في تمرد بشكل أدبي، يشرّح صلاح الدين دمرداش ما في المجتمع التركي الذكوري من عيوب أخلاقية، في أول مجموعة قصصية له بعنوان "فجر".

إيلاف: في السنوات القليلة الماضية، عندما عزز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سلطته بعد محاولة انقلاب فاشلة في عام 2016، تعرّض الآلاف من السياسيين المعارضين والناشطين والمثقفين وأساتذة الجامعات للسجن أو النفي. كما واجهت الصحف والمجلات الأدبية وغيرها من منتديات التعبير والنقاش العام رقابة مشددة، حيث تعرّض العديد من المحررين للمضايقات بسبب المحتويات التي لا تتطابق مع خط أردوغان السياسي.

تمرد في شكل أدبي
من خلف القضبان، نشر صلاح الدين دمرداش (أو دميرتاش بالتركية)، الزعيم السابق لحزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد والموقوف منذ نوفمبر 2016 على خلفية اتهام وجّّّهه إليه أردوغان بممارسة أنشطة إرهابية، كتابه الجديد بعنوان "الفجر" Dawn (176 صفحة، منشورات سارة جيسيكا باركر، 9.82 دولارًا)، ويرسم فيه قصصًا تجسد صورة رائعة للحياة وراء العناوين الرئيسة في تركيا والشرق الأوسط. ترجمه من التركية ماري سبانغلر وكايت فيرغوسن.

حقق كتاب دمرداش السجين حتى اليوم أرقام مبيعات هائلة في تركيا، إذ بيع ما يزيد على 200 ألف نسخة. ويكشف دمرداش فيه عن المعارضين والجلادين بينهم، إلى جانب عناد البيروقراطية التي يمكن أن تبتلع الروح وتحييها في الأسر. وهو يبرز التمرد في شكل أدبي، ويعرض تجارب تكشف عن كيفية ظهور العالم في "ضوء مختلف". يظهره الكتاب كاتبًا خياليًا، يجمع القصص القصيرة المؤثرة والغريبة التي يمكن قراءتها كسلسلة من الأخطاء التي كتبها من داخل زنزانته، عن المنشقين الذين رفضوا الرضوخ لمطالب أردوغان، والأدب والسياسة وظلم المجتمع.

قصة سَحر
يروي دمرداش في كتابه قصة خيالية عن شابة تُدعى سحر، توافق على الذهاب إلى موعد مع زميل من العمل، لتحدث الفاجعة عندما يختطفها هذا الرجل وأصدقاؤه ويغتصبونها.

ينقل دمرداش في هذه القصة بشاعة بعض العادات والموروثات القديمة، فعندما يعلم والدها بما حدث، يقرر أنها أصبحت بنتًا "ملوثة" ويأخذها إلى حقل ليقتلها باسم الشرف.

يقول دمرداش: "في إحدى الأمسيات في الغابة، سرق ثلاثة رجال أحلام سحر. وفي إحدى الأمسيات في حقل فارغ، سرق ثلاثة رجال حياتها".

"نازان عاملة التنظيف"
العديد من القصص في الكتاب تدور حول هذه الفظائع المجتمعية التي تنص على أن المرأة يجب أن تكون "نقية"، ويجب أن يهيمن الرجال على النساء، ولعل إحدى أروع القصص التي عرضها دمرداش في المجموعة تحمل عنوان "نازان عاملة التنظيف".

يروي دمرداش قصة نازان التي تستقل الحافلة للعمل في كل يوم، لكن انتباهها ينجذب إلى السيارات المحيطة بها أثناء حركة المرور. علمها والدها أن السيارات يمكن أن تكشف عن أشياء كثيرة عن الأشخاص الذين يقودونها، وأن النظر من خلال نافذة الحافلة يجعلها تكتشف الفروق الدقيقة في المجتمع التركي.

في أحد الأيام، وقبل وصولها إلى العمل، اندلعت أعمال شغب، وأُصيبت نازان بجروح، ونقلت إلى المستشفى، واللافت كان اعتقالها بعد تماثلها للشفاء وزجّّها في السجن، على الرغم من أنها كانت مجرد متفرجة عالقة في هذا المزيج المضطرب.

تتأمل نازان الدروس التي يجب استخلاصها من مأزقها. تقول: "وجودي هنا جعلني أرى الجوار في ضوء مختلف تمامًا. وعلى الرغم من أنني قد لا أمكث في السجن فترة أطول، إلا أن هذه الأشهر الستة كانت كافية بالنسبة إليّ للتعرف إلى نفسي. وهناك درس مهم تعلمته هنا: إذا كنت تمشي بشجاعة وعزيمة في بعض الأحيان، يمكنك التحرك بشكل أسرع من السيارة".


أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن موقع "كلمات بلا حدود". الأصل منشور على الرابط:
https://www.wordswithoutborders.org/book-review/dawn-by-selahattin-demirtas-rafia-zakaria-jailed-writer-fiction-debut
&