في ساعة ما بعد منتصف الليل.. وفي إحدى حدائق الحيوان.. كان هناك أسد يزأر بشكل أزعج كل المخلوقات من بشر وجماد وحيوانات.. فلم يبقَ أحد في الحديقة ndash; وما يجاورها ndash; إلا وقض مضجعه.. وقد تنبه القائمون على الحديقة أنهم سهوا عن تقديم وجبة غذاء الأسد.. ولذا فهو يصرخ من شدة الجوع.. ولما كان الوقت متأخراً.. ولما كانت عملية ذبح شاة لتقديمها وجبة للأسد تأخذ بعض الوقت.. ولأن الأسد مستمر في زئيره المزعج.. فقد فكر المشرفون على التغذية بتقديم حمل صغير حياً إليه.. وهو سيقوم ndash; بالتأكيد ndash; بالفتك به والتهامه.. وبالفعل.. ألقوا الحمل الصغير في قفص الأسد ndash; الثائر من شدة الجوع ndash; وانصرفوا..
كان الحمل وديعاً بريئاً.. لم يكن خائفاً من الأسد.. بل إقترب من ملك الغابة وأخذ يحك جلده بجلده كما لو أنه أمه.. وأخذ يشمه من وجهه وهو ينظر إليه بعينين مفعمتين بالبراءة والدهشة.. فماذا يفعل الأسد أمام هذه البراءة..
هل لديه الشجاعة للفتك به وقتله؟!..
لقد كانت براءة الحمل ووداعته أكبر بكثير من توحش الأسد وجوعه.. نعم.. إن البراءة هزمت التوحش.. وأفرد الأسد يديه كي ينام الحمل في حضنه.. وظل يصارع الجوع دون زئير حتى لا يوقظ الحمل..
وفي اليوم التالي.. حضر القائمون على الحديقة ، وشاهدوا منظراً تفتقر إليه العائلة الإنسانية.. فما كان منهم إلا أن قدموا وجبة غداء للأسد وأخذوا الحمل إلى قفصه.. وفي اليوم التالي.. قدمت للأسد وجبة أخرى.. كانت هي لحم نفس الحمل الوديع!!؟.