يقول شاعرنا محمود درويش في قصيدة له اسمها quot; سقوط القمر quot; :
(من أين جاءوا وكرم اللوز سيّجه أهلي و أهلكِ بالأشواك والكبد.. إنا نفكر بالدنيا على عجل فلا نرى أحداً يبكي على أحد).

ولعل الجواب على هذا السؤال يحتاج كتاباً كاملاً لا مقالة.. ( من أين جاءوا؟ ). هناك أسباب متعددة أدت إلى قيام دولة quot; إسرائيل quot; ذلك الجسد غير العربي الذي زرع في أرض عربية، تلك الدولة القائمة على دين، ليس هو دين الأرض التي غرس فيها، وليتهم قالوا إنها دولة لا تدين بدين و تريد أن تغرس التعايش السلمي والتسامح الديني بين أهل هذه الأرض، و إنما قالوا : هي دولة يهودية لأبناء هذا العرق المميز بعلامة فارقة ( شعب الله المختار ) و لا يمكن لأي أحد أن يكون منهم إلا أن تكون أمه يهودية فيكون يهودياً بذلك. هناك كتاب مهم لمؤسس الديانة البروتستانتية الألماني quot; مارتن لوثر quot; اسمه quot; اليهود و أكاذيبهم quot; يحذر فيه من اليهود ويذكر قصص خياناتهم المعروفة والتي وصلت حتى نبي الله موسى، ويذكر لوثر في ذلك الكتاب أنه يجب أن يمنعوا بالقوة من السكن في أحياء المسيحيين، و أن يمنع quot; الربيّون = الحاخامات quot; من إقامة الدروس الدينية في المعاهد، وشرح في ذلك الكتاب خطر التلمود كتاب اليهود الثاني الذي وضعوا فيه من النصوص العنصرية و الأحكام التي تبيح الربا، و دعا إلى تهجيرهم بالقوة إلى بيت المقدس!

كتاب لوثر عن اليهود لم يكن كتاباً دينياً محضاً، بل ذكر فيه الأضرار الاقتصادية التي لحقت بالناس بسبب اليهود.
يضاف إلى هذا الكتاب، كتاب أخر لا يقل أهمية لتصور ما حدث، أعني كتاب quot; أدولف هتلر quot; زعيم النازية الفاشستية المسمى quot; كفاحي quot; فقد ذكر في ذلك الكتاب الأسباب التي ستدعوه فيما بعد إلى حرق اليهود في أفران الغاز فقال إن الألمان قبل مجيء اليهود كانوا أناساً بسطاء، وخصوصاً الفلاحين منهم، و أنهم لم يكونوا يعرفون أي شيء عن الفائدة الربوية، و أن اليهود عندما جاءوا وهم يحملون تلك الكميات الكبيرة من حليفهم عبر التاريخ quot; الذهب quot; لم يجدوا صعوبة في جعل الشعب الأماني كله مديناً لهم عن طريق الإقراض الربوي، مما أدى إلى حدوث نوع من التضجر منهم بطول البلاد وعرضها وحدوث بعض أعمال العنف ضدهم مما جعلهم يتجهون إلى البلاط الألماني للبحث عن حليف سياسي قوي يحميهم، فزاد الوضع سوءا وأصبح الاحتقان أكبر. هذا ما ذكره أدولف هتلر وهو لا يمنعني إطلاقاً من إدانة فعله وحرقه الناس بتلك الطريقة التي لا يقرها من يحمل ضميراً، حتى و إن كان في حال خصومة مع اليهود.

غير أن هذين الكتابين يشيران بوضوح إلى التضجر الكبير ليس في ألمانيا فقط بل في كل أوروبا من وجود اليهود، و أن هذا الرفض لوجود اليهود استمر عبر القرون منذ زمن مارتن لوثر ( 1483 ndash; 1546 ) وحتى بداية القرن العشرين، حين حلت مصيبة اغتصاب فلسطين و إعطائها لليهود، إذن فوعد بلفور لم يكن بسبب عين الشفقة والرحمة على بني إسرائيل كما قيل، و إنما كان غايته التخلص من اليهود، و الحرب العالمية الثانية بضخامتها التي لم يكن لها مثيل في التاريخ لا قبلها ولا بعدها، كان أحد أهم أهدافها هو القضاء الكامل على العرق اليهودي. و إذا كانت شعوب العالم كلها تدرك إلى أي درجة يحسن العقل اليهودي التعامل مع المال، و أن رأس المال العالمي بأيدي اليهود، و أنهم يملكون الدهاء و القدرة على امتصاص خير الأرض وتسخيره لمصالحهم الخاصة وترك الآخرين يعانون الحاجة والحرمان والديون للأبد، إذن فلماذا نقبل نحن أن نكون quot; الحائط المائل quot;!!

لا أتحدث هنا عن الحرب مع إسرائيل، خصوصاً و أن من يتحدث اليوم عن الوحدة العربية يبدو كمجنون أو مدمن مخدرات، و إنما أتحدث عن الرفض لإسرائيل، أن ننفض عن أنفسنا روح الهزيمة النفسية و أن نستشعر في وجداننا الرفض لهذا الكيان الغاصب، و أن نرفض الدخول معه في أي محادثات عن السلام أياً كانت، و أن نعلم أطفالنا كراهية هذا الكيان ورفضه، ليست كراهية عنصرية، وإنما كراهية من أخذ حقنا و نحن ننظر.