بمناسبة يوم السلام العالمي اقامت وزارة الثقافة العراقية وبالتعاون مع الامم المتحدة احتفالية شعبية لنشاطات متعددة كان عمادها الشباب العراقي، حيث اقيمت تلك النشاطات في اماكن متعددة في بغداد تخللتها الموسيقي والرسم والرقص الشبابي، وذلك في رسالة قوية من الامم المتحدة لدعوة الاخر للسلام ونبذ العنف، ومن ضمن تلك النشاطات كان هنالك دعوة لعازف العود نصير شمه لتقديم حفل موسيقي مع فرقة مصرية، كانت هذه الدعوة لها رسالة مهمة، وفحواها السلام لان الذي لا يخفى على احد ان شمه احد مؤيدي العنف من خلال تأييده للمقاومة المسلحة في العراق، وإهدائه أسطوانة موسيقية للدكتاتور، من هنا تأتي اهمية دعوة هذا العازف حيث لا يوجد موسيقي ايد العنف على طريقته فحين يحضر سيكون اعلان شفاهي على الاقل لنبذ العنف على لسان مؤيد للعنف. و نرجو ان يكون موقفه ثابتا هذه المرة ولا ينقلب على اعقابه ولتزيد الامم المتحدة من دعوة هذا النوع من الموسيقيين والمغنيين والمثقفين لعلها تُفلح بإقناعهم بوقف تأيد العنف وقبول التغير في العراق.

لكن يا ترى لماذا لا يشمر وزيرة الثقافة العراقي الذي يسكن وزارة الدفاع اكثر من وزارة الثقافة عن ساعديه ويدعم الفنانين والمثقفين العراقيين الذي وقفوا ضد الدكتاتورية وناضلوا من اجل اقامت الديمقراطية لأكثر من نصف قرن؟ حينها كان هذا الوزير يتمتع بسلطة ضباط الجيش وبامتيازاتهم بينما اغلب المثقفين كانوا يعيش على الكفاف في دول الجوار والمهجر ورغم ملاحقات النظام الامنية والعوز المالي كان المثقفين والفنانين الديمقراطيين يقيمون الامسيات والمهرجانات ويشاركون في الكرنفالات العالمية التي تدعمها حركات التحرر في العالم العربي وأوربا منددين بالدكتاتورية عن طريق الابداع و نتاجهم الفني الثقافي. هل هي اذا خطة وزارة الثقافة العراقية بإعادة مثقفين النظام كما اعادت وزارة الدفاع الضباط البعثيين من الجيش السابق؟ هل ازدراء المثقفين الديمقراطيين ودعم مثقفي صدام هي محاولة لتأسيس مجاميع من الصحوات الثقافية على غرار الصحوات التي اوجدها الأمريكان؟ بالمقابل صحفي الوزير يكيلون المدائح وفرحون بإجازات الوزير الضابط لأنها تديم مناصبهم وتعينهم في الانتخابات القادمة وليذهب المبدع المناضل او المجاهد ابن الشعب العراقي الى الجحيم العراقي.

فليمد العراق يده لأبنائه حتى للذين شذوا او تتطرفوا وأيدوا العنف منهم ونتمنى ان لا تكون مواقفهم مبنية تبعا للمصالح بل ايمانا بالسلام نفسه وندعو الاخرين ممن كتبوا ولحنوا للدكتاتورية والحروب والعنف ان يكتبوا ويلحنوا للسلام في يوم السلام كبطاقة اعتذار لضحايا العنف ان كانوا صادقين وليبقى عراق ما بعد الدكتاتورية فاتحاً ذراعية وعطوفا على أبناءه دوماً. ولكن تجاهل المثقف الديمقراطي الانساني المناضل ما يثير التساؤل، فهل هي محاولة مبطنة من وزير الثقافة الضابط ان يجعلنا نشعر بالاشمئزاز من التغير والحكومة ومن طريقتها الديمقراطية المبتكرة هذه؟

ولكن هيهات لن نشمئز من الديمقراطية لأنها هدفنا الاكبر الذي دافعنا عنه ضد النظام السابق وسندافع عنه اليوم ضد اشباهه وضد ازلامه المبطنين وضد الجهلة.