إيلاف من لندن: في ظل ازدهار مبيعات الحليب كامل الدسم وتراجع الإقبال على نظيره شبه منزوع الدسم، يبرز التساؤل الأهم: هل الحليب كامل الدسم هو الخيار الصحي الأفضل، أم أن الأصناف الأقل دسمًا توفر فوائد غذائية متفوقة؟ بينما يفضّل البعض الغطاء الأزرق لاعتقادهم بأنه الأكثر فائدة، يميل آخرون إلى الحليب منزوع الدسم بحثًا عن خيارات غذائية أقل دهونًا وسعرات حرارية.
من المستفيد؟
بحسب نيكولا لودلام-راين، المتحدثة باسم جمعية التغذية البريطانية، فإن اختيار الحليب يعتمد على احتياجات المستهلك الفردية. الحليب كامل الدسم غني بـالسعرات الحرارية والدهون المشبعة، مما يجعله خيارًا مناسبًا لمن يبحثون عن زيادة الشعور بالشبع أو يحتاجون إلى طاقة إضافية في نظامهم الغذائي. على الجانب الآخر، فإن الحليب منزوع الدسم أو شبه منزوع الدسم يوفر نفس العناصر الغذائية ولكن بسعرات حرارية ودهون أقل، ما يجعله أكثر ملاءمة لمن يرغبون في التحكم بالوزن أو تقليل مخاطر القلب والأوعية الدموية.
الدهون المشبعة
رغم سمعتها السلبية، تشير بعض الدراسات إلى أن الدهون المشبعة الموجودة في الحليب لا تعمل بنفس الطريقة التي تعمل بها الدهون المشبعة في اللحوم والزبدة وزيت جوز الهند. فوفقًا لودلام-راين، فإن مصفوفة الألبان، التي تتضمن الكالسيوم، البروتين، والمركبات النشطة بيولوجيًا، قد تلعب دورًا في التخفيف من التأثيرات السلبية المحتملة للدهون المشبعة على مستويات الكوليسترول.
ومع ذلك، لا تزال الإرشادات الغذائية العالمية توصي بتفضيل الدهون غير المشبعة على الدهون المشبعة، لدعم صحة القلب.
الكالسيوم وفيتامين (أ)
على عكس ما يعتقد البعض، فإن محتوى الكالسيوم في الحليب لا يختلف بين الأنواع الثلاثة، حيث يوجد الكالسيوم في الجزء المائي من الحليب، وليس في الدهون. وبالتالي، سواء كان الحليب كاملاً أو منزوع الدسم، فإنه يبقى مصدرًا ممتازًا للكالسيوم واليود، وكلاهما عنصران أساسيان لصحة العظام.
لكن الفارق يكمن في مستويات فيتامين (أ)، حيث يحتوي الحليب شبه منزوع الدسم على نصف كمية فيتامين (أ) الموجودة في الحليب كامل الدسم. ومع ذلك، وفقًا للبروفيسور توم ساندرز من كلية كينغز كوليدج في لندن، فإن هذا الاختلاف ليس ذا أهمية كبيرة في المملكة المتحدة، حيث أن نقص فيتامين (أ) ليس مشكلة شائعة.
المعالجة الغذائية
قد يكون الجدل حول الحليب مرتبطًا بالمخاوف المتزايدة بشأن الأطعمة فائقة المعالجة، لكن وفقًا للودلام-راين، فإن إزالة الدهون من الحليب ليست عملية تصنيع معقدة، بل مجرد إجراء ميكانيكي بسيط لا يجعله منتجًا فائق المعالجة. في الواقع، تخضع جميع أنواع الحليب - سواء كامل الدسم أو منزوع الدسم - لنوع من المعالجة، مثل البسترة، لضمان السلامة الغذائية، وهو أمر لا يؤثر سلبًا على جودته.
من ناحية أخرى، فإن الحليب المكثف المحلى هو النوع الوحيد من الحليب الذي يُصنف على أنه فائق المعالجة، بينما يُعتبر الحليب الطازج والمبستر، بما في ذلك منزوع الدسم، غير معالج أو معالجًا بالحد الأدنى وفقًا لتصنيف "نوفا" المعتمد دوليًا.
أي الحليب ستختار؟
في النهاية، لا يوجد خيار صحيح أو خاطئ عندما يتعلق الأمر باختيار الحليب، فالأمر يعتمد على الأهداف الصحية لكل فرد. تؤكد لودلام-راين أن الأهم هو النظر إلى النظام الغذائي ككل بدلًا من التركيز على نوع واحد من الأطعمة.
من جهة أخرى، يشير ساندرز إلى أن الحليب كامل الدسم هو الأفضل لصنع رغوة القهوة، ويعطي نتائج أفضل عند تحضير الزبادي المنزلي، لكنه يؤكد أنه لا يوجد سبب صحي مقنع يدفع الأشخاص الذين يستهلكون الحليب شبه منزوع الدسم للعودة إلى الحليب كامل الدسم، نظرًا لارتفاع نسبة الدهون المشبعة والسعرات الحرارية فيه.
يعتمد الاختيار بين الحليب كامل الدسم ومنزوع الدسم على الاحتياجات الغذائية للفرد. إذا كنت بحاجة إلى طاقة إضافية أو تبحث عن شعور أطول بالشبع، فقد يكون الحليب كامل الدسم هو الخيار الأفضل. أما إذا كنت تحاول تقليل استهلاك الدهون المشبعة والسعرات الحرارية، فإن الحليب منزوع الدسم أو شبه منزوع الدسم سيكون أكثر توافقًا مع أهدافك الصحية.
في النهاية، المفتاح هو اتباع نظام غذائي متوازن ومتنوّع، دون الانشغال الزائد بتفاصيل صغيرة قد لا يكون لها تأثير حقيقي على الصحة العامة.
*أعدت إيلاف التقرير عن "غارديان": المصدر
التعليقات