المشهد السياسي المصري الحالي مؤلم ومنفر، ولا يبشر بخير قادم، كل اللاعبين علي المسرح السياسي للبلاد من النخبة منقسمين علي أنفسهم، لا تعرف من مع من، ولا من ضد من، عبث هنا، وكراهية هناك،وسيل منهمر لا يتوقف من البلاغات اليومية ضد بعضهم البعض، شتائم وسباب متبادلة يوميا تحملها كل برامج الفضائيات المصرية.

المشهد برمته عبارة عن حلبة صراع الآن،لا يتعامل فيها المتصارعون مع مصر كوطن،ولكن كقطعة من الكعك الفاخر،كل من فرط نهمه للسلطة يريد أن يقضم الجزء الأكبر منها، ويتساءل المصريون لماذا لم يرحلوا هم أيضا كما رحل مبارك؟
لقد قفزوا بكل طوائفهم علي الثورة، محتلين صفوفها الأمامية، إخوان، ليبراليين، إسلاميين. ألا يفسر ذلك الصراع الدائر بينهم بعد غياب الشعب بطل الثورة الحقيقي علي أنهم متسلقين علي الثورة؟ لماذا لم يتفقوا علي شئ واحد لمصلحة الشعب سواء كان ذلك دستور أو مشروع أو رئيس للدولة أو حتي وزير في الحكومة.

إن ثمة نذر ثورة قادمة، ولهيب جماهيري اشد، بدأ يلوح في الأفق أمام عجز كل هؤلاء، يزيد منها عجز الحكام الجدد، فالمصريون أصبحوا غير قادرين علي تفسير ضياع كل تلك الشهور منذ قيام الثورة حتي الآن دون إنجاز واحد يذكر للرئيس أو الحكومة؟، الحقيقة الفاضحة إننا لا نجد شيئا محسوسا أو ملموسا علي ارض الواقع يمكن الإشارة إليه علي انه إنجاز، إنه نفس العصر السابق بنفس مستنقع المشاكل والعذابات التي يعاني منها المصريين، بل يمكن القول بنفس راضية إنها نفس السياسة المباركية السابقة، انظر إلى السرعة والعجلة التي سارع بها الرئيس والحكومة في الاقتراض من صندوق النقد الدولي، وانظر إلى دفاع الرئيس عن الاقتراض منه، ألا يحق للشعب أن يسأل إذن أين هي تلك العزة والكرامة التي نادي بها المصريون أثناء الثورة؟ ولماذا يتم تكبيل الأجيال القادمة بكل هذه القروض التي ستصبح دين عليهم فيما بعد.

صلاح سليمان

لقد استطاع جمال عبد الناصر بعد 48 يوما من توليه الحكم أن يكون لديه القدرة والعزم علي اتخاذ قرارات ثورية،بداية بالقضاء علي الإقطاع،وتأميم قناة السويس،وبناء السد العالي وغيرها من إنجازات عديدة، بل إن الحملة الفرنسية علي مصر استطاعت في اقل من 3 سنوات أن تنجز كتاب وصف مصر تلك الموسوعة القيمة التي سجلت كل كبيرة وصغيرة في مصر، أما الرئيس مرسي فبعد مئة يوم من حكمه وحتي الآن لم يفلح علي الأقل في حل مشكلة quot;القمامة quot;التي تعاني منها شوارع مصر،ولا في حل مشكلة quot;أنبوبة الغازquot; التي يحتاجها الفقراء!،فهل من يفشل في ذلك سينجح في بناء مشاريع قومية نهضوية في البلاد؟

لماذا تقف الحكومة والرئاسة في حالة عجز كامل عن تبني المشاريع؟،ولماذا اكتفي الرئيس في كل يوم جمعة بالصلاة تحت اعين الكاميرا وغاب عن فتح ولو مصنع واحد؟.
إن أزمة الغاز يمكن الخروج منها مثلا بالبدء في التفكير الجدي في إقامة صناعات بترولية تكميلية لتكرير البترول و استخراج المواد البترولية مما يساعد على ضخ استثمارات و تشغيل عمالة و الحد من عجز الموازنة، وكذلك بدل توفير الطاقة بالتضيق علي المواطنين بإجبارهم علي إغلاق متاجرهم في العاشرة مساء، يجب الإسراع في تبني مشاريع الطاقة التي تعتمد علي المصادر البديلة المتجددة لإنتاج الكهرباء، مثل مشاريع الطاقة الشمسية التي يمكن أن تكون أحد أسباب نهضة مصربل وإغراقها بالطاقة، إن كثير من الدول التي لا تعرف الشمس أصلا تعتمد هذه الطاقة الآن مثل ألمانيا،فقد يدهشك وانت تزور هذا البلد أن تري كل تلك الألواح الزرقاء التي تعتلي أسطح المنازل والمصانع،فهي تحول الطاقة الشمسية إلى كهربائية، حتي أن كل منزل يكتفي ذاتيا بالطاقة التي يولدها، مما جعل ألمانيا تفكر الآن في التخلي عن مصادر الطاقة الخطيرة كالمفاعلات النووية التي يريد أن يتبناها الرئيس مرسي رغم شمس مصر المبهرة.

أمام الدكتورمرسي سيل من المشاريع والاقتراحات التي تقدم بها خبراء وعلماء مصريون يعملون في الخارج؟ ولكن حتي الآن لم نسمع أن الحكومة تبنت إحداها، لقد ذكر لي احد الخبراء المصريين العاملين في ألمانيا انه تقدم لمصر بمشروع يرى فيه زراعة الصحراء بالأشجار اعتمادا علي ريها بمياه الصرف الصحي التي ستصل في عام 2017 إلى 11 مليار متر مكعب، وهي كمية ستكون كافية لزراعة 3.5 مليون فدان بالأشجار بدل من إهدارها في باطن التربة والأنهار والترع مما ينجم عنها أضرار صحية كبيرة للناس في نفس الوقت الذي ستتحسن فيه البيئة في مصر وتجني مصر عائد كبير من تصدير الأخشاب فهل لمثل هذه المشاريع أن تحرك الحكومة لبدء النهضة؟.
[email protected]