قدَّمت الدراما اللبنانيَّة خلال شهر رمضان أربعة أعمال دراميَّة، لاقت جميعها صدىً جمياهيريًّا كبيرًا، وجدلاً نقديًا بالتَّساوي مع الإشادة، في خطوةٍ قد تكون مقدِّمةً للمزيد من الأعمال اللبنانيَّة الجديرة بالمنافسة عربيًّا.


بيروت: قدَّمت الدراما اللبنانيَّة خلال هذا الموسم الرَّمضاني، أربعة مسلسلات ضخمة الإنتاج لاقت الكثير من ردود الأفعال الإيجابيَّة، وحظيت على نسب مشاهدة مرتفعة، وهي quot;باب إدريسquot;، وquot;الغالبونquot;، وquot;آخر خبرquot;، وquot;الشحرورةquot;، على الرغم من بعض الإنتقادات الَّتي طالتها، إلَّا أنَّها إستطاعت أنّْ تنافس الكثير من الأعمال الدراميَّة العربيَّة، في خطوةٍ تحسب لصالحها.

وفي إستطلاعٍ أجرته quot;إيلافquot; مع عددٍ من النقَّاد الدراميين، حول رأيهم في أفضل عملٍ معروضٍ، وأفضل ممثل وممثلة وقناة، جاءت الإجابات منوَّعة ومتفاوته على الرغم من قلَّة الأعمال موضوع الحديث.

وقدَّم الناقد الدرامي والصحافي، روبير فرنجية، صورةً عامَّة عن المسلسلات اللبنانيَّة الَّتي عرضت خلال هذا الشهر، ورأى أنَّ مسلسل quot;الغالبونquot; الذي أنتجته وعرضته قناة quot;المنارquot;، الذي تناول قصص مقاومة أهل الجنوب ضد الإعتداءات الإسرائيليَّة، كان لافتًا من عدَّة نواحي، أوَّلها الإنتاج الضخم الذي يصبو لمنافسة الإنتاجات العربيَّة ويجاريها، معتبرًا أنَّ إخراج السوري باسل الخطيب كان جيِّدًا، في حين كان للنص أنّْ يكون أفضل، ورأى أنَّ الرجال برزوا أكثر من النساء، لأنَّ العمل بطبيعته يتحدَّث عن المقاومين والمحاربين، والقصَّة تدور حولهم، وأشاد بأداء الممثل، أحمد الزين، وإعتبر أنَّ دوره كان الأبرز، وأشار إلى أنَّ هذا المسلسل قدَّم نجمًا جديدًا على السَّاحة الفنيَّة، وهو الممثل، طوني عيسى، إذ رُفع إلى فسق الممثل من الدَّرجة الأولى.

في حين رأى أنَّ مسلسل quot;آخر خبرquot; نجح في إستقطاب شريحة معيَّنة من المشاهدين، وهي فئة المراهقين والأطفال، بسبب توقيت عرضه، ورأى أنَّ الثنائي الذي شكَّلاه ماغي بو عضن ووسام صبَّاغ كان جميلًا، في حين كان الأخراج أقل من عادي.

أمَّا في ما يتعلَّق بمسلسل quot;باب إدريسquot;، فرأى أنَّه من أفضل الأعمال الَّتي قدَّمتها quot;مروى غروبquot; إذ وفَّرت الشَّركة كل ما يحتاجة العمل من مقومات إنتاجيَّة، ولكن ليس بالحجم الذي روِّج له وبحسب الإدعاءات الَّتي أطلقت بأنَّ كلفته قريبة من كلفة الإنتاجات السوريَّة، وإعتبره خطوةً متقدِّمةً في الدراما اللبنانيَّة، كما كان إخراج سمير حبشي مقنعًا وذكيًّا، في حين قدَّمت كلوديا مرشيليان نصًّا جيِّدًا، لكن في المقابل لم يقترب العمل من التوثيق والتأريخ الصحيح لحقبة معيَّنة من تاريخ لبنان، خصوصًا أنَّ الإنتداب الفرنسي وليس الإحتلال كما روِّج في المسلسل، لم يكن بهذا الإجرام، كما لم يسقط سوى قتيل واحد خلال تلك الفترة، أمَّا من ناحية الممثلين فقد برز البعض على حساب البعض الآخر، وكانت القدرات متفاوتة، وبين الرجال تألَّق يوسف الخال، وبيتر سمعان، ومجمد مشموشي، وعمر ميقاتي، فيما تألَّقت تقلا شمعون وختام اللحام، في الأدوار النِّسائيَّة، إضافةً إلى ديامان بو عبود، وجويل داغر، أمَّا نادين نجيم فقد إستطاعت في الحلقات الأخيرة إستعادة الوهج الذي فقدته في الحلقات الأولى.

وفيما يتعلَّق بمسلسل quot;الشَّحرورةquot;، رأى أنَّ ما قدِّم كان سيرة صباح الغراميَّة أكثر من سيرة صباح الفنانة في معظم الحلقات، إذ لم ينقل العمل تاريخًا كاملاً لمرحلة كاملة من العطاء الفني في لبنان، بل تحدَّث عن الحياة الشَّخصيَّة لصباح، إلَّا أنَّه إستقطب نسبةً كبيرةً من المشاهدين.

ونظرًا لما عرض، رأى أنَّ باب إدريس والشحرورة والغالبون كانوا جميعًا بارزين من نواحي معيَّنة، في حين كانت قناة الجديد مع عاصي والدبور، والمؤسسة اللبنانيَّة للإرسال مع باب إدريس والزعيم الأبرز بين القنوات اللبنانيَّة.

إلى ذلك، رأى الصحافي والناقد، محمد حجازي، أنَّ مسلسل quot;الشحرورةquot; كان الأفضل بين الأعمال اللبنانيَّة المقدَّمة، لعدَّة أسباب أبرزها أنَّه ولأوَّل مرَّة بتاريخ السير الذاتيَّة، ترضى فنانة وبحياتها أنّْ تتمَّ الإضاءة على كامل تفاصيل حياتها بسلبياتها وإيجابياتها، وهنا التميُّز في هذا العمل، إضافة إلى الإنتاج الضخم الذي رافق التَّصوير، والذي قارب الأربعة مليون دولار أميركي، وهو ما يليق لتجسيد سيرة صباح، كما أنَّ كارول وفق ما قال بعض النقَّاد بإنَّها لم تقترب ولم تستطع أنّْ تكون صباح، إلَّا أنَّ روح صباح كانت موجودة في العمل، وهذا هو الأساس لنجاح مسلسلات السير الذاتيَّة.

ورأى أنَّ بين الممثلين الرجال برز الممثل، رفيق على أحمد، وبين النساء إكتسحت كارول سماحة المرتبة الأولى، إذ نجحت من خلال الروحيَّة الَّتي قدَّمتها وجسدَّتها للشحرورة.

وفيما يتعلَّق بالقنوات رأى أنَّه خلال رمضان، كان الأساس البحث عن المسلسلات ومشاهدتها، بغض النظر عن القناة العارضة، إلَّا أنَّ شاشة المستقبل إستفادت من quot;الشحرورةquot; الَّتي رفعت من نسبة مشاهديها.

لنصل إلى الناقد الدرامي والصحافي، باسم الحكيم، الذي رأى أنَّ quot;باب إدريسquot; وquot;الغالبونquot; كانا من الأعمال المتقدِّمة شعبيًّا وجماهيريًّا، quot;باب إدريسquot; لأنَّه عرض على شاشة المؤسَّسة اللبنانيَّة للإرسال الَّتي تمتلك قاعدة جماهيريَّة كبيرة، ولأنَّه يسرد فترة مهمَّة من تاريخ لبنان ويعني جميع اللبنانيين بكل شرائحهم،كما كانعملاً متقدِّمًا في الدراما اللبنانيَّة، أمَّا quot;الغالبونquot; فقد قدِّم بحرفية عالية من ناحية القصَّة والإخراج والممثلين، إلَّا أنَّ عرضه على قناة المنار، وبسبب الإنقسام السياسي في البلد، حصد جمهورًا معيَّنًا على الرغم من أنَّ أبطاله متعددين وينتمون إلى كافة الطوائف، وليس فقط إلى جمهور المقاومة الإسلاميَّة، ولكن المأخذ الرَّئيسي عليه أنَّه لم يعطِ حقًّا للمقاومات الأخرى، الَّتي كانت فاعلة في مواجهة الإعتداءات الإسرائيليَّة، وكانت موجودة حتَّى قبل المقاومة الإسلاميَّة.

أمَّا في ما يتعلَّق بمسلسل quot;الشحرورةquot; إعتبر أنَّه ليس لبنانيًّا بحت، على الرغم من أنَّه يتناول سيرة الفنانة صباح، إلَّا أنَّ إنتاجه كان جيِّدًا، وأضاف أنَّ الفنانة كارول سماحة لم تكن مقنعةً بدايةً، ولكن ما لبست أنْ إرتدت شخصيَّة الشحرورة، خصوصًا أنَّها مطربة وممثلة، ومن أبرز القادرات على لعب شخصيَّة غنية كشخصيَّة صباح، وقال:quot;لن أتحدَّث عمَّا إذا كانت قد نجحت أو فشلت، لأنَّ النَّاس غير معتادين على رؤية كارول بشخصيَّة صباح، لأنَّ لكلٍّ منهما شخصيَّة منفردة، وحضور بارز في أعمالهما الَّتي قدمتاهاquot;.

أمَّا فيما يتعلَّق بالأفضل بين الممثلات، رأى أنَّ الممثلة، ديامان بو عبود، كانت رائعة في الدور الذي قدَّمته في quot;باب إدريسquot;، وكان أداؤها جيِّدًا، لولا الجمود الذي يعتريها، والذي لا يتناسب مع دور الراقصة الذي قدَّمته، إلَّا أنَّ أداءها جديرٌ بالإحترام.

فيما برز بين الرجال كلاًّ من يوسف الخال، وطوني عيسى، وأحمد الزين الذي لعب دور quot;أبو حسينquot; الأب المقاوم في quot;الغالبونquot;، وكان لديه إنفعالات رائعة ومؤثِّرة.

في ما رأى أنَّ المؤسَّسة اللبنانيَّة للإرسال كانت الأفضل من دون منازع.

أمَّا الصحافيَّة، هدى القزي، فرأت أنَّ quot;الشحرورةquot; وquot;باب إدريسquot; كانا من أفضل المسلسلات الَّتي قدِّمت، فالشحرورة حظي بنسبة متابعة كبيرة، لأنَّه سيرة ذاتية، وعادةً هذه الأعمال تستقطب نسبًا كبيرةً، فكيف إذ كانت ينقل سيرة فنانة لازالت على قيد الحياة، وكانت فنانة شاملة ومحترفة تمثيلاً وغناءً، وقالت:quot;إنتاجيًّا كانت تكلفته كبيرة، وعملية إنتقاء الممثلين كانت ناجحة، خصوصًا فيما يتعلق بوالدتها ووالدها، ورأت أنَّ العمل صيغ بإتقان ويتضمَّن الكثير من التَّفاصيل الَّتي ألقي الضوء عليهاquot;.

أمَّا quot;باب إدريسquot; فقد شُغل بطريقةٍ جمليةٍ، وكان قريبًا من النَّاس ونال إعجابهم، كما أنَّ الممثلين لعبوا أدوارهم بإتقان، وبرزت بين النساء ديامان بوعبود، ونادين نجيم، وبين الرجال يوسف الخال الذي لعب دورًا جديدًا عليه، كما أنَّ الثنائيَّات الَّتي قدِّمت كانت جميلة.

ورأت أنَّ الثقل الإنتاجي في quot;باب إدريسquot; وquot;الشحرورةquot; سحبت المتابعة من أمام المسلسلات الأخرى، ورفعا الدراما اللبنانيَّة، ووضعها في خط المنافسة مع الدراما السوريَّة والمصريَّة.

ورأت أنَّ كارول سماحة وتقلا شمعون كانتا من أبرز الممثلات، فكارول إستطاعت أنّْ تقدِّم شخصيَّة صباح حتَّى بالحركات والأداء والتَّمثيل، وقدَّمت دورها لدرجة أنَّها جعلت المشاهد يصدِّق أنَّها فعلاً صباح، بينما رأت أنَّ تقلا شمعون عاشت الدور بشكلٍ صحيح، ونجحت في جعل المشاهد يعيش الحالة معها، خصوصًا المشاهد الدراميَّة، بينما رأت أنَّ الممثل رفيق علي أحمد برز بين الرجال وقالت: quot;لا أستطيع سوى أنّْ أرفع له القبعةquot;.

في حين وجدت أنَّ قناة المستقبل كانت الأبرز خلال شهر رمضان، وتفوَّقت على المحطَّات الأخرى.