تطورت الدول الغربية بعد الثورة الصناعية التي بدأت منذ عقود عدة، وأصبحت رويدا رويدا تكتسب الخبرات العلمية والتكنولوجية بالشكل الذي نراه اليوم. هذا التطور العلمي والتكنولوجي ساعد البشرية ككل وليس الغرب فقط في فهم الانسان لنفسه وفهم ما يجري من حوله في هذا الفضاء الشاسع الذي نعيش فيه. تأخرت دول العالم الثالث وخاصة منطقة الشرق الاوسط الغنية بالثروات الطبيعية عن مواكبة التطور بالمعنى العلمي والتكنولوجي على أرض الواقع، والسبب ربما يعود لان الشرق ما زال في زمن الكلام ولم يتجاوز بعد مرحلة الانتقال من الاقوال الى الافعال، أو بمعنى آخر تجاوز مرحلة الشعر الى مرحلة العلم والتكنولوجيا. الشرق الاوسط المهتم أكثر بالاقوال والاشعار مستهلك أساسي لما تنتجه الغرب من تكنولوجيا حديثة ومن ماكنات وآلات تساعد الانسان في أموره اليومية وتسهل له أعماله. ان التقليل من تشجيع الشباب في الشرق الاوسط على استهلاك الشعر والخوض فيه، والتكثير من تشجيعهم على طلب العلوم الطبيعية والتكنولوجيا واتقانه بمعناه التطبيقي التجريبي سيعود بالخير على هذه المنطقة. روى أحد الاصدقاء، أنه في احدى الزيارات الى بلده، التقى بالعديد ممن ليس لديهم مهنة أو صنعة يحصلون من خلاله على رزقهم ورزق وأولادهم، وقال، عندما سألتهم ما هي مهنتكم؟ حصلت على اجابات عديدة، فمنهم من قال، أنا شاعر، وآلاخر قال أنا مثقف وهلم جراً. ربما ينطبق عليهم المأثورة التي تقول، انهم لا يعملون ولا يعلمون أنهم لا يعملون(١). اذا أنت شاعر فهل تستطيع أن تكسب معيشتك من كتابة الشعر، أم هذا فقط للتباهي بأنك أفندي رغم أنك عاطل عن العمل. منذ عقود عديدة ومشكلة الشرق الاوسط باعتقادي تكمن في أن الاكثرية العظمى من الطبقة المتعلمة تهتم أكثر بالاقوال ولا تعمل كثيرا بالافعال. (١) مأخوذة من المقولة المشهورة، لا يعلم ولا يعلم أنه لا يعلم.
ان مقياس تطور أي بلد معين في عصرنا الحالي يعتمد بشكل كبير على تطور جامعاته ومراكزه العلمية، وخاصة مدى تطوره في العلوم الطبيعية كالرياضيات وعلوم الحاسبات والطب والفيزياء والكيمياء والاحياء والهندسة والى آخره. ذلك أن التطور العلمي والتكنولوجي هو الكفيل بأن يصل بنا الى ما نصبوا اليه من حياة أفضل وأقل صعوبة. ففي الدول الاوروبية ساعد التطور العلمي والتكنولوجي في تحسين معيشة الناس بحيث أصبحت الوسائل والخدمات متاحة ومتيسرة للكل. هناك اعلان فرنسي قديم يقول؛ لا يوجد لدينا نفط ولكن لدينا أفكار، بمعنى ان الثروة النفطية غير موجودة في فرنسا ولكن بفضل ما لدينا من علم ومعرفة نستطيع أن نوفر النفط والغاز للفرنسيين. د. لؤي الجاف
باريس
- آخر تحديث :
التعليقات