إصرار غريب و عجيب ذلك الذي يدفع بالدکتاتور اليمني السابق علي عبدالله صالح لحضور مراسيم تنصيب الرئيس اليمني الجديد عقب طرده و إقصائهquot;المٶدبquot; من منصبه، هذا الاصرار يدفع بالمراقبين للتطورات اليمنية الى حمل تصورات متباينة بشأن مايحدث على هذه الساحة التي کانت مثقلة بواحدة من أسوأ الدکتاتوريات العسکرية ـ القبلية المزمنة.
مجرد عودة الدکتاتور اليمني الى البلاد، تعتبر صفاقة و صلافة سياسية تتجاوز کل الحدود المألوفة و تعطي إنطباعا عن معنى الانتفاضة و الثورة ضد تشبثه الحميم بالسلطة و عدم إستعداده للتنازل عنها مهما کلف الامر، ويبدو أن صالح يريد أن يوحي للشعب الرافض له من انه باق و موجود على الرغم من کل شئ.
عودة صالح و إصراره على حضور مراسم تنصيب سلفه عبد ربه کرئيس لليمن، تزامن مع التصريح المشبوه للسفير الامريکي في اليمن بخصوص بقاء اولاد صالح في الجيش اليمني، وهو تصريح أثار إستياءا شديدا بين أوساط المعارضة اليمنية و رسمت أکثر من علامة إستفهام حول حقيقة و ماهية النوايا الامريکية بشأن مستقبل العملية السياسية في اليمن بعد الحقبة السوداء لعلي عبدالله صالح، وان هذه العودة و هذا الاصرار يشم الجميع من ثناياها رائحة أمريکية نتنة لاغبار عليها.
هذه العودة التي تثير حفيظة کل دعاة التغيير و رسم مستقبل جديد لليمن، تدعو للتساٶل عن حجم و قوة الدعم الخليجي ـ الامريکي للدکتاتور علي عبدالله صالح و عن شکل و مضمون تلك الاتفاقية التي أبرمت معه للتخلي عن فلذة کبدهquot;کرسي الرئاسةquot;، وهل انهم جادون فعلا في إبعاده نهائيا عن الحکم أم ان ذلك مجرد سيناريو مٶقت يخفي خلف کواليسه المفاجئة الصدمة بعودة جديدة ـ قديمة لهذا الوجه القبيح الى السلطة مجددا في اليمن؟!
علي عبدالله صالح، في أفضل و أکثر الترجيحات إيجابية قد يريد من وراء عودته هذه الإيحاء بأن ماحدث قد کان عملية تغيير سلمية توافقية طبيعية وانه سيبقى في بلده کرئيس سابق للبلاد، لکن هذا الترجيح يصطدم بالخلفية القبلية لليمن و عدم وجود هکذا أجواء سياسية فضفاضة رحبة تسع الآخرquot;الممقوتquot; و الذي أجرم بحق شعبه وان مجرد بقائه في البلاد يخلق الکثير و الکثير من المتاعب و المشاکل وقد يهيأ مناخات مناسبة لإراقة المزيد من الدماء اليمنية، ولذلك فإن مغادرة هذا الوجه القبيح للبلاد ضرورة ليست بعدها من ضرورة، وبقائه هو بمثابة بقاء مجرم يحوم حول جريمته!