لاريب من الاتجاه المعقد و المقلق الذي يحيط بالازمة السياسية في العراق الناجمة بعد إنتخابات مارس/آذار المنصرم، قد بات يوحي للعالم من أن المسافة الزمنية المطلوبة لحلحلة الازمة العراقية قد تطول و تطول وان جميع القوى السياسية لن يکون بمقدورها سوى أن ترغي و تزبد و تتهم يمينا و يسارا لکن من دون أن تقدم حلا عمليا و منطقيا للأزمة التي اساسا يمکن إعتبار سبب تفاقمها عدم وجود عقلية ديمقراطية منفتحة لدى القوى السياسية بشکل عام و تيار دولة القانون بشکل خاص جدا.

الازمة الحالية وعلى الرغم من أن هناك اسباب و علل کثيرة لتفاقمها، لکن السبب الاهم او بالاحرى الشماعة التي باتت أهم القوى و التيارات السياسية العراقية تعلق أخطائها و إخفاقاتها عليها، هي شماعة حزب البعث المنحل و قيادته المطلوبة للعدالة الوطنية، والحق ان شبح و کابوس البعث يخيم على العراق منذ السقوط المريع لنظام حکم الدکتاتور صدام حسين، وان هذا الحزب الذي إنقلب من حاکم مطلق للعراق الى مجموعة عصابات و شبکات إرهابية تتقن فن التفجيرات و القتل و الذبح على الجملة و نشر الخوف و الدمار بين الناس الآمنين، مازال يفرض دورا ملموسا له على طول الساحة السياسية في العراق(ماعدا إقليم کوردستان)، وهو وان أقصي من الحکم فإنه مازال باق و يسعى لجر البساط من تحت اقدام القوى السياسية العراقية المختلفة المتداخلة في بعضها، وکلما حدث شئ مريع او تفجير دام او حتى إخفاق سياسي او امني، صرخ الجميع: انه البعث! في الوقت الذي يقللون في اوقات اخرى من شأن هذا الحزب الضليع في کل انواع الجريمة المنظمة و غير المنظمة وله باع طويل في زرع الرعب و الخوف بين الناس و جعلهم مجرد ظلال منسية على خارطة الوطن. ويقينا اننا نقر و نٶمن بأن لحزب البعث(العشائري الفئوي)، دور بارز في بقاء الفلتان السياسي و الامني و المساهمة في تعميقه أملا منه في الاصطياد بالماء العکر خصوصا وان المرکب الذي يجرفه في التيار هو نفس ذلك المرکب الذي يتم إعداده لذلك النظام المجاور للعراق و الذي لايکف عن التدخل السافر و الصلف في الشأن العراقي وان الاهداف التکتيکية و المرحلية تضع کل من حزب البعث و هذا النظام المجاور في سلة واحدة وهذا لعمري کان في صالح البعث و فعالية بقائه في الساحة، لکن على البعث أن يدرك من انه لن يتمکن مطلقا من الوصول الى هدفه الاهم و هو العودة الى السلطة وسيبقى على الاغلب مستمرا على هذا النمط فترة أخرى قد تتجاوز عقدا آخرا على أقل تقدير، في کل الاحوال، ليس بالامکان التقليل من الدور و المساحة التي يشغلها هذا الحزب في المشهد العراقي وانه و بشهادة و إعتراف مختلف القوى السياسية العراقية و الاوساط السياسية الاقليمية و الدولية، مازال يٶثر و بشکل واضح على الاوضاع، وان هذا الحزب الذي يسعى في بياناته المنمقة و المصاغة بصورة براقة و إنفعالية و الموجهة الى الشعب العراقي، الايحاء بأنه يناضل من أجل تحرير العراق و إنهاء الاحتلال و صنع غد مشرق للعراق، وفي الوقت الذي تدخل أطراف إقليمية و دولية للتجاذب أنماطا من الحوار و التشاور مع هذا الحزب، فإن القوى السياسية الاساسية العراقية (خصوصا الشيعية منها على وجه الخصوص) تنأى بنفسها بعيدا عن هذا الحزب و تفضل سياسة (الاجتثاث)الفاشلة التي لم تحقق لحد الان أي من أهدافها وکما يقول المثل العراقيquot;لاحظت برجيلها و لاخذت السيد عليquot;، إذ أن هذه القوى و التيارات الشيعية الفاعلة وفي الوقت الذي لم تتمکن کحد أدنى من تصفية خلافاتها مع بعضها البعض، فإنها أيضا لم تتمکن من تحقيق شئ مجدي على الارض وانها کما يبدو مازالت تعاني الامرين من مشکلة البعث الخارج على القانون، وان الاولى بهذzwnj;ه القوى الشيعية و حتى الکوردية دعوة حزب البعث لطاولة نقاش مفتوحة و إجراء حوار شفاف معه يبث على الهواء ومن خلالها توضع النقاط على الحروف و يعرف الشعب العراقي بفطنته و ذکائه من الذي يريد عدم الاستقرار و الهدوء للعراق.

حاورا البعث وبشکل مباشر على الهواء و امنحوا الامان لمن سيمثله للحوار و المناقشة شريطة ان يصدر الحزب بيانا بهذا السياق ويقينا ان هکذا حوار لو جرى فعلا و تحت الشمس وليس خلف الابواب المغلقة، سيحقق شيئا ملموسا على الارض، شئ بإمکانه ان يساهم بصورة او بأخرى في إعادة أمن و استقرار حقيقيين للعراق وللموضوع صلة.