حذَّر حماة البيئة من عمليَّة خلط مياه البحر الأحمر والميِّت بعد أن إنخفضت نسبة مياهه، بسبب الأعمال الأردنيَّة والإسرائيليَّة والسوريَّة في نهر الأردن وسحب المياه عنه.

لندن: تتقاطر على البحر الميِّت كل عام أفواج من السيَّاح الذين يريدون العوم في مياهه والإستحمام في طينه العلاجي. ولكن مستوى سطح البحر الميِّت هبط 25 مترًا خلال السنوات الخمسين الماضية وما زال مستمرًا في الانحسار بمعدل متر في السنة.

ويتبدى حجم المشكلة في واحة عين جدي التَّاريخيَّة حين أُنشئ مصح فاخر على حافة البحر، واليوم يتعيَّن نقل ضيوف المصح إلى مسافة 1.5 كيلومتر للوصول إلى شاطئ البحر، وإلى الشَّمال هناك مطعم كانَّ يطل على السَّاحل وهو اليوم محاط باليابسة من كل الجهات.

وبعدما كانت أمواج البحر الميِّت تكاد تلامس سيقان روَّاد المطعم لا يرى المرء اليوم سوى الصخور والرمل.

وأثار انخفاض مستوى البحر الميِّت بهذه الوتيرة المطردة قلق حماة البيئة وأصحاب الصناعات ووكالات السِّياحة منذ سنوات. وتشير هارييت شيرود في تقرير في صحيفة الغارديان الى أن ثلاث دول مسؤولة عن الأزمة هي إسرائيل والأردن وسوريا، الَّتي تحوِّل في ما بينها 98 في المئة من ماء نهر الأردن الذي يغذي البحر الميِّت، من أجل توفير الماء لسكانها.

ومن الآثار الناجمة عن ذلك حرمان التَّجمعات السكنيَّة الفلسطينيَّة والمصالح الإقتصاديَّة في الضفة الغربيَّة، كما تتحمَّل الصناعة قسطًا من المسؤوليَّة نظرًا لضخ مياه البحر الميِّت إلى برك تبخير لاستخراج المعادن، في مواجهة هذا الوضع يدرس البنك الدولي إمكانيَّة نقل الماء عبر أنفاق وأنابيب وقنوات من البحر الأحمر إلى البحر الميِّت، وستعقد هذا الأسبوع جلسات إستماع عامَّة حول قناة الاحمر ـ الميت.

ويحظى المشروع الذي من المتوقَّع أنّْ يكلِّف نحو 15 مليار دولار بدعم من الحكومتين الإسرائيليَّة والأردنيَّة، بحسب التقرير، ولكن حماة البيئة وأصحاب المصالح الصناعيَّة يتوجّسون خشيةً من النتائج، لأنَّ المجمَّع الصناعي الواقع جنوبي البحر الميِّت لإستخراج كاربونات البوتاسيوم والبروم والمغنيزيوم والملح من مياه البحر الفريدة بخصائصها، يقوم منذ سنوات بتجربة تتركَّز على خلط مياه البحرين الأحمر والميِّت.

ولكن النتائج حتى الآن لا تشجع على التفاؤل، وقال الدكتور جوزيف لاتي المسؤول عن التجربة إنَّ لا أحد يعرف بصورة مؤكَّدة ما سيكون رد الطَّبيعة على عمليَّة الخلط داعيًا إلى الحيطة والحذر في التعامل مع المشروع إلى أنّْ تتوفَّر معلومات أوسع عن الآثار البيولوجيَّة والكيمياويَّة، وأضاف أنَّه quot;قد تكون هناك آثار مجهريَّة لا نعرف عنها شيئا إلى أنّْ تنزل عليناquot;، واوضح الدكتور لاتي أنَّ اللون الاحمر الناجم عن خلط مياه البحرين في إحدى البرك التجريبيَّة يعود إلى تكاثر البكتيريا والطحالب ما يشير إلى أنَّ خلط المياه بكميَّات كبيرة من شأنه أنّْ يشجِّع على نمو كائنات عضويَّة في بحر لا حياة فيه.

ويدرس البنك الدولي جملة خيارات كلها تشتمل على أعمال بناء واسعة في مناطق صحراويَّة حسَّاسة بيئيًّا بين البحرين الأحمر والميِّت، وهذا بحد ذاته سيكون مضرًّا بالتنوُّع البيولوجي، وباهظ الكلفة، ولكن شق قنوات في إحدى المناطق المرشَّحة سيؤدي إلى إنعاش المنطقة الممتدة على ضفافها.

ويخشى المجمع الصناعي وائتلاف من منظمات حماة البيئة بقيادة منظمة أصدقاء الأرض ـ الشرق الأوسط ، على البحر الميِّت من التسرع في دراسة مشروع الخلط بين مياه البحرين وعدم التوقف بجديَّة لدراسة بدائل أخرى، ولكن البنك الدولي يؤكِّد أنَّ قرارًا نهائيًّا بهذا الشأن لم يُتخذ بعد .

وتشير منظمة أصدقاء الأرض الى أنَّ مشروع القناة بين البحرين الأحمر والميِّت يتجاهل السبب الأساسي لانحسار مياه البحر الميِّت وأنَّه لو خفَّضت إسرائيل والأردن وسوريا ما تحوِّله من مياه نهر الأردن بمقدار النصف لأدى ذلك إلى تثبيت مستوى سطح البحر الميِّت.