دورينغباي (جنوب أفريقيا): في نظر سكانه، إنه قطعة من الجنة تتميز بطيور النحام الوردي والشواطئ البيضاء ومياه المحيط الزرقاء... لكن هذا الامتداد للساحل الغربي لجنوب أفريقيا أصبح ساحة معركة بين شركات التعدين ودعاة حماية البيئة الذين يخشون أن يدمّر هذا الكنز الطبيعي.

يستخرج الماس والزيركون ومعادن أخرى منذ فترة طويلة في هذا الساحل الرملي الواقع قرب نهر أوليفانتس الذي يصب في المحيط الأطلسي، على مسافة نحو 300 كيلومتر شمال كايب تاون.

لكن خطط توسيع عمليات التعدين أثارت غضب راكبي الأمواج ومحبي الحيوانات وسكان هذه المنطقة النائية ذات الكثافة السكانية المنخفضة، وهم يحاربونها عن طريق الدعاوى القضائية والالتماسات.

وقال راكب الأمواج مايك شليباخ (45 عامًا) وهو أحد مؤسسي مجموعة "بروتيكت ذي ويست كوست" البيئية "إنها واحد من آخر حدود ساحل جنوب إفريقيا حيث يمكنك الذهاب وإطلاق العنان لنفسك".

من جانبها، تقول شركات التعدين إنها توفر الوظائف التي تشتد الحاجة إليها في المنطقة وتصر على التزامها القواعد البيئية.

تخريب المنطقة

لكنّ السكان المحليين يؤكدون أن أعمال التنقيب التي تستخرج من خلالها الرمال من الشواطئ وقاع البحر وتغربَل منها معادن ثمينة، تخيف الأسماك والسياح على حد سواء وتقلص فرص العمل بدلا من توسيعها.

وتساءلت سوزان دو بليسيس (61 عاماً) وهي من السكان المحليين وناشطة بيئية "إذا كنا سنقوم بالتعدين البحري وتعدين الشواطئ والتعدين الأرضي... فكيف سيكون ممكنا الوصول إلى الساحل؟".

من التنقيب عن الماس إلى بناء ميناء جديد، تهدد العديد من المشاريع بتخريب المنطقة التي تعتبر مكاناً رئيسياً للتنوع البيولوجي وموطناً للدلافين والفقمة والنباتات النضرة، وفقاً للمجموعة البيئية.

وحقق دعاة البيئة انتصارا صغيرا في حزيران/يونيو عندما التزم مشغل منجم رمل معدني حصل على موافقة الحكومة لتوسيع نشاطاته إلى 10 شواطئ أخرى، إجراء عمليات تحقق بيئية إضافية.

ويأتي ذلك على خلفية دعوى قضائية رفعها "مركز حقوق البيئة" وهو مجموعة بيئية أخرى توصلت إلى تسوية خارج المحكمة مع مشغل المنجم وهو شركة "مينيرالز كوموديتيز" الأسترالية.

الناشطون متخوفون

لكنّ الناشطين ما زالوا متخوّفين.

وقالت زهراء عمر محامية المركز "يحق لمركز حقوق البيئة العودة إلى المحكمة في حال عدم امتثال المنجم لبنود الاتفاق".

وأضافت أن المنجم طلب مزيدا من الوقت لوضع خطة إدارة التنوع البيولوجي.

وقال المستشار القانوني ل"مينيرالز كوموديتيز" فليتشر هانكوك إن الشركة ملتزمة إجراء عملياتها "بطريقة مستدامة بيئيا ومسؤولة".

لكنّ الناشطين والسكان المحليين يشعرون بأن الحكومة تركتهم لتدبير أمورهم بأنفسهم.

ولم تستجب وزارتان حكوميتان مكلّفتان الموارد المعدنية والشؤون البيئية لطلبات وكالة فرانس برس للتعليق.

في دورينغباي، وهي بلدة صغيرة تقع على مسافة كيلومترات قليلة جنوب مصب أوليفانتس، تدمّر آلات ثقيلة شاطئاً اعتاد الناس المشي عليه في السابق مع كلابهم والاستمتاع بغروب الشمس على صوت الأمواج المتكسرة.

وقال بيتر أويس (54 عاماً) وهو أحد سكان البلدة، إن السكان المحليين صدموا عندما بدأ التعدين في وقت سابق من هذا العام. وأضاف "كانت مفاجأة وصدمة لنا".

وأوضح دو بليسيس أن الاجتماع الذي طلبه المجتمع المحلي لمناقشة خطط التعدين لم يُعقد، مع إجراء الاستشارات المطلوبة عبر الإنترنت فقط.

من جانبه، قال بريستون غولياث وهو صياد يبلغ 46 عاماً إن صيده تضاءل بعد بدء أعمال التعدين والأمر نفسه ينطبق على عشرات الآخرين.

عمليات التعدين

يريد بعض السكان أن تتوقف عمليات التعدين على الشاطئ.

لكن شركة "ترانس هكس" المالكة للمنجم قالت إن كل أوراقها البيئية سليمة مشيرة إلى أنها تحتفظ بحقوق التعدين في المنطقة منذ العام 1991.

ومع وجود عشرات تصاريح التعدين الأخرى التي تنتظر الموافقة، قال شليباخ إنه يأمل في أن تعيد الحكومة النظر في استراتيجيتها للمنطقة.

وتابع شليباخ "هناك مجموعة كاملة من الصناعات الجديدة التي قد يكون لها تأثير إيجابي على الأشخاص الذين يعيشون على هذا الخط الساحلي، مثل زراعة الطحالب".

وختم "علينا أن نظهر لهم أن هناك طريقة أفضل بكثير".