ما يهمني في هذا الصدد الخاسرون الاقليميون وليس روسيا والصين.
اسرائيل ستخسر النظام الذي وفر لها احتلالا هادئا آمنا وسلميا لهضبة الجولان. القاصي والداني يعرف انه بعد هزائم 1967 و1973 لم يطلق الجيش السوري رصاصة واحدة لاسترجاع الجولان. وفرض حماية قصوى على الحدود بحيث لا يستطيع اي مناضل او مقاوم او فدائي من التسلل للجولان ليقوم بعمل فردي ضد اسرائيل. ولكي لا اثقل كاهل القاريء بالتفاصيل اقول ما يلي:
طلب رئيس الوزراء الاسرائيلي أريل شارون عام 2003 بعد غزو العراق من الرئيس بوش بعدم المس بالنظام السوري الذي حافظ على هدؤ جبهة الجولان لمدة 30 عام (1973 ndash; 2003). والتفاصيل الكاملة لتحذيرات شارون للادارة الأميركية بعدم ايذاء النظام السوري يمكن قراءتها في مقال بعنوان شارون يحذر بوش بقلم يوسف البار بتاريخ 12 كانون الثاني 2007 في الموقع الاخباري اليهودي :The Jewish Daily Forward.
وفي السياق ذاته كتب الجنرال آفي ديختر وزير الأمن الاسرائيلي ورئيس اسبق لجهاز الشاباك في صحيفة ايديعوت احرونوت بتاريخ 11 ايلول2012 quot;ان سقوط بشار الأسد ليس في مصلحة اسرائيلquot;. ونشرت صحيفة معاريف بتاريخ 12 ايلول 2012 ما قاله رئيس هيئة الأركان السابق الجنرال غابي اشكنازي quot;ان تغيير النظام في سوريا سوف لا يخدم اسرائيل. وبقاء بشار الأسد في السلطة مصلحة استراتيجية لاسرائيل للحفاظ على هدوء الجبهة الشمالية في هضبة الجولان.quot;
أكد تقرير صحفي للصندي تايمز البريطانية بتاريخ 12 اغسطس 2012 انه لا تدخل رصاصة واحدة للجيش السوري الحر بدون موافقة فريق من عناصر المخابرات الأميركية والاسرائيلية المتواجدة على الحدود بين تركيا وسوريا. هذا التدخل الذي يمنع وصول الأسلحة الثقيلة للجيش السوري الحر يوفر حماية للنظام ويؤجل سقوطه.
وفي 11 مايو آيار 2011 قال ابن خال بشار الأسد رجل الأعمال رامي مخلوف لصحيفة نيويورك تايمز انه اذا لم يكن هناك استقرار في سوريا سوف لا يكون هناك استقرار في اسرائيل.
نهاد إسماعيل |
كل هذا ينسف أكذوبة الممانعة والمقاومة التي انطلت على بسطاء وسذّاج الشارع في الوطن العربي.
لا احد يستطيع ان يجادل العكس حتى لو كان من اكبر المطبلين والمزمرين لنظام المجازر السوري لأن كل كلمة وحرف في هذا المقال موثقة ومدعومة بمصادر يمكن الرجوع لها والتأكد من صحتها.
لذلك اسرائيل غير متحمسة لسقوط هذا النظام وهذا يفسر تباطؤ الناتو وادارة اوباما في اتخاذ اي اجراء حاسم لاسقاط بشار الأسد. فاذا سقط نظام دمشق ستخسر اسرائيل الحماية المضمونة لاحتلال الجولان.
حزب الله تخلى عن مبادئه:
أعترف انني كنت من المعجبين بحسن نصر الله وحزب الله لصموده الاسطوري في صيف 2006 امام الغزو الاسرائيلي وكتبت عن ذلك في حينه. ولكن للأسف أخذت شعبية الحزب بالتآكل والانهيار بعد تورطه في قمع ثورة الشعب السوري ضد حكم الطاغية بشار الأسد وعصابة الاجرام التي تسفك دم الشعب السوري للبقاء في السلطة. فقد أيد نصر الله انتفاضات الشعوب في مصر وتونس وليبيا والبحرين ولكنه قرر الانقلاب على مبادئه وقرر دعم بشار الأسد ضد الشعب السوري. فعل ذلك استجابة لرغبة ايران الداعم الأكبر والممول الوحيد للحزب اللبناني. وفضحت فضائية العربية وموقعها الأليكتروني تفاصيل مشاركة حزب الله في الجرائم ضد الشعب السوري وفي اغتيالات شخصيات لبنانية معارضة لسوريا مثل جبران تويني وسوف نقرأ المزيد عن تورط حزب الله الفاضح في جرائم النظام السوري.
ايران الخاسر الأكبر:
اذا سقط بشار الأسد ونظامه سوف يسقط مشروع ايران للهيمنة على المنطقة. ارتكبت ايران خطأ استراتيجي كارثي بوقوفها مع نظام يائس ومتهالك. هذا الدعم الخاطيء يتناقض مع تأييدها لشعوب تونس وليبيا ومصر والبحرين واليمن ضد الدكتاتوريات. قرارالوقوف مع طغاة دمشق ضد الشعب السوري فضح سياسية النفاق والدجل والخداع. في الواقع بدأت ايران تعاني من الخسارة قبل سقوط النظام حيث أخذت القيادة الايرانية تيأس من فشل نظام دمشق في قمع الثورة وهزيمتها. وحسب تقارير استخباراتية غربية كشفتها الصندي تايمز في السابع من شهر اكتوبر 2012 فقد سحبت ايران 275 عنصرا من الوحدة رقم 400 التابعة لفيلق القدس والمكلفة بالقيام بعمليات سرية لمساعدة النظام السوري في قمع الثورة. كما خسرت الخزينة الايرانية 5 مليارات دولار في دعم دمشق ولم تحقق اي نتائج ملموسة لهذا الاستثمار سوى المزيد من القتلى والمشردين. وتتزامن هذه الخسارة مع انهيار العملة الايرانية.
لا تستطيع طهران الاستمرار في ضخ المليارات لمساعدة نظام ساقط بينما يتدهور اقتصادها وتتهاوى عملتها وهذا الوضع الاقتصادي الكئيب سيكون له عواقب وخيمة وسيكون موضوع مقال منفصل.
سقوط بشار الأسد سيكون بمثابة صفعة قوية في وجه اسرائيل وركلة مؤلمة في المؤخرة لايران وحزب الله.
نصيحة للجيش السوري الحر:
وكلمة أخيرة للجيش السوري الحر: اطلقوا سراح الأسرى الايرانيين ولا تعدموا ايا منهم. الاعدامات الميدانية هي من تخصص نظام دمشق. اذا فعلتم سوف تفقدون تعاطف شرائح كبيرة من المجتمع العربي والاسلامي. اعدام الأسرى حتى لو كانوا بمهمة عسكرية سيكون كارثة علاقات عامة لكم. اطلاق سراح الأسرى وبدون اشتراطات سيخدمكم اعلاميا وسيرفع أسهمكم في العالم.
لندن
التعليقات