كنت أتصفح التغريدات عبر التويتر، كما جرت عادتي، واذا بي يستوقفني عنوان تغريدة لروسيا اليوم تحت عنوان quot;منظمة يمينية أمريكية تنشر في مترو نيويورك ملصقات مثيرة للجدل تدعو لنصرة اسرائيلquot;. من دون أن أفكر وجدت نفسي أضغط على رابط الخبر.

في الوقت الذي لا يزال العالم العربي والاسلامي يتخبط على وقع الاحتجاجات على الفيلم المسيء للاسلام، والتي لم تخل من العنف، انتشر خبر عن اقدام مؤسسة تدعى quot;الدفاع عن الحرية الأمريكيةquot; اليمينية على نشر ملصقات على جدران أكبر عشر محطات مترو في نيويورك التي يرتادها آلاف الأشخاص يوميا، تدعو لـ quot;محاربة الجهادquot; ونصرة اسرائيل، وذلك بعد أن ربحت معركة قضائية ضد شركة النقل في نيويورك التي عارضت هذا العمل. وتقول احدى الملصقات: quot;في أي حرب بين الرجل المتحضر والمتوحش، عليك بدعم الرجل المتحضر. ادعم إسرائيل، اهزم الجهادquot;.

نسرين عجب

هذا الخبر أعادني بالذاكرة سنتين الى الوراء عندما كنت مع أصدقاء لي نزور المتاحف في واشنطن ومن بينها كان متحفاً استفزني كثيراً، متحف محوره quot;الهولوكستquot;. لفتني وقتها، عدد الزوار الكبير لهذا المتحف مقارنة مع المتاحف الأخرى المجاورة، وكان هناك نسبة كبيرة من اليهود، لا أعرف ان كانوا اسرائيليين ولكن كان سهلا معرفة أنهم يهود من خلال القلنوسة التي يضعونها على رؤوسهم.

وفي الداخل، عرض أفلام التركيز فيها واضح على الأطفال والنساء، أضواء خافتة وموسيقى حزينة، وصور ولوحات كلها تصب في خانة واحدة استعطاف الرأي العام مع اليهود ضد هتلر. المشهد مستفز لمن يرى ويسمع كل يوم عن مجازر الاسرائيليين بحق الفلسطينيين، فمرتادوا ذلك المتحف يغرز في لا وعيهم أن اليهود ضحية في الوقت الذي لا يعرفون شيئاً عن اجرام الاسرائيليين بحق العرب. يومها سألت صديقا فلسطينيا أميركيا عن ذلك المتحف مستغربة لما ليس هناك متاحف توثق المجازر بحق أطفال فلسطين على الأقل، ليرى العالم الغربي الوجه الآخر لاسرائيل التي تظهر أمامهم بمظهر الدولة المتحضرة، فقال لي مشكلتنا نحن العرب أننا لا نجيد التصرف، نحارب الغرب ونقاطعه بدل أن نستقطبه الى صفنا..

حربنا مع اسرائيل هي حرب رأي عام وكي نكسبها علينا أن نكسب الرأي العام الغربي لا أن نعاديه. كل ما يعرفه عنا الغرب هو هذه الصورة التي روّجت لها الادارة الأميركية ومن خلفها اسرائيل، وبدل أن نحارب اسرائيل بسلاحها نقتل أنفسنا بالسلاح الذي شهرته علينا، التخلف والهمجية والارهاب، وكل يوم تصبح المعركة أشرس وخسارة العرب أكبر. يقال ان معرفة المشكلة هي نصف الحل، فهل يعي العرب حقيقة مشكلتهم مع الغرب؟!