لحظة فارقةتلك التي سمعت فيها خبر إعادة ماليزيا للشاب حمزة كاشغري إلى السلطات السعوديةلمحاكمتهخاصة ومع عدم وجود إتفاقية ملزمة بين الطرفين لتبادل المطلوبين ..

لم أستطع أن أمنع نفسي من الدخول في جدليات متشعبهحول قدرة المالفي التضحية بحقوق الإنسانوالتضحيةبالحريةالفكريةمن اجل إستمرار الحصول عليه. برغم أن الإقتصاد الماليزي خطى خطوات واسعه في الإنفتاح وتدفقالإستثمارات الأجنبيه..
وبدأت أبحث وأتساءل ما الذي كتبههذا الشاب .. ولماذاتصرهيئات الدينالسعودية المتعددهعلى محاكمتهوهل هذا بموافقة ملكية, المفروض أنها أدرى بالعالموكيف يتندّر هذا العالم بسلطة وقدرةالهيئات الدينيةفي السيطرة على المجتمعوإلى عمليات المد والجزر القائمهفي موضوع حقوق المرأة السعودية ,ولا يحميها من التدخل الأجنبي حيال كل ذلكإلاغزارة إنتاج نفطها.. .. ثم أعود لأتساءل هل نؤمن حقابحرية الإعتقاد .. هل حقيقة أننانؤمنونتّبع آيةquot;quot;لا إكراه في الدين quot;quot;أم أن كل ذلك ما هو إلا ضرب من ضروب التقية وخداع النفس والكذبالعلنيحتى على ضمائرنالكي نستطيع النوم.. نعم أعترف انموضوع هذا الشابيؤرقني .. ويدخلني في متاهات جدلية مع نفسي ..فمن جهة أحاول التشبث بعقلانيتي الباقية حفاظا علىعقليالذي يواجه العديد من المتناقضاتحين أحاولالبحثفيالمواضيع الدينية.. والأخرى هي الثورةعلى كلالموروثات الدينية التي تقيدالحرية الفكرية في العالم العربي. والتي كانت السبب في إغتيال الدكتور فرج فوده .. وتشريد الدكتور نصر أبو زيد .. وتكفير الكاتب الكبير نجيب محفوظ ..وغيرهم من جميع الأقطار العربية .الحرية الفكرية التي توصلني إلى متاهاتمتشعبه حين أقرأ فيكتب التراثفأجدهاتضعني في متاهات أكبرنظرا لكميةالأساطير والمتناقضات الموجودة , والتي لا تستند إلى عقل ولا منطق..
أقرّوأعترف أنهذاالأرقوالتناقض هوالسبب في عدم قدرتي على الكتابة .. سواء حول الإنتفاضات العربية والكوارث التي نتجت عنهامن وصول حتى السلفيين للحكم.. وما يحصل في سوريا .. واليمن .. وكل المنطقة العربية ..لأنني ضعت مابين مسؤوليتي الأخلاقيةأمام القراءلأكتببضميريما يجول بخاطري وبين هذا السد الكبير الذي أواجههفي محاولتي توعية القارىء العربي بحقوقهالتي تستند إلى عدالة أكبر منالعدالاتالمشّرعةفي الكتب الدينيةالتي وضعت لزمن غير زمننا .. ومكان غير مكاننا .. ولم تعد تصلحلكلاهما .. العدالة التي ضمنتهاالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان .
ضعت بين أنأقبلبما رضيته هذه الشعوب ممثلا لها.. وبين خوفي على هذه الشعوبلأن من إختارتةلن يعبأ بمصلحتها الدنيويهبقدر ما يريد تسييرها نحو الآخرة التي لم يعد منها احد .. بينما يرتعون هم في ملذات الدنيا وما فيها ...
نعم .. محاكمة هذا الشاب هي ما هزت ضميري ودعتني لأن أكتب غير عابئةإلا بإنقاذ حياة .. قد تكونأحدالأسباب لإنقاذ حياة شعوبمن تخلفها,من تندّر العالم بجهلها .. ومن سعيها نحو تدمير ذاتها ..نعم هناك رابطرقيق جدا بين محاكمة هذا الشابوبينخيار الشعوب العربية في الحرية .. والمساواة .. خيطرقيق.. ولكنهأحد أهم أسباب التخلف العربي ..والإنغلاق الفكري الذي استساغته الشعوب العربية هربا وخوفامن سلطة الدينوالتدّينالظاهري بينما تركواالتديّن الأخلاقيبعيدا عن حياتهم ..كما حصل في مصر في تهجير 8 عائلات مسيحيهمن قريتهم والتجاهل التامبانهم مواطنون .. ولكن الأهم التجاهل التام للقانون .. وتنفيذ القانون الهمجيبترحيلهم ...
نعم سأدافع عن حق هذا الشاب بكل ما أستطيع من قوةمعرفة .. أو فكر .. ولكن لن أفرّط في حريتي إسترضاء لأي عقيدةمهما كانت .. سأحاولإستقطابأي عدد من القراء لحملهم على الدفاع عنهاو حتى تقبّل رأيه الشخصيوعدم محاكمتهبه ....
كلنا يعلم مدى الخطر الكبير الكامن فيالتزمتالدينيوبهذه المحاكمةالتي ستؤكد للعالم من حولنا بأن الدين الإسلامي ما هو إلا سجن كبير داخله مفقود بلا محاله لأنه لا يستطيع الخروج منه.. ولا يستطيع التعبير عن رأيه مجردا سواء آمن أم لم يؤمن .. كما هو حاصل في المسيحيةواليهوديةوبقية الأديان الأخرى. .. .
سأبدأبالحديث الذي قرأته في مداخلاتبعض فقهاء الدين ومنها quot;quot; ( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين ) quot;quot; لا يعقل ولا يمكن حتى للنبي (سلام الله عليه) أن يتقولهلعلمة وإحساسهبأن ليس هناك أحب إلى الإنسان من أبناؤه .. ولقدأكدذلك حينمنع عليمن الزواج على فاطمةبرغمتحليل التعدد حين قال يؤلمني ما يؤلمها...
لقد قرأت بكثير من التعمق ما كتبهحمزة ..
quot;في يوم مولدك لن انحني لك، لناقبل يديك، سأصافحك مصافحة الند للند، وابتسم لك كما تبتسم لي واتحدث معك كصديق فحسب.quot;.
لقد أكّدكاشغريالمودةوالإحترامحين كتب كلمة صديق لأنناكبشر لا نصادق من لا نحترمهوالنبي(سلام الله عليه )قال ما أنا إلا بشر مثلكم ..إضافة أن الله عز وجلأكّدفي كثير من الآيات بأنالنبي لم يكن إلا بشر .. كما ورد في الآياتالتالية ..
قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي .. (سورة الكهف )
قل ياأيها الناس إنما أنا لكم نذير مبين( سورة الحج )
قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي إنماإلهكم أله واحد(سورةفصّلت )
ويتابع كاشغري quot;في يوم مولدك أجدك في وجهي أينما اتجهت، وسأقول إنني أحببت أشياء فيك، وكرهت أشياء أخرى ولم افهم الكثير من الأشياء الأخرى. سأقول إنني أحببت الثائر فيك، لطالما كان ملهما لي ولم أحب هالات القداسة، لن أصلي عليك.quot;.
حتى اكبر المفكرين الغربيين يعترفبأنالرسول ( سلام الله عليه)ثائر, إستطاع بدعوته التوحيديةتوحيد الجزيرة العربية بعدما كانت مجرد قبائل متناحرة.. أيضا ضمان إقتصادي دائم من خلالفتوحاتبعد أن كان سكان الجزيرة يعتمدونالغزو كطريقة حياة ...
ولكننا أيضا لا نستطيع الإنكار بأنناكثيرا ما تساءلناعنزواجات النبي المتعددة.. حتى وتحتالتبرير الديني بأنها كانت لهدف تأليف قلوب المسلمين وإدخال القبائل في الدينالجديد.. فإنها عادة لم تعد مقبوله ولا تصلحكأساس لتأليف قلوب النساء وبناء أسرةصحيّهنفسيا ..لبناء مجتمع صحي وخالي منالبغض المدفونفي النفس ..
إضافة إلى أن كل إمرأةإضطرت لقبول الزواج من آخرلليلة( التجحيش )لتبرير لفظ الطلاق من زوجها وعودتها إليهأيضا تكرهت لهذا الفعل ..كما تكرّه له زوجها أيضا ..
أما جملةquot; لن أصلي عليك quot; فلا أعتقد أنها ستضيرالنبي ( سلام الله عليه )والذيأكّد الله عز وجلفي أحدى السوربأن الله وملائكته ورسله يصلون على النبي...فهل سيضيره أن لا يصلي عليه بشر ؟؟؟؟
إن تصعيد فقهاء الديننبرتهم الخطابية .. ونحيبهمإنما هو شكل من أشكال المتاجرة والمزايدة في التدين .. ولا يخرج عن كونه أداةإبتزاز عاطفيلتجعل من الدين اداةقمع ..وديكتاتوريةدينية أقسى وأصعب بكثير من الديكتاتورية العسكرية ؟؟
إن هذه المحاكمة ستؤكد للعالم أجمع بتقلص قدرة المسلمين على الإختلاف في الرأي ..فكيف سيكون مدى تحملهم لمن يختلف معهم في العقيدة ..؟؟ سواء في بلادهم أم في البلادالغربية التي يقيمون بها تحت بندالحقوقالعالمية الإنسانية .. بينما صورالتكرّهلغير المسلمين في أوطانهمواضحة للعيان على الشاشات التلفزيونية !!
إن تعريض حمزة كاشغري للمحاكمةسيسلط الضوء الأكبر لمحاكمةالإسلام كدين .. وأيضا لمحاكمة السعودية كدولة حاميةللحرمينسواء منالغربيين .. أم من المسلمين أنفسهم . وسكوتالدول الإسلامية على هذه المحاكمةأو القضاءالذي سيصدر عن المحاكمة ما هو إلا نفاق من هذه الدول حرصا على تدفق الأموال السعوديةوليس حرصا على الدين نفسه ,بل التضحيةبه والتاكيد للعالم أجمع مقولة أنه دين مغلقلا يستطيع إحتمال حرية التعبير أو النقد .. و يستسهل العنففي تعامله مع مؤمنيه المشكوك في إيمانهم .. أما نفاق الدول الغربية فهو حرصا على إستمرار تدفق النفطبالأسعار المناسبة بدون أي عقبات لزيادة المخزون النفطي لديهم...
لا أحد سيستطيع حملالمملكة على وقف هذه المحاكمة .. ولكن المسلمونجميعا عليهم مسؤولية وقف هذه المحاكمه بالحوار العقلاني وإقناع المملكة بأنهذه المحاكمةلن تكون في مصلحة المسلمينفي أي مكان في العالم . وأنها ستعرضالمسلمون في الدول الغربية لإضطهاد أكبرلأنها ستتنافى مع الإدعاءبالتسامح في الإسلام ..وتتنافى معآيةquot;لا إكراه في الدينquot; .. وتتنافى مع قدرة الخالق وحدهعز وجلعلى إدخال الإيمان في قلوب من يشاء .. كما وفي الآيةالكريمة
quot;quot; ولو شاء ربك لآمن من في الأرضكلهم جميعا . أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين quot;quot;
( سورة يونس ).
باحثة وناشطة في حقوق الإنسان