كان محمد الصبيحي مذيع الملوك في السعودية، عاصرهم وتنقل معهم، كما تنقل في مناصب إعلامية مختلفة. في كتابه "رحلة الأيام وذكريات في الإعلام"، يروي ذكرياته في المناصب التي تقلب فيها، كأنه تأريخ شفهي لقطاع الإعلامي السعودي.

إيلاف: عُرف الإعلامي السعودي محمد أحمد الصبيحي بصوته المميّز، وهو يردد على مسامع المسافرين على متن الخطوط السعودية دعاء السفر، قبل إقلاع رحلاتها الداخلية والخارجية، كما عُرف صوته في أجهزة تسجيل يتم تركيبها في السيارات التي تباع في السوق السعودية.&

وساهم – بحسب تقرير نشرته "الشرق الأوسط" - بخبرته الإعلامية في تأسيس الإذاعة والمحطات التلفزيونية في بلاده والخارج، وكان مذيعًا لافتًا في إذاعة بلاده، قدم عبر أثيرها برامج منوعة. كما صاحب ملوك الدولة السعودية في رحلاتهم ومناسباتهم المختلفة مذيعًا معتمدًا.

كاد يسقط
في كتابه "رحلة الأيام وذكريات في الإعلام" الصادر حديثًا، وضع الصبيحي أطيافًا من سيرته الذاتية ووقائع رحلته في الحياة وفي الإعلام، التقطها من ذاكرته، واختلط فيها الذاتي كسيرة إنسانية بالموضوعي كسيرة عملية، بدءًا بميلاده بمكة المكرمة وعمله مع الإذاعة السعودية والتلفزيون السعودي، وانتقاله إلى الولايات المتحدة لتحصيل الدراسات العليا، ليعود إلى وزارة الإعلام مؤسسًا القناة الثانية في التلفزيون السعودي، ثم ليشدّّّّ الرحال إلى لندن ملحقًا إعلاميًا في سفارة بلاده في بريطانيا، متذكرًا مساهمته الأولى في إنشاء قناة إم بي سي، ثم عودته إلى حضن الوطن، وتوليه مسؤولية اتحاد الإذاعات الإسلامية، كأمين عام لها لسنوات عدة، ثم مستشارًا لهذا الاتحاد.

ذكريات محمد أحمد الصبيحي في الإعلام السعودي
يتذكر الصبيحي في كتابه أول تجربة إذاعية له، وهي تجربة لا تنسى ولم تعبر الذاكرة، فبعدما تم تكليفه بتغطية وصول الملك سعود بن عبد

ذكريات محمد أحمد الصبيحي في الإعلام السعودي

العزيز من الرياض إلى جدة، هيّأ نفسه، واتجه إلى المطار في وقت مبكر، ومعه جهاز التسجيل، وبصحبته مهندس الصوت المختص، وعند وصول الملك سعود وتوجّهه إلى مقر إقامته في جدة، ركب المذيع الجديد والمهندس في إحدى سيارات الموكب، وكانت سيارات مكشوفة، واتخذ مكانًا على طرف السيارة، ليقوم بالوصف، وما أن بدأ الموكب الملكي بالتحرك بسرعته المطلوبة حتى وجد المذيع نفسه على وشك السقوط خارج السيارة، فما كان من المهندس المرافق له ومعه بعض الجنود المرافقين للموكب إلا الإمساك به بسرعة، وإعادته إلى السيارة، بعدما كاد يسقط منها.

مع الملك فيصل
سرد الصبيحي في كتابه تجربته مع الملك فيصل بن عبد العزيز عندما كان وليًا للعهد ثم ملكًا، حيث حضر ولي العهد حفل افتتاح مشروع مياه الكيلو 14 على طريق مكة إلى موقع الحفل عصرًا من دون مرافقين بسيارته البيضاء يقودها سائقه عمر باجابر، وكان الحفل بسيطًا، والصبيحي مذيع الحفل.&

كانت من ضمن فقرات الحفل كلمة ألقاها عزيز ضياء، ركز فيها على الماء وشحّه وضرورة الترشيد في استخدامه، ولمح وصرح في هذا الإطار، وكان الملك فيصل منشغلًا أثناءها بالحديث مع الشيخ عثمان باعثمان المسؤول عن وقف الملك عبد العزيز لمشروع المياه.&

ورد الملك فيصل على ما قاله عزيز ضياء مبينًا جهود الدولة في توفير المياه وما تقوم به من مشروعات عملاقة في هذا الإطار، وكان الجميع يتصور أن الملك فيصل لم يسمع جيدًا كلمة المتحدث، وعندما توجّه المذيع الصبيحي إلى مبنى الإذاعة ليجري المونتاج على مادة تغطية الحفل ليذيعها لاحقًا، حضر ضياء وطلب إجراء بعض المونتاج على كلمته التي ألقاها أمام ولي العهد في الحفل اعتقادًا أن الكلمة أثارت غضب الملك، وتم إبلاغ المتحدث أن المادة لا يمكن منتجتها ثانية، وهي تذاع الآن على الهواء، ومرت الحادثة بسلام.

قصة مواطن مصري
صاحب الصبيحي ملوك الدولة السعودية وأمراءها من سعود إلى سلمان في رحلاتهم الخارجية المتعددة، وكان المذيع الرسمي فيها أو رئيسًا للوفد الإعلامي، ولعل أبرزها افتتاح الملك سلمان بن عبد العزيز (كان أميرًا للرياض) معرض المملكة بين الأمس واليوم في القاهرة، وقام الصبيحي بتقديم الحفل الذي حضره الرئيس المصري السابق حسني مبارك، وحقق المعرض نجاحًا باهرًا، "وحدثت فيه قصة لمواطن مصري من زوار المعرض قابله التلفزيون السعودي، تمنى في المقابلة أن يوفقه الله، ويؤدّي فريضة الحج ليتلقى الصبيحي مكالمة من مكتب وزير الإعلام السعودي يخبره بصدور التوجيهات السامية للاتصال بهذا المواطن المصري وإبلاغه بتحقيق رغبته واستضافته لأداء فريضة الحج مع أسرته، بعدما تم الاستعانة بالكاميرات لمعرفة هذا المواطن من بين الآلاف الذين يزورون المعرض".

يقول الصبيحي إنه بعد وقت طويل من عمله في لندن وإنشاء إم بي سي ونشاط المركز الإعلامي في لندن، جاءه اتصال من عساف أبو ثنين، وكان يعمل سكرتيرًا في مكتب الملك سلمان بن عبد العزيز عندما كان أميرًا للرياض، أبلغه فيه أن الأمير أحمد بن سلمان يقرئك السلام، وقد رشحك لتسلم رئاسة تحرير جريدة "الشرق الأوسط" في لندن، "وقد سرّّّّّني هذا الخبر للغاية، وأثلج صدري، غير أني اعتذرت لارتباطي بأمر قناة إم بي سي، فضلًا عن عملي كملحق إعلامي".


أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن "الشرق الأوسط". الأصل منشور على الرابط:
https://bit.ly/2GgKax4