إيلاف من لندن: تُعد تخطيطات القلب الكهربائية (ECG) من الأدوات الأساسية التي يعتمد عليها الأطباء للكشف عن مشكلات القلب، بدءاً من اضطرابات نظم القلب وحتى التشوهات البنيوية.
ملايين التخطيطات تُجرى سنوياً في الولايات المتحدة وحدها، سواء في أقسام الطوارئ أو خلال الفحوصات الطبية الدورية.
مع التقدم السريع في أنظمة الذكاء الاصطناعي، أصبحت هذه التقنيات قادرة على تحليل تخطيطات القلب بكفاءة، وفي بعض الأحيان اكتشاف مشكلات دقيقة قد لا يلاحظها الطبيب.
إلا أن أحد التحديات الكبرى هو أن نتائج الذكاء الاصطناعي غالباً ما تأتي على شكل "صندوق أسود"، تقدم إجابات دقيقة ولكن دون شرح لأسباب اتخاذ القرار، مما يجعل الأطباء مترددين في الاعتماد الكامل عليها. هذه المعطيات وردت في تقرير علمي حديث صادر عن معهد "التخنيون" (معهد إسرائيل للتكنولوجيا)، ونُشر ضمن دورية npj Digital Medicine الإثنين.
لتجاوز هذه العقبة، يعمل الباحثون على جعل الذكاء الاصطناعي أكثر شفافية، بحيث يستطيع إبراز نفس المؤشرات التي يعتمد عليها الأطباء في تشخيص الحالات القلبية.
غير أن هذه المهمة ليست سهلة، إذ أن الأطباء أنفسهم قد يختلفون أحياناً في تحديد أهم معالم تخطيط القلب. بالإضافة إلى ذلك، التقنيات التفسيرية المستخدمة حتى الآن كانت غالباً ما تحدد مناطق واسعة أو غير دقيقة من الصورة، بل وفي بعض الأحيان تضيء مناطق غير مرتبطة بالإشارة القلبية الحقيقية مثل الخلفية.
التحدي الآخر أن معظم أدوات الذكاء الاصطناعي الحالية تعتمد على صور تخطيط قلب رقمية بجودة عالية، في حين أن الواقع السريري أكثر تعقيداً. في الحياة العملية، قد تكون صورة تخطيط القلب ورقية ومصورة عبر هاتف محمول، ما يجعلها عرضة للظلال والانحناءات والتشويش البصري، مما يصعب مهمة التحليل.
لمعالجة هذه الإشكاليات، طور الدكتور فاديم جلينر، بإشراف البروفيسورة يائيل يانيف وبالتعاون مع مختبر شوستر، أداة ذكاء اصطناعي جديدة قادرة على تفسير تخطيط القلب بدقة على مستوى البكسل حتى عندما تكون الصورة ملتقطة بطريقة غير مثالية. تعتمد هذه الأداة على استخدام مصفوفة جاكوبيان، وهي تقنية رياضية تسمح بتحليل أدق التفاصيل ضمن الصورة، مع تجاهل الخلفيات والعوامل البصرية غير المهمة.
الميزة الإضافية للأداة الجديدة أنها قادرة أيضاً على تفسير سبب غياب مؤشرات مرضية معينة، مما يضيف بعداً إضافياً من الفهم للطبيب بدلاً من الاقتصار على تأكيد وجود حالة فقط. بهذا التقدم، تقترب أدوات الذكاء الاصطناعي من أن تكون شريكة حقيقية للأطباء في تحسين التشخيص الطبي.
تؤكد الدراسة أن مستقبل الرعاية الصحية يعتمد ليس فقط على دقة الذكاء الاصطناعي، بل أيضاً على قدرته على شرح نتائجه بطريقة مفهومة ومنطقية للأطباء. وهذا ما قد يسهم في تعزيز الثقة باستخدام هذه التقنيات، وتسريع القرارات الطبية الحيوية.
* أعدت إيلاف التقرير عن "Technion": المصدر
التعليقات