من الامراض العربية المزمنة في السياسة وفي التاريخ أنهم لايعرفون الصالح من الطالح الا بعد فوات الاوأن ودخول مرحلة الارجوع. وينطبق هذا السلوك العربي الغريب والمتكرر على التجربة العراقية الديمقراطية الجديدة واذا كان من الانصاف تفهم الخوف العربي من هذه التجربة التي تشكل في واقع الامر اكبر خطر على الانظمة الديكتاتورية وأنظمة التوريث في العالم العربي.
لكن لايمكن على الاطلاق تفهم هذا التكاتف العربي الفريد والنادر و توحيد الموقف من خلال محاربة رموز هذه التجربة وقد يكون موقفهم اتجاه السيد المالكي صورة صارخة لتخبط عربي صارخ، حيث تم وضع الكثير من العراقيل ومحاولة عزل خطوات ومشاريع رئيس الحكومة العراقية المنتخب رغم ان هذه الخطوات تصب جميعها في مصلحة العراق الموحد العراق الذي يخلوا من الطائفية العراق المسالم مع جيرانه العراق الذي يرفض ان يكون عامل زعزعة الاستقرار في المنطقة بل وقف العرب بوجه اي تطور اقتصادي عراقي و تحذير وتهديد بعض الدول الخليجية للشركات الاوربية من المساهمة في بناء ميناء البصرة الكبير خير مثال على ذلك. أن العرب يضعون أنفسهم في مأزق كبير في العراق من خلال سلوكهم هذا دون ان يعوا النتائج المستقبلية الكارثية المترتبة على مثل هكذا سلوك يفتقد للعمق الفكري ولكل عوامل وفنون السياسة الناجحة، لذلك ترى رموز القومجية العربية والمدعومين بشكل علني من بعض الدول العربية عاجزين من الوصول الى نصف أهدافهم المطلوبة للوصول الى قيادة الحكم في العراق الجديد والسبب في ذلك جدا بسيط لان الناخب العراقي يملك من الوعي ما يؤهله للوقوف بوجه الاستهداف السياسي والاعلامي العربي ومعه الاقليمي والذين ضخوا في العراق وبشكل جنوني وهستيري مليارات من الدولارات لغرض تسخير صناديق الانتخابات لمصالحهم الطائفية. لكن الحقائق القادمة بعد ايام من نتائج الانتخابات العراقية سوف تشكل صدمة كبرى للموقف العربي الرسمي ومعه الموقف الاقليمي.
كل المعطيات تشير إلى بقاء السيد نوري المالكي بقائه كعنصر قوي وفعال في العملية السياسية في العراق حيث التوقعات الكبيرة تدعم هذه الاراء وبالتالي فان الاحتمال الكبير والشبه مؤكد بقائه كرئيس لحكومة العراق لدورة تشريعية جديدة. فماذا سيفعل العرب.. هل يستمرون في مقاطعتهم لرئيس حكومة العراق المنتخب بشكل ديمقراطي ودستوري!!؟ ستكون تلك طامة كبرى تضاف الى سجل كبير وعريض من المواقف العربية المرتبكة في العراق.
اذا كان العرب يتحسسون من وجود العراقيين الشيعة في دفة حكم العراق فان هذه الحساسية بحاجة الى مراجعة سريعة وواقعية لان علامات التفرد الشيعي غير موجوة على ارض الواقع العراقي، ولان العراقيين الشيعة يمثلون حقيقة تاريخية كبرى لكونهم أغلبية ساحقة لايمكن تجاوزها او العبور على تطلعاتها الانسانية والوطنية المشتركة التي تجمعهم مع بقية العراقيين. كما على الاعلام العربي الذي يمثل الصدى الرسمي العربي ان لايمارس دور الكاذب على النفس من خلال عكس التمني والنوايا على مواقفهم التي لاتحاكي الواقع العراقي على الارض.
لو كتبت هذه السطور قبل الانتخابات لوضعت في خانة الدعاية الانتخابية لكنها الان تتجرد من هذه الخانة، وعلى العرب وسياساتهم المتخبطة واعلامهم المحرض في العراق ان يعوا ان السيد المالكي فائز في كل الاحوال فاما يكون رئيس لاكبر قائمة انتخابية لايمر قانون او ترسم سياسة خارجية دون مصادقته او يكون رئيس الحكومة العراقية الجديدة او يجمع الحالتين.. والاحتمال الاخير هو الارجح. فاحذروا أيها العرب من اللعب في رماد العراق لان ناره ان توقدت ستعبر من شوارع العراق الى شوارعكم التي لاتتحمل مثل هكذا لعب بالنار كما أحذروا من ضرب جدران العراقيين بالحجر لان الكثير من جدرانكم مجرد زجاج وشوارع بغداد ليس شوارع طهران التي جعلتموها مادة دسمة في توجه اعلامكم المحرض ان نيران شوارع بغداد ستصل الى كل مدنكم.. ثقوا من هذا الكلام.. وأتقوا الله بالعراق والعراقيين وايضا بانفسكم.
التعليقات