تصاعدت في الآونة الاخيرة حدة التقارير التي تتناول الاوضاع في إقليم کوردستان العراق بشکل عام و السياسة التي يتبعها رئيس الاقليم مسعود البارزاني، وقد سعت تلك التقارير للإيحاء بأن هنالك حالة او نوع من الغموض تکتنف تلك السياسة، والتي(بحسب تلك التقارير)من المرجح لاتخدم المصالح الکوردية و تجعلها ثانوية قياسا لمصالح عراقية و اقليمية و حتى دولية.

مسعود البارزاني، الذي تراه العديد من الاوساط الاعلامية العربية على أنه(رجل متعنت)و(صلب و عنيد في مواقفه)، لکن مختلف الاوساط الاقليمية و الدولية تعتد به و تعتبر مواقفه السياسية بمثابة البوصلة التي تحدد مسار السفينة الکوردية و إتجاهها و المرفئ الذي سترسو فيه. وعلى الرغم من تعرض الرجل لحملات شرسة و غير عادية طالته بمختلف الاساليب و الطرق الملتوية(سواءا من الاعداء او الخصوم او المنافسين السياسيين له)، إلا أنه لم يجشم نفسه عناء الرد على تلك الحملات و النزول الى مستواها وانما ضاعف من إصراره على المضي قدما في السياسة الحکيمة التي ينتهجها و التي تصب في صالح الشعب الکوردي. ويقينا ان البارزاني الذي طالما منحته مختلف الاوساط السياسية الاقليمية و الدولية وزنا و اعتبارا خاصين و رأت في الاتفاق معه بمثابة الاتفاق الذي ليس من الممکن يوما ما أن يطاله أي مس او تغيير من الجانب الکوردي، ليس بتلك الشخصية التي يأخذها موقف و يعيدها موقف متناقض آخر، وانما هو سياسي من طراز خاص يمتلك خبرة و ممارسة إستثنائية إکتسبها عبر عقود مريرة من الصراع الدموي و الشرس مع مختلف الانظمة الدکتاتورية المتعاقبة على الحکم في العراق، وهو دائما ليس في عجلة من أمره ليتخذ مواقف مهمة و حساسة مهما کان نوع و حجم مفاوضه وانما يتريث دوما لکي يکون قراره متماشيا و منسجما مع المصلحة الکوردية العليا. ومثلما کان البارزاني حريصا و متمسکا بمصالح الشعب الکوردي و طموحاته المشروعة على صعيد القليم، فإنه أيضا لم يفرط مطلقا بمصالح و إعتبارات الکورد في المناطق الکوردية من ترکيا و إيران و سوريا، بل وانه وفي أکثر الاوقات حساسية و خطورة، لم يکن مستعدا ولو للتنازل قيد أنملة عن حقوق و مصالح الکورد في مختلف أرجاء العالم، وهو الزعيم الکوردي المعاصر الوحيد الذي لم يطرأ مطلقا أي تغيير على مواقفه بهذا الخصوص وانما ظل حريصا و امينا على مواقفه ولم تأخذه المغريات مثلما لم تهزه التحديات و الاخطار و(الضغوط) المحدقة به لکي يتنازل عن شئ منها في سبيل أهداف محددة.

ان استهداف البارزاني من جانب العديد من الاطراف و الاوساط المتباينة و المتداخلة مصالحها مع بعضها البعض، يعود الى أن جميع هذه الاوساط تريد ان تتحسب من إحتمالات أية مواقف سياسية قد تبدر عن البارزاني في لحظة ما، و يريدون إستباق الامور و وضعهم أنفسهم في الصورة من خلال بعث رسالاتquot;محددةquot;للبارزاني کي يأخذ ذلك بنظر الاعتبار خصوصا وان المعروف عن رئيس إقليم کوردستان إهتمامه الخاص بما يثار عن طريق وسائل الاعلام وبالاخص مايتعلق بالکورد و الاقليم بصورة او بأخرى لأنهquot;وکما تؤکد اوساط صحفية مطلعةquot;متابع حصيف. والحق، أن مسعود البارزاني، وبعد سقوط نظام صدام حسين، صار شخصية محورية مهمة منحتها و تمنحها مختلف دوائر القرار و على أصعدة متباينة أهتماما خاصا لدوره الفعال على الارض و کذلك فيما يتعلق بالمسارات على مختلف الاصعدة، واليوم، والعملية السياسية تدخل مفترقا حاسما و ذو أهمية و حساسية خاصة جدا، فإن العودة للتعرض للبارزاني، قد تکون مفيدة لبعض من الاطراف ظنا منهم بأن ذلك الامر سيفتح لهم منفذا للولوج منه الى مساحات و فضائات أکبر من تلك التي لعبوا عليها، وقطعا أن هذا المسعى و مساعي أخرى تسعى لفرض نوع من الوصاية او(ولاية الارشاد)على هذا الزعيم الکوردي، هو لغو لاطائل من ورائه، وستثبت الايام بما ستحمله في رحمها من أحداث، بأن البارزاني رجل لايهمه شئ من العالم سوى مصالح و مستقبل الشعب الکوردي وفي ضوء ذلك فقط تعامل و يتعامل مع مختلف الامور.