تصورت انهم سوف يأخذونى بالاحضان والقبلات ويفرشون السجاده الحمراء عند وصولى الى مطار quot; لوس انجليسquot; الدولى.. تصورت انهم سوف يفرشون طريقى بالزهوروانا اغادر الطائره الامريكيه التابعه للخطوط الجويه المتحده متجها الى صالات التفتيش والجمارك.. تصورت ان الامر لن يستغرق سوى ثوانى معدودة لاجد نفسى خارج المطار بعد رحلة طويله استغرقت حوالى 18 ساعه من مطار ملبورن الدولى.. لماذا؟؟ لانني احمل جواز سفر استراليا ومولود فى مصر الدولة الحليفة الصديقة لامريكا بالاضافة الى انى كثيرا ما كتبت فى الصحف مدافعا عن السياسات التى تتبناها امريكا فى التصدى للارهاب والتطرف على مستوى العالم.

ولكن تصوراتي كلها سرعان ما تبددت وتبخرت فى الهواء عندما وجدت الموظفة الامريكية السمراء الصارمة الملامح تطلب اخذ بصماتى وصوره ايضا.. وعندما استفسرت وملكتني الشجاعه لاسأل لماذا لم اجد اجابه مقنعه فاضطررت صاغرا السماح لها بتصويرى واخذ بصماتى كما لو اننى ارتكبت جريمه بزيارتى لبلدها!!

لم يكتفوا ببصماتي وصورتي وانما طلبوا خلع حذائى وحزام البنطلون وجاكتتى.. بعدها سمحوا لى بمغادرة المطار بدون ان اسمع ولو مرة واحده مرحبا بك او اهلا وسهلا فى امريكا من اى موظف او عامل فى المطار الامريكى الدولى كنوع من اللياقه والذوق والترحيب بالضيوف والزوار.
توجهت بعد انتهاء اجراءات التفتيش والجمارك والحصول على تاشيرة الدخول المبالغ فى امرها لاخذ طائره اخرى للذهاب الى واشنطن العاصمه فوجدتها اغلقت ابوابها استعدادا للطيران واضطررت للانتظار عدة ساعات اخرى بدون ان اجد احدا من موظفى شركة طيران اليونيتد لكى يفهمنى مالذى يحدث ولماذا.

تركت المعاملة غير الطيبة التى رايتها فى مطار لوس انجلوس اثرا غير طيب فى نفسى وكدت اعود فى نفس اليوم الى ملبورن مره اخرى لولا طول المسافه بين استراليا وامريكا.


على اى حال عند وصولى الى مطار دالاس بواشنطن وجدت المعامله افضل كثيرا ربما بحكم انه مطار العاصمه او نتيجة لفرق التوقيت بين المدينتين او ربما لا سباب لا اعرفها.

لقد شد انتباهي للوهلة الاولى امران عند وصولى الى الولايات المتحده بجانب التعامل مع الزوار والضيوف بحذر يصل الى درجة الصلافه وعدم اللياقه والصرامه كان الامر الثانى هو عدم التميز بسبب السن او الون فى الوظائف.. وقد رايت بعيناى اكثر من مضيفة طيران امريكيه تجاوزت الستين من العمر.. ورايت فى مكتب الاستقبال فى الهوتيل الذى اقمت فيه سيده تجاوزت السبعين من العمر..ورايت السود يشغلون وظائف عديده بدون تميز او تعصب ضدهم. وحقيقة هذا اكثر ما اعجبنى فى امريكا وتمنيت لو اننا فى استراليا ناخذ منهم القدوه ونعطى الفرصه للجميع للعمل بدون اى نوع من التميز سواء بسبب السن او زياده الوزن او اللون او اى سبب اخر.. صحيح ان القوانين تجرم وتمنع التكميز فى الوظائف ولكته لا يزال يحدث بطريقه غير مباشره وبصفه خاصه ضد من تجاوزت اعمارهم الخمسين عاما..


واذهلنى عدم اهتمام الغالبيه العظمى من الشعب الامريكى بصحتهم ولياقتهم البدنيه ولذلك فلا غرابة ان تجدهم يحتلون المركز الاول على مستوى العالم فى مرض السكرلزيادة اوزانهم وولعهم الشديد بالاكل غير الصحي.

اما عن تكلفة المعيشه فهى مرتفعه جدا مقارنة بالمستوى المتدنى لمرتبات الغالبيه الكبرى من العمال الامريكان.. وبينما نجد الغالبيه تعمل وتتعب وتكد من اجل مقابلة ضروريات والتزامات الحياه اليوميه.. من ناحيه اخرى نرى ثراء فاحش يفوق الوصف والخيال عند البعض الاخر!!
تناقض غريب وعجيب يجعلك اينما وطأت اقدامك وانت فى امريكا تسأل نفسك : كيف صنع هذا التناقض والفروقات الضخمه بين شرائح المجتمع الامريكى المختلفه هذه الدوله العظمى الكبرى التى تسيطر وتفرض كلمتها وارادتها على العالم؟؟ والى متى يستمر هذا التاقض الضخم على اعتبار انه ميزة وفائده وليس عنصر ضعف وخوف وقلق على المستقبل؟؟

منذ فوز اوباما اول رئيس امريكى اسود فى تاريخ الولايات المتحده بدأ الكثير من السود الامريكان يخرجون على الوفاق الوطنى.. بدأ يتملكهم نوع من التعالى والانانيه فى تعاملتهم مع بقية ابناء المجتمع..وقد رايت ذلك بعيناى عندما كنت فى واشنطن ونيويورك لم اجد واحدا من السود يريد الاجابه على اى سؤال او استفسار اوجهه اليه.. يتجاهلوك عن عمد وليس عن جهل.. ينظرون اليك نظره متعاليه غريبه غير مفهومه.. وعلى العكس يتعاملون فيما بينهم بطريقة متواضعة لطيفة مهذبة!!

وبمناسبه الحديث عن اوباما ومن خلال احاديثى مع من اتيحت لى الفرصه لسؤالهم وجدت تدهور شعبيته بدرجة من المحتمل عدم فوزه مرة اخرى لانه جعل الناس يصدقوه قبل الانتخابات ويتصورون انه يملك عصا سحريا لحل مشاكلهم ولكنهم اكتشفوا بعد وقت انه يجيد فقط الخطابه والكلام..اما عن الافعال فلم يروا منها الا القليل مما خيب ظنونهم وامالهم.


اخيرا لا استطيع اخفاء خيبة املى الشديدة فى امريكا الاخرى التى رايتها بعيناى طيلة اسبوع كامل بين واشتطن ونيويورك ووجدتها لاسف تختلف كثيرا عن امريكا المثاليه الراقيه المتحضره التى نسمع عنها ليل ونهار ونشاهدها من وقت لاخر فى الافلام على شاشات السينما والتلفزيون...


استراليا
[email protected]