كامل الشيرازي من الجزائر:تشهد الجراحة التجميلية ازدهارا محسوسا في الجزائر خلال الفترة الأخيرة، بعد سنوات من الركود، ويبرز أخصائيون سألتهم quot;إيلافquot; أنّ عدد الطلبات على الجراحة التقويمية أو الإصلاحية في اطراد مستمرّ، ومصدره رجال ونساء، مع حضور قوي لبنات حواء بنسبة 90 بالمائة رغم ما يُثار من محاذير.

يفيد الدكتور رشيد العايب الذي يشرف على عيادتين للتجميل بالجزائر العاصمة وباريس، أنّ الإقبال على الجراحة التجميلية وما يتصل بها من علاجات اتسع بشكل ملحوظ في الجزائر، مقارنة بالسنوات القليلة الماضية، أين ظلّ لفترة محتشما ومحدودا، وهو ما عزاه إلى التكلفة الباهظة للجراحة التجميلية التي لا يستطيع الكثير من الناس الوفاء بها.

ويلفت العايب إلى أنّ الوضع اختلف الآن، وصار زبائنه ينفقون بسخاء، موضحا أنّ غالبية من يقصدون عيادته هم من النساء اللواتي يردن القيام بتقويمات مختلفة للوجه والأنف والبطن، لكنّ ذلك لا يعني غياب الرجال المهووسين هم أيضا بالتجميل، ويقوم النساء كما الرجال بأكثر من عملية تجميلية في رحلة البحث عن تقويم أجسامهم.

ويشرح محدثنا أنّ الكثير ممن يراجعونه، يطمحون في شفط الدهون وشدّ البطون، وهو حال مواطناته، فيما يبحث آخرون عن تغيير شامل لأجسادهم، إلاّ أنّ الإشكال المادي غالبا ما يطرح نفسه وينسف آمال الكثير من الحالمين بالاستفادة من جراحات تجميلية. واستنادا إلى معلومات متوافرة فإنّ سعر العملية التجميلية الواحدة لا ينزل تحت مستوى 130 ألف دينار (بحدود ألف يورو)، وقد يصل إلى ما بين 160 و190 ألف دينار (1500 يورو) بحسب النمط التجميلي الذي يُراد تنفيذه، علما أنّ عمليات مماثلة أقلّ تكلفة في دول الجوار على غرار تونس التي تقترح الكثير من عياداتها تكفلا تاما بقاصديها وبأسعار أقل مقارنة بما هو مقترح في الجزائر.

من جانبه، يوضح الدكتور عابد ربّاح أنّ الجراحة التجميلية ليست مقصورة في الجزائر على الهائمين بالجمال، بل تحظى باهتمام خاص من طرف مواطنيه الذين يعانون من تشوهات خلقية وكذا إعاقات، ويجد هؤلاء ضالتهم في أطباء التجميل، رغم ارتفاع التكاليف التي تثقل كواهلهم. بدوره، يشير الدكتور محمد أوغانم رئيس الجمعية الجزائرية لطب التجميل، إلى أنّ العلاجات التجميلية الأكثر طلبا هناك، تتمحور في التقشيرات السطحية للبشرة، التجميل بالإبر والليزر لنزع الشعر والأوعية ونزع تجاعيد الوجه.

وبين هذا وذاك، تُحظى الجراحة الإصلاحية والتزيينية بمكانة خاصة في الجزائر، حيث يُقبل عموم المصابين بتشوهات خلقية أو إصابات جراء حوادث سير أو حروق، وكذا النساء اللواتي أنجبن عن طريق ولادات قيصرية، على اللجوء إلى عمليات تقويمية لأجسادهنّ. ويتصور الدكتوران نذير سكّال وجمال بوراي أنّ التقدم الذي تشهده الجراحة الاصلاحية يحفزّ الزبائن، خصوصا مع توفر الجزائر على أحدث الوسائل الطبية والتقنيات، ما أقنع الكثيرين بالتوقف عن الترحال إلى فرنسا وتونس لأجل التجميل.

ويتفق أوغانم، سكّال، وبوراي في أهمية تحسيس الأشخاص الذين يعانون من تشوهات وندبات، بضرورة الخضوع لعلاجات خلال شبابهم الأول، حتى يتفادون خيار الجراحة الذي يصير أمرا لا مفر منه مع تقدم الأشخاص المعنيين في السن. وينفي الأخصائيون الثلاثة ما يُثار عن تعاظم خطر الترهلات وسرطان الجلد وحتى الموت بفعل عمليات التجميل، إذ يرون المسألة نسبية ومتصلة باحترام معايير الجراحة من عدمها، وعدم الإفراط في جرعات التخدير التي تُمنح للمرضى، ومن شأنها إفراز آثار عكسية.

ويُرجع أوغانم ازدهار الطب التجميلي في الجزائر، إلى حرص مواطنيه على تمظهر خارجي لائق واستبسال بنات حواء في سبيل الحفاظ على نضارتهنّ والحصول على قوام رشيق ومنظر جمالي مبهر خال من العيوب، فيما يُقحم الخبير الاجتماعي quot;فاروق مدّاسquot; تأثر الجزائريين بما يشهده العالم الخارجي من انفتاح، فضلا عن تأثيرات العولمة والفضائيات وإلقاءها بظلالها على المنظومة الثقافية والاجتماعية هناك.

يُشار إلى أنّ الجزائر احتضنت مؤخرا مؤتمرا دوليا تناول الجراحة التجميلية بإسهاب، وشهد مشاركة خبراء دوليين في الجراحة التجميلية بالليزر والعلاج التجميلي بالإبر، وجرى خلاله تقديم آخر المستجدات والمعلومات العلمية في هذه المجالات، مع ورش عملية وعروض مباشرة في برنامج استمر خمسة أيام.