إن أوجه المعرفة العديدة هي الغذاء للفكر الإنساني والإبداع اللامتناهي، والثقافة هي مجموعة المعارف هذه والمرتبطة بشكل لا يمكن فصلها عن تطور الإنسان وتطور الحياة،، والتي هي بالملخص تشكل فى مجملها منهج حياة.. لقد اختفت هذه التعريفات بشكل مخطط لها بدقة، وأصبحت جميع ساحاتها فارغة من الإبداع والإنتاج والتطور، وهنا برز دور من حاول ويحاول بإصرار على دفن الجمال واشاعة القبح، ظهر رجال من بطون لم تر الشمس، مصرة على تدمير مواريثنا الحضارية.

وظهر فى زمننا نبرة حادة لسحب الامة باكملها الى الوراء الوراء البعيد وحجب الفكر العربي عن التفكير بمحاربته باسم الدين، أنهم الجهلة الذين يدعون المعرفة بعلوم الدين الحنيف، الثقافة التي خرجت من كهوف الرجعية ضاربين عرض الحائط بالواقع الذي يجبرنا على مواكبة دولاب الحياة السائر بسرعة رهيبة نحو التعلم والمعرفة والبحث العلمي، وهؤلاء مصرون على دفن أحلامنا ومستقبلنا ورفع شعارات لها علاقة بالخالق كأنهم الوكلاء عنه في الأرض، لكن المحزن المبكي هناك من أغلق عينيه وفكره في مجاراتهم مما أعطاهم الأرضية التي تساعدهم على نشر الجهل.

المعرفة قوة، وهي عملية تراكمية متصاعدة ومتسعة باستمرار، وهي تعني سبر غور المجهول، وفك طلاسمه، واستنطاق الأسرار، واكتشاف الجديد. وهو الطريق إلى المعرفة وبرغم قيمته العظيمة فهو طريق صعب وشاق ويحتاج الى البحث المتواصل، فالمعرفة ليست مجرد محفوظات، أو تخزين معلومات نظرية، بل هي إضافة إلى ذلك: تأمل وتفكير، وبحث وتنقيب، وهدف يسعى إليه الإنسان، دون خوف أو وجلٍ من النتائج التي سيؤدي إليها البحث.

والدافع الأول للمعرفة يكمن في رغبة الإنسان بامتلاك القدرة التي تساعده على التكييف مع المحيط، وتسخير هذا المحيط لصالحه، ولمواكبة التقدم العالمي وليس حبس الفكر العربي داخل قمقم ربطوها بالدين وأصدروا الفتاوى التي تبرر ما يدعون دون الاستناد إلى المواثيق والأعراف، فتاوى بعيدة عن الشريعة والسنة، ثم السيطرة على المجتمع ببث الافكار البائدة دون الاخذ بنظ الاعتبار ان الكون في حالة تبدل وتغيير وتطور مستمر. الإنسان مخلوق متطور في فكره وجسده وتجمعاته، متحرك متجدد باستمرار، وباستمرار تتبدل شروط عيشه ومتطلباته، وقيمه ومفاهيمه وقوانينه.

إن ألد أعداء المعرفة يكمن في النظر إلى الفكر الإنساني، والمجتمعات البشرية، على أنها جامدة، ثابتة، لا تتحرك ولا تتبدل، ويكمن في اعتبار حقائق الماضي، حقائق كاملة مطلقة صالحة للحاضر والمستقبل، ولكل زمان ومكان، دون الإدراك أن ما كان ملائما للأمس، قد لا يكون ملائما لليوم، وما هو ملائم للحاضر، قد لا يكون مناسبا للمستقبل. فليس للحقيقة وجه واحد فقط، وأقل ما يقال في من يظن ذلك أنه غارق في جهله وعزلته، عازف عن عناء البحث والتنقيب، واكتشاف الجديد.

وحبسه في بطون تاريخ معظمها بعيدة عن المصداقية وتحريم وتحليل قيود يضعون فيها العامة الأمية والتي ترنو إلى الروحانيات التي تخطط لها هذه المجاميع، بالإضافة إلى ظهور ثقافة الجشع المادي الذي سيطر على هذه العقول المتعبة والتي لا تبالي بمناقشة ابسط القضايا والكثير من المفاهيم واستبدلت بقوانين العنف والإكراه والاستعلاء، وشريعة السيد والعبد، وتجارة النساء. ظهرت طرق جديدة تدير المجتمعات العربية والتي تعتبر مخالفة للقانون الإنساني المتحضر يعاقب عليها مرتكبها بأشد العقوبات.

إن التشبث بالقديم، والعيش في الماضي، وتقليد موتى القرون الوسطى وعصر الظلمات، والاقتداء بهم، باعتبارهم مثالا يُحتذى، وهذا ما جعل العرب والمسلمين، سجناء التاريخ، يفتشون عن مستقبلهم فيه.

وبث سياسةالخوف والتخويف من المفاهيم السائدة، والالتزام بقوانين وعلوم السلف، وقمع رغبة الإنسان في التحقق من صحة المعلومات المتوارثة، مما يمنع ظهور أية أفكار جديدة، وبحوث جديدة، وحقائق جديدة.

الجهل والتجهيل يتمثل في تزوير الحقائق التاريخية والعلمية والتعتيم عليها أو إخفائها خدمة لأفكار قديمة مسبقة.

ان الجهل والتجهيل يتمثل في رفض وتهميش الثقافات الأخرى، واللغات الأخرى، وتقديس ثقافة ولغة بعينها، مما يمنع تلاقح الثقافات، وتبادل المعلومات، ومما يعني ترسيخا لثقافة الجهل التي ترفض وجود جوانب وأوجه متعددة للحقيقة التي لا تكتمل صورتها إلا بتجميع أجزائها والي تخدم تطور الإنسان.

وإشاعة ثقافة اللرضوخ للواقع وترك مقاليد امور حياتهم التي تحتاج الى التفكير والعمل على واقع وهمي لا وجود له إلا في أوهام وآمال المتخلفين والمستفيدين من تلك الثقافة، والمحاربين لعمليات الفهم والمعرفة والبحث عن الحقيقة.

أن الثقافة التي تقوم على الربط بين القتل والجريمة..ومن المجحف حقا في حق هذه الأمة أن ينسحب أصحاب الكفاءات ويختبئوا وراء الحجب ليخلفهم أصحاب التفاهات وتدوّن أسماءهم في الكتب! وسندرك خطورة الأمر حين يشعر بمرارة الانتكاسة والتي سنخسر من خلالها كل ما بنيناه وبناه من سبقونا،، ان انتشار مثل هذه الآفات التي تحارب في سبيل نشر ثقافة الجهل هي التي تشن حرب ضروس على هويتنا العربية الإسلامية.

كما أن ظاهرة الانتعاش الديني التي تعم الكوكب وتشمل جميع الأديان ليست تعبيرا عن هويات ثقافية تقليدية وإنها هي نتيجة العولمة ولأزمة الثقافات. كما أن الديني السياسي محصور بكل بساطة في أمرين ملزمين: إن عدم الإيمان فضيحة لكن الإيمان لا يكون إلا فرديا ولا يعمل هذا الديني السياسي إلا على المبدأ القائل بأن الجميع يجب أن يكونوا مؤمنين، لكنه لا يستطيع أن يضمن هذا الإيمان وعليه إذن يفرض التقيد بالمظهر، لكن إذا كان الإنسان مطبوع على الزلل ويتميز بالتناهي والهشاشة ولا يستطيع تفادي الوقوع في الخطأ فإن العامة يتمسكون به نتيجة العادة والتقليد والجهل وان نظرتهم إلى الدين سطحية وتخلط الاعتقاد بالخرافة والخوارق وكثيرا ما يقعون فريسة الخداع والاستغلال من قبل تجار الدين.

العمل الجاد على رفع مستوى التعليم الأخذ بالتدين في معظم دول العالم العربي مما فسح المجال للجهالة ومن يمثلها،نحن كعرب ومسلمين لسنا جهال بما تحمله هذه الكلمة من معنى وكيف نكون جهال ودستورنا القران هذا المنهج السليم السوي و نبينا محمد خير معلم للبشر ولكنا نتجاهل هذا كله فأصبحنا جهال.