يوجد مثل شعبي عربي مشهور مضمونه (خذوهم بالصوت العالي قبل أن يغلبوكم)!!!. وهو يعبر حقيقة عن نسبة من مستوى النقاش العربي الذي لا يعتمد على نقض المعلومة بحقيقة مناقضة، ولكن في الغالب بالصراخ و بشتائم واتهامات للطرف الآخر الذي يطرح معلومات هي حقائق من وجهة نظره، لكنّها من وجهة نظر الآخر تتنافى مع ما يعتبره قناعات لديه، رغم أنّ هناك فرضيات تقبل النقاش والاختلاف في وجهات النظر، ولكن في المقابل هناك حقائق تاريخية لا يمكن النقاش فيها لأنّها مثبتة تاريخيا في أرض الواقع المعاش من شعوب تعدادها بالملايين. هذا المثل والواقع الذي وضحّت مضمونه أكثر ما ينطبق هذه الأيام على مؤيدي ومناصري النظام السوري، الذي أطلق عليه (نظام وحش سوريا) ليس من باب التجني ولكن اعتمادا على حقيقتين: الأولى أنّ الإسم الحقيقي لعائلة رئيس النظام ووالده هو (الوحش) وقامت العائلة بتغييره إلى (الأسد) وهذا مثبت في كتاب الكاتب البريطاني باتريك سيل (الأسد، الصراع على الشرق الأوسط) الذي كتبه بناءا على موافقة حافظ الوحش، إلى درجة أنّه فتح أمامه الأرشيف السرّي للعائلة في مدينة القرداحة، وعندما صدر الكتاب متضمنا معلومات وفضائح عن العائلة خاصة (حرب الأخوين) حافظ ورفعت، غضب حافظ الوحش ومنع الكتاب من دخول سوريا بطبعته الإنجليزية وترجمته العربية، وما زال هذا المنع ساريا حتى اليوم رغم أنّه منع لا قيمة فعلية له، لأنّ الكتاب وترجمته العربية متوفران منذ سنوات في عشرات المواقع في شبكة الانترنت، وبالتالي لم يبق مواطن سوري أو عربي أراد قراءة الكتاب أو نسخه إلا وتوفر ذلك له بسهولة مطلقة ومجانا، وما يزال متوفرا لمن يريد الإطلاع على صفحات عديدة من فضائح هذا العائلة التي لا تشرّف سوري أو عربي، فأخوين (حافظ ورفعت) يتقاتلان بالسلاح من أجل الحكم ونهب الثروة، ليس غريبا عليهما معا ارتكاب مجزرة حماة التي راح ضحيتها حسب كافة الدراسات والإحصائيات ما لا يقل عن ثلاثين ألفا من المواطنين السوريين بحجة انتمائهم لجماعة الإخوان المسلمين، وحتى اليوم ونحن في عام 2012 ما تزال المادة 49 من قانون حافظ الوحش لعام 1980 تنصّ على (الحكم بالإعدام على كل من ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين). وفعلا هل هناك وحشية أكثر من هذه المادة التي ما زال الوحش الإبن يحافظ عليها وينفذها منذ توريثه المخزي للسلطة عام 2000؟. وبالتالي ليس غريبا على الوحش الإبن أن يستمر في قتل وقصف الشعب السوري منذ مارس 2011، وهذا الشعب لا يطالب إلا بحريته وكرامته ورحيل هذا النظام الذي صادر كل شيء من الشعب السوري.
وعودة إلى مؤيدي هذا النظام،
أتساءل مع كثيرين: لماذا أسلوبهم في الدفاع عن نظامهم هو الشتائم والاتهامات والهروب من الردّ على ما نذكره من حقائق هم أنفسهم عاشوها ومن المؤكد أنّ بعض أفرادعائلاتهم أو أقاربهم كانوا من ضحاياها، وعدم نقض ما نذكره من حقائق عن هذا النظام بحقائق واثباتات مغايرة؟. ألا يعتقدوا أنّهم إذا نقضوا ما نذكره بحقائق دامغة أن نتبنى عندئذ ما يقنعوننا به؟ فمثلا بماذا يردّون على الحقائق التالية التي كرّرتها مرارا ولم أتلق غير شتائمهم واتهاماتهم في حين أيّدها غالبية المعلقين من الوطنيين السوريين والعرب:
1. هل مذبحة أو مجزرة حماة عام 1982 وتعداد ضحاياها مجرد خيال ووهم وأكذوبة أم عاشها الشعب السوري حقيقة وشاهدها العالم بأكمله؟
2. هل أطلق هذا النظام منذ عام 1973 أية رصاصة على الاحتلال الإسرائيلي عبر الحدود السورية؟ وهل ردّ مرة واحدة على اختراقات الطيران الإسرائلي للأجواء السورية لحد تحليقه فوق القصر الجمهوري؟ وهل قصف الطيران الإسرائيلي لموقع سوري قرب مدينة دير الزور في السادس من سبتمبر لعام 2007 خيالا أم حقيقة عاشها الشعب السوري؟ بل ثبت أنّه قبل قصف الموقع نزل كوماندوز إسرائيلي للموقع وأخذوا عينات منه لتحليلها، ولمّا كان هناك اشتباه أنّه موقع نووي قاموا بقصفه في التاريخ المذكور. ودوما منذ أيام الوحش الأب وشعار النظام (سوف نردّ على الاختراقات الإسرائيلية في الزمان والمكان المناسبين) ومنذ عام 1973 أي قبل ثلاثين عاما، لم يتمكن خبراء النظام من تحديد الزمان والمكان المناسبين، وربما يحتاجون لثلاثين قرنا أخرى!!!!. فهل هذه حقائق أم افتراءات على نظام المقاومة والممانعة؟
3. هل عدم سماح النظام منذ عام 1967 لأية منظمة فلسطينية بإطلاق الرصاص أو القيام بأية عملية ضد الاحتلال الإسرائيلي عبر الحدود السورية حقيقة أم هناك من المؤيدين للنظام من رصد وعاش عشرات العمليات لهذه المنظمات ضد الاحتلال عبر الحدود السورية؟. سيقول البعض وهل هناك نظام حدودي مع دولة الاحتلال يسمح لأية منظمة بالقيام بعمليات ضد الاحتلال عبر حدوده؟. أوافقهم وأقول: نعم كل الأنظمة الحدودية مع الاحتلال تمنع ذلك، وبالتالي لماذا فقط نظام الوحش من تعطونه صفة المقاومة والممانعة طالما كل الأنظمة في الهدوء مع الاحتلال متساوين؟.
4. هل ثورة الشعب السوري منذ مارس 2011 ضد هذا النظام حقيقة أم مجرد فيلم من أفلام الخيال اللاعلمي؟ وهل كل هذه الملايين السورية الثائرة خونة وعملاء ومندسين وشبيحة؟
5. وهل مقتل القيادي في حزب الله (علي حسين ناصيف) مع اثنين من مرافقيه داخل الأراضي السورية قبل أيام قليلة حقيقة أم مجرد أكذوبة؟ وهل هذا يؤكد وقوف حزب الله مع النظام المتوحش وإمداده بالرجال أم لا؟ وهل قرأ مؤيدو النظام بيان حزب الله الذي نعى فيه هؤلاء القتلى قائلا بأنهم (قتلوا أثناء أدائهم واجبهم الجهادي) ومن الملاحظ في البيان أنّه لم يطلق عليهم صفة (الشهداء)!!!. وهل هذا افتراء على الحزب أم أنّ بيانه منشور في مواقعه وتمّ تشييع جثامين القتلى رسميا من الحزب في قرية (بوادي البقاعية) بحضور الشيخ محمد يزبك رئيس الهيئة الشرعيىة في الحزب، وقد ألقى خطاب تأبين للقتلى قال فيه عن ناصيف (عاهد على إكمال مسيرة الجهاد والمقاومة حتى النصر). وأخيرا عرفنا من الحزب أنّ الجهاد والمقاومة تكون في سوريا ضد الشعب السوري المطالب بحريته وكرامته. وللعلم فلم يذكر الحزب على غير عادته في بيانه المكان الذي تمّ فيه قتل هؤلاء الأشخاص من الحزب. فهل كل هذه الحقائق أكاذيب وافتراء على نظام وحزب المقاومة والممانعة أم حقائق عاشها الشعب اللبناني خاصة من شاركوا في التشييع؟.
6. وهل مليارات عائلة مخلوف أخوال الوحش من عرق جبينهم أم سرقة ونهبا من ثروة الشعب السوري؟ وإلا لماذا وكيف بدأ نزول هذه المليارات عليهم بعد انقلاب الوحش حافظ عام 1970 وانتقالهم من القرداحة إلى دمشق؟.
7. وهل حديث رامي مخلوف ابن خال الوحش مع صحيفةquot;نيويورك تايمزquot; في مايو 2011 الذي ناشد فيه دولة الاحتلال الإسرائيلي قائلا حرفيا: quot; إذا لم يكن هناك استقرار هنا (في سوريا) فمن المستحيل أن يكون هناك استقرار في إسرائيل) هو حديث حقيقي ما زال منشورا في عدد الصحيفة المذكورة أم مجرد افتراء على المقاوم الممانع رامي مخلوف؟.
8. وهل إجبار عصابات الوحش مواطنين سوريين تحت التهديد بالسلاح على الهتاف (لا إله إلا الأسد) وهما وكذبا أم موثقا بالصور والفيديوات في أكثر من مشهد في مدن سورية؟. وهل يتذكر مؤيدو الوحش أنّ هذا الموقف لا يختلف عن قول فرعون (أنا ربّكم الأعلى) كما ورد في القرآن الكريم فليتذكروا كيف كانت نهاية فرعون!!!.
9. وماذا عن المخطوفين أو الأسرى الإيرانيين منذ شهور لدى القوات والمواطنين السوريين؟ هل كانوا في رحلات سياحية في مناطق القصف والرصاص والقتال، أم من عناصر الجيش والحرس الثوري الإيراني، كانوا في خدمة جيش الوحش لقتال الشعب السوري؟
فهل ينصت مؤيدو الوحش من السوريين والعرب
لصوت العقل والمنطق، ويردّوا على هذه الحقائق بحقائق نقيضة تدحضها؟ أم سوف يستمروا في كيل السباب والشتائم على طريقة وحشهم حيث سلاحه الرصاص والمدرعات وهم سلاحهم رصاص الشتائم والاتهامات البذيئة. إذا ردّوا على ما نذكره من حقائق بحقائق نقيضة، فسوف نناقشهم بعقلانية ومحبة واحترام، على قاعدة (الخلاف في الرأي لا يفسد المودة بين الناس)، أمّا إذا استمروا في استعمال سلاح الاتهامات والشتائم فهذا دليل على إفلاسهم وعدم قدرتهم على الرد بحقائق ومعلومات تنقض ما نورده عن نظامهم المقاوم لحرية الشعب السوري والممانع لحصوله على كرامته وثروته المنهوبة، وعندئذ لن نعير شتائمهم اهتماما، ونستمر في فضح هذا النظام ودعم ثورة الشعب السوري ضده حتى يرحل ويلقى رئيسه وعصاباته النهاية التي يستحقونها، وسيكون دليلنا قول الله تعالى (وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما).وكم كان الإمام الشافعي رحمه الله رائعا وإنسانا حضاريا راقيا في قوله:
يخاطبني السفيه بكل قبيح فآبي أن أكون له مجيبا
يزيد سفاهة فأزيد حلما كعود زاده الإحراق طيبا
وكذلك كما قال الشاعر ابن الرومي:
وإذا بغى باغ عليك بجهله فاقتله بالمعروف لا بالمنكر
وتبقى نسبة من الأمل أن يعود هؤلاء المدافعون عن الديكتاتور لرشدهم، ويقفوا تضامنا مع الشعب السوري المنكوب بهذا الوحش الذي وصّفه علماء أزهريون أفاضل ب (أنّه الجزّار الوحيد في العالم وما يفعله يبيح دمه). وهذا اليوم قادم بإذن الله تعالى وإرادة الشعب السوري الحر. وقد أكّد وجهة النظر الشرعية هذه الشيخ عبد الحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتوى في الأزهر سابقا قائلا: (ما يفعله بشار من مجازر بحق الشعب السوري الأعزل يبيح هدر هدمه، ويجعل قطع العلاقات مع نظامه واجبا شرعيا). وهذا اليوم قادم بإرادة و صمود وإصرار الشعب السوري الثائر أولا وأخيرا. فمهما طالت أعمار الطغاة، نهايتهم قادمة لا محالة، وتاريخ كافة الطغاة عبر التاريخ يشهد بذلك.
[email protected]
التعليقات