ظهرت في نهاية الشهر الماضي بقعة زيت كبيرة في خليج السويس تسببت بأضرار بيئية للمحميات الطبيعية في الخليج.

فتحي الشيخ من القاهرة: بتاريخ يمتد إلى أربعين مليون سنة وطول يقارب 175 ميل يمثل خليج السويس الفرع الغربي لشمال البحر الاحمر والذي استمد أسمه من مدينة خليج السويس المصرية، ولهذا التاريخ الطويل كان الخليج مكان مثالي ليحتوي على أهم المحميات البحرية في مصر والتي تحتوي مجموعة رائعة من الشعاب المرجانية ومجموعات متنوعة من الكائنات الحية والاسماك والتي تمثل مناطق جذب سياحي مثل راس محمد وشرم الشيخ وراس سدر والعين السخنة هذا غير عدد كبير من الجزر التي أعلنت محميات طبيعية منذ سنوات قليلة، ومع الالتفات إلى أهمية المنطقة البيئية والسياحية كان هناك أهتمام أكبر بالبترول الذي ظهر في عدة مواقع بخليج السويس وتسابق العديد من الشركات لاقامت منصات لاستخراجه في الخليج لتصل الان إلى 188 منصة هذا بخلاف أن الخليج ممر رئيسي يصل ناقلات البترول العملاقة من البحر الاحمر إلى قناة السويس الامر الذي كان له أثره على البيئة في الخليج ربما كان اخر نتائجه هي بقعة الزيت التي كانت في مياه الخليج نهاية الشهر الماضي، وهو ماتناقشه إيلاف في هذا التقرير.

الدكتور أحمد عبدالوهاب أستاذ اقتصاد وتنمية الموارد السمكية بمعهد التخطيط القومى يري أن أسباب تلوث الخليج متعدد ويفسر ذلك بقوله:quot; مصادر التلوث البترولي في الخليج متعددة من عمليات التنقيب والحفر واستخراج البترول تحت مياه الخليج، حيث يزيد الإنتاج السنوي المستخرج منه عن 15 مليون طن، كما يزيد عدد الآبار الاستكشافية فيه عن 30 بئر، ايضا عمليات التنقيب عن البترول في منطقة الخليج تتم في مساحة تقدر بأكثر من ثمانية آلاف كيلو متر مربع، هذا بخلاف المنشئات البترولية التي تقع على الشاطيء من مواني ومحطات تكرير،كذلك تعتبر ناقلات البترول وسفن الشحن والنقل الأخرى، التى تعبر الخليج والتي تقدر بحوالي 18500 سفينه سنويا إجمالي حمولتها 425 مليون طن، أحد مصادر تلوث مصايد الخليج، حيث يحدث تلوث مياه الخليج نتيجة التشغيل العادي لهذه الناقلات والسفن أو نتيجة للحوادث التى ينشأ عنها تلوث بترولي شديد يسبب أضرار بيئية بالغة الضرر للمصايد.

وكانت السنوات الاخيرة قد شهدت عدة حوداث بحرية ما بين تصادم وجنوح وغرق تسببت في تلوث الخليج منها، تسرب 500 طن زيت في منطقة شرم الشيخ من السفينة لاتاس
، كذلك غرق السفينة سفير في منطقة شقير بحمولة 16700 طن فوسفات، 450 طن مازوت، جنوح السفينة ليدين هيرد في قناة السويس بحموله 2000 طن بترول، والسفينة الفلبينية والتى دمرت أحد المنشآت البترولية ونتج عنها تسرب 10مليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، و10000 برميل من الزيت.

موسى غريب شيخ الصيادين بمحافظة جنوب سيناء يري ان التسريبات البترولية متعددة الاسباب في خليج السويس افقدت خليج السويس وقناة السويس 50% من الثروة السمكية، وأضاف غريب :quot;إن العديد من مراكب الصيد المصرية تتعرض كل عام للخطف والاحتجاز داخل الدول المطلة على البحر الأحمر نتيجة اختراقهم لمياهها الإقليمية التى يذهبون إليها بحثا عن الصيد نتيجة قلة الأسماك داخل المياه المصرية خاصة بخليج السويس بسبب التلوث النفطىquot;.

الأضرار البيئة من التسريبات النفطية متعددة كما يؤكد دكتور عبدالوهاب قائلا: quot; المكونات البترولية الذائبة هي أكثر المركبات سميه، وذلك لان بعض المركبات القابلة للذوبان بها (المركبات الأروماتية والفينولية) في حالة التركيزات العالية تسبب اختلال في وظيفة الخياشيم ثم هلاك الأسماك، كذلك تعمل هذه المركبات على اختلال الوظائف الفسيولوجية وسلوك الأسماك بالنسبة للغذاء والهجرة والتكاثر، وأيضا تسبب تراكم أنواع الفطريات المسببة للسرطان في الخلايا كما أن تأثير المكونات الغير ذائبة يكون أكثر انتشاراً نتيجة لتشتتها على مساحات واسعة وبذلك يتزايد أعداد الكائنات الحية التى تتناوله،هذا بخلاف هروب الاسماك كاملة النمو من المناطق التي اصابها التلوث، هذا إلى جانب أن هذه التسريبات تمنع وصول الضوء الحرارة من الوصول إلى المياه السطحية بما يهدد بالقضاء على ثروتنا من الشعاب المرجانية.
فريد أسماعيل عضو مجلس الشعب المصري وعضو لجنتي الصحة والبيئة يري أن مشكلة التلوث البترولي المتكرر والدائم في خليج السويس سببها الاساسي أن وزارة البيئة المصرية quot;تجامل شركات البترولquot; وتتغاضى عن مخالفاتها الخطيرة في منطقة خليج السويس التي أسفرت عن تلوث الشواطئ والمحميات الطبيعية في جنوب سيناء،وأضاف أن محميات مصر الطبيعية أغلى كثيراً من البترول، وطالب أعضاء اللجنة بإجبار شركات البترول على توفيق أوضاعها البيئية.

ربما تكون كل هذه الاسباب إلى جانب التسرب الذي حدث نهاية الشهر الماضي هي ما دفعت وزير البترول المصري سامح فهمي لاعلان ان هناك تفكير لتقليص عدد منصات البترول في الخليج و أنه يطالب بإنشاء صندوق مشترك يتم تمويله ويشارك فيه كل من البترول والسياحة والبيئة والحكم المحلي وقناة السويس بغرض ايجاد نظام وقائي يحقق وسائل أمان وحماية أكثر فاعلية ومبادرة أصحاب القري السياحية باتخاذ إجراءات تساهم في حماية قراهم باستخدام أنظمة حماية ذاتية لسرعة مواجهة أي تلوث محتمل قد يحدث.