فوجئت بالثورة المنفعلة للشيوعيين المنسيين بالضد مني ، على ما ورد في الحوار الذي اجري معي ونشر في (ايلاف) ، وأجزم انهم لم يقرأوه كما يقرأه القاريء المتبصر ، وانما قرأوه كالمتربص ، بما فيه امامهم الشيخ حميد مجيد موسى، فأنا لم أقل سوى ان (الفكر البعثي ليس اسوأ من الفكر الشيوعي) ، وهنا اؤكد على كلمة (الفكر) ، وليس هنالك من لايعرف ما يحتويه الفكر الشيوعي ، ولم تكن مقارنتي بين الشيوعيين الحاليين والبعثيين في زمن النظام السابق ، وانما في صدد الدفاع عن حرية الفكر بما فيه فكرهم ، لاسيما انني اكدت في الحوار على ان (قانون اجتثاث البعث يجب ان يفعّل باجتثاث اثار تجربة الحكم البعثي في العراق ، اثاره التدميرية على الثقافة والسلوك والاخلاق والاقتصاد وعلاقات العراق مع دول العالم) ، ولكنني كنت أشدد على محاربة (اجتثاث الفكر) الوارد في قانون اجتثاث البعث ، فأنا ضد اجتثاث الفكر ، فقلت ما قلت من باب المقارنة بين فكرين احدهما مادي الحادي ، والاخر ليس كذلك ، والذي هو فكر ايماني في ظاهره ، فقلت (ان الفكر البعثي ليس أسوأ من الفكر الشيوعي) ، وفي هذا المجال نحن نقبل الشيوعيين كشركاء في العملية السياسية ، وان هيئة الاجتثاث لم تتعرض للشيوعية كفكر يتنافى مع عقيدة الامة من اجل اجتثاثه ، أليس الفكر الشيوعي الذي نعرفه يتنافى مع عقيدة الامة والمجتمع العراقي المعروف بتدينه ، ويبدو ان الشيوعيين كانوا يتحينون اية فرصة لتذكير الشارع بوجودهم ، فجاءتهم هذه الفرصة من خلال الحوار هذا خاصة ان الانتخابات النيابية قريبة جدا ، عسى ان تنفعهم في زيادة رصيدهم .

انا كنت اتصور ان الشيوعيين الحاليين هم شيوعيون لاينتمون الى تلك الحقبة السوداء من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي ، لا في الفكر ولا في الممارسة ، اذ ان احداث الموصل وكركوك 1959-1960 ما زالت ماثلة في ذاكرة العراقيين ، كما لا يمكن نسيان مسيرة الشيوعيين وهم يهتفون (بس هالشهر / ماكو مهر / والقاضي نذبه بالنهر) ، هل يمكن نسيان هذا النزر اليسير من تلك الحقبة ، وانهم يحملون افكارا غير تلك الافكار انتجت تلك الممارسات التي ما زالت طرية على سطح التاريخ العراقي المعاصر ، واذا أصر السيد حميد مجيد موسى على ان لا قطع بينه وبين تلك الحقبة ، فليعلن للأمة انه ملحد ، وبذلك يكون دستوريا مجتثا ، لان الدستور ينص على اجتثاث الاحزاب والفئات التي تطرح ما يتنافى مع عقيدة الامة ، ليعلن هذا وأنذاك سيكون الدستور حكما في ان يجتثني او يجتثه.