناك دول حديثة في المجال سحبت البساط من تحت أقدامها؟
على الرغم من أننا في مصر بدأنا منذ أكثر من مائة عام في صناعة السينما والدراما مع إيطاليا والهند، إلا أننا تأخرنا عنهما كثيراً، فإيطاليا لديها حالياً صناعة فنية عريقة، والهند لديها صناعة ضخمة أيضاً، لكننا تأخرنا والسبب ثورة 23 يوليو 1952.

كيف ذلك، خصوصًا أن هناك من يقول عكس كلامك؟
نعم ثورة 23 يوليو تسببت في موت صناعة الدراما والسينما، حيث أممت شركات الإنتاج، وكانت في غالبيتها مملوكة لأجانب أو لبنانيين أو يهود، وهرب هؤلاء جميعاً للخارج، وبالتالي فقدت مصر الخبرة، حيث تولى إدارة تلك الشركات quot;صبيانquot;،هذا إضافة إلى أن من كانوا يقودون البلاد مجموعة ضباط صغار، ليست لديهم القدرة على إستيعاب الأمور، وأن الفن لابد أن يكون معبراً عن الدولة والحضارة المصرية، فأميركا قد لا تكون بالعظمة أو القوة التي نعتقد أنها عليها، ولكنها صورت للعالم كله نفسها كذلك بإستخدام الفن، أما النظام السابق فقد إستخدم الفن في تقزيم مصر الحضارة، وصنعوا أفلاماً تؤصل للحكم العسكري، وليت الأمر إنتهى عند هذا الحد، بل إستخدمت المخابرات الفنانات في أعمال قذرة، ضمن القضية الشهيرة المعروفة بـquot;إنحرافات المخابراتquot;، وبالتالي تم تدمير الفن كصناعة، وإضطر الفنانين للهجرة إلى الخارج للعمل.

وهل تتوقع أن تصلح ثورة 25 يناير ما أفسدته ثورة 23 يوليو؟
أنا متفائل جداً، بأن الأحوال في مصر ستكون أفضل على جميع الأصعدة.