بعد النجاح السياسي الجديد للعملية الديمقراطية التي أخذت طريقها بالرسوخ على الساحة العراقية، وبدء اختيار القيادات الرئاسية للعراق وفق الالية الدستورية من قبل الدورة الجديدة لمجلس في ظل quot;الجمهورية الثانيةquot; للعهد الجديد بعد سقوط صنم الطاغية عام الفين وتسعة، واحتمال بقاء الرئيس جلال طالباني لفترة رئاسية ثانية بالمشاركة مع قيادتي رئاسة الوزراء والجمعية النيابية، وبالتزامن مع هذه المرحلة يستمر عقد المؤتمر الثالث للاتحاد الوطني الكوردستاني الذي يتزعمه الطالباني ونائبه كوسرت رسول علي، وهو حزب عريق له نضال طويل على الساحتين الكوردستانية والعراقية في مقارعة النظام البائد، ومشارك حقيقي ورئيسي للعملية السياسية في العراق.

لهذا فإن الاستحقاقات الوطنية لأبناء الأمة العراقية تبقى ضمن الاولويات الرئيسية والأساسية للقيادات السياسية الجديدة، وكذلك للاحزاب والكتل البرلمانية، وبالأخص السلطتين التشريعية والتنفيذية، ولا شك ان هذه المسؤولية تحمل استحقاقات كبيرة تعود بمسؤوليتها الى الحكومة الوطنية المقبلة الموحدة، المؤمل تشكيلها قريبا.

والمعلوم ان الاتحاد الوطني تعرض الى اخفاق سياسي محدود الأثر وتمكن من تحليله وتقيمه برؤية شفافة وجرأة سياسية تعود عليها quot;اليكيتيونquot;، لوضع ارضية متينة للاصلاح والتجديد تستوعب الواقع الجديد الذي اخذ طريقه الى الساحة السياسية الكوردستانية والعراقية، للتعامل مع الاحداث والوقائع في المنطقة بموضوعية وواقعية ومسؤولية.

هذه الأرضية الجديدة في تثبيت وجود حزب مقتدر على الصعيدين الكوردستاني والعراقي، ساعدته على تجديد روحية النضال التي غرسها في تنظيماته وكوادره الحزبية، وفق اطر جديدة مؤمنة بالحياة المدنية الحديثة المبنية على النهج والفكر الانساني العالمي، وهذه الاطر تسمح للتأمل بتقديم رؤية سياسية جديدة من قبل الاتحاد لقراءة المكونات والمفردات للاحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتاريخية التي يمر بها العراق واقليم كوردستان، والاستفادة من خلاصة العملية السياسية والديمقراطية التي مر بها البلاد في السنوات الماضية.

وتوزايا مع الرؤية السياسية لبرنامج العمل للاتحاد الوطني التي سيخرج بها الحزب في مؤتمره الثالث، فان طرح رؤية عراقية موازية يمكن تبنيها من قبل زعامة وقيادة الاتحاد تعتبر حاجة ملحة لضرورات سياسية وتاريخية ونضالية يمر بها الواقع الكوردستاني والعراقي، وهي رؤية اساسها المنطق ودافعها الواقعية، لتبنيها والاعتماد عليها كخارطة طريق، للانطلاق بالدور الحيوي للاتحاد الوطني على الساحة العراقية، من خلال تبني مشروع سياسي لحزب وطني على الساحة العراقية وفق منظور الامة، للانتقال بواقعها الى مرحلة جديدة قادرة على تلبية الاحتياجات الحقيقية للتطوير بواقع حياة العراقيين انسانيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا واستراتيجيا، والرؤية المقترحة على رئيس الاتحاد الوطني جلال الطالباني ونائبه كوسرت رسول علي، لتبني مشروع سياسي عراقي من قبل الاتحاد الوطني، تتضمن ما يلي:

اولا: تبني نموذج سياسي حزبي من قبل الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي، باسم الاتحاد الوطني الديمقراطي العراقي، لارساء امتداد نسيجي للتركيبة السياسية الكوردية داخل البنية العراقية، بزعامة وقيادة قادرة على تبني المشروع عراقيا، لخدمة كافة المكونات القومية والدينية والمذهبية، بكافة شرائحها وفئاتها وتجمعاتها المدنية.

ثانيا: اختيار المنهج الفكري الانساني وفق المنظور العراقي، كبرنامج عمل للاتحاد المقترح، يستلهم اسسه من المباديء والحقوق الاساسية الواردة في الدستور الدائم والاعلان العالمي لحقوق الانسان واللوائح الدولية للحقوق السياسية والمدنية والاقتصادية والثقافية.

ثالثا: تبني الفكرة الوطنية العراقية للحزب كعقيدة فكرية، على أساس الاشتراكية الديمقراطية، بوضوح وبيان المعالم الاساسية لها وفق اطر محددة ومفهومة ومقروءة لكل منتمي للاتحاد المقترح، ومبنية على اسس قادرة على كسب المواطن لدعم وترسيخ الانتماء الوطني، استنادا الى المباديء الاساسية للحرية والحقوق المدنية لضمان حياة الفرد والعيش بكرامة.

رابعا: تبني برنامج اقتصادي شامل لانماء وتنمية الانسان العراقي اعتمادا على رؤى وبرامج ومشاريع سياسية واجتماعية واقتصادية تقوم بها الدولة اعتمادا على كتلته المالية وصناديق ممولة ممكن اطلاقها من خلال افكار مصرفية وتجارية واستثمارية، وبمشاركة جماعية، من خلال ربط تلك المشاريع بتماس مباشر مع المواطن، لكي تعود المنافع اليه بطريقة مباشرة، واعتماد النهج الفكري العملي والتطبيقي المستنبط من الواقع الاكاديمي والاقتصادي والتجاري والاجتماعي في العراق.

خامسا: تبني وثيقة لارساء العدالة الاجتماعية مستخلصة من دراسة الواقع الاجتماعي والفكري والثقافي للعراق خلال العقود الماضية، بموضوعية ورؤية تحليلية اكاديمية وبحثية، للاستناد اليها للاسترشاد بها في تنفيذ الخطط والبرامج التي تقدم عليها الدولة العراقية، اعتمادا على مبدأ اساسي هو رعاية المصالح العليا للعراقيين.

سادسا: تبني رؤية عراقية لمعالجة ظاهرة الفروقات الطبقية الشاسعة البون للمستويات الاجتماعية والمعيشية والحياتية المتابينة التي ترسخت في واقعنا العراقي بين أقلية ثرية متسمة بالرفاه الجنوني وأغلبية فقيرة لا تتوفر لاغلبها ابسط مقومات الحياة، ومنح هذه القضية الاجتماعية التي يعاني منها المجتمع العراقي حقها في البحث والدراسة والمعالجة، لانها بدأت تستفحل وتسبب مشاكل وازمات اجتماعية كبيرة.

هذا باختصار، رؤية فكرية وسياسية مطروحة امام الامين العام للاتحاد الوطني ونائبه كوسرت رسول، واعضاء المؤتمر الثالث للاتحاد، المنعقد حاليا في السليمانية، لدراستها مع الحزب الدسمقراطي وتبنيها للخروج بقرار لدعم وتاسيس حزب اتحادي ديمقراطي عراقي، يحمل كمشروع ليبرالي ورؤية عملية للواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي للامة العراقية، من واقع احترام العملية السياسية والديمقراطية والاستناد الى المباديء الواردة في الدستور الدائم، لضمان نموذج متقدم من الحزب السياسي الوطني المتجدد والمقتدر على ضمان البيئة السليمة لجمع شمل العراقيين جميعا على اسس انسانية ومدنية ووطنية، نأمل ان تؤخذ هذه المبادرة حقها.