للكذب حدود.. والسامع للكذب قد يتجاوز عن بعض الأكاذيب، ولكنه يصل إلى مرحلة لا يستطيع معها السكوت، عندما يتجاوز الأمر حدود المألوف.. وسأروي لكم اليوم.. قصة نشرت في الجزء الثالث من كتاب (جمهرة الأمثال) للعقيد عبد الرحمن التكريتي.. حيث روى على الصفحة (221) قصة لكذاب وله صديق (يرقع) له كذباته: وفي يوم من الأيام ضمّهما مجلس البحث فيه يدور حول الصيد.. فقال الكذاب بشيء من الزهو والأفتخار: (إن مهارتي بالصيد مشهورة ويعرف ذلك صديقي وأخي ndash; وأشار إلى (المرقع) ndash; فأجابه صديقه: (هذه مسألة معروفة ومشهورة ولا تحتاج إلى إثبات)!!
وهنا إستمر الكذاب في حديثه يروي للحاضرين مغامراته في الصيد فقال: (في أحد الأيام.. شاهدت عشرين حمامة.. فوق شجرة.. فصوبت بندقيتي وأطلقتها وإذا بالعشرين حمامة تقع على الأرض).
فتعجب الحاصرون، ولكن (المرقع) استدرك ذلك بقوله: (هذا شيء معقول!! لأن البندقية.. بندقية صيد، والخرطشة الواحدة بها خمسون رصاصة.. فلو كان عدد الحمام خمسين لكانت الرصاصات كافية لرميها جميعاً.. وإسقاطها من طلقة واحدة.)
هذا الكلام قد دفع بالكذاب للإستمرار بالحديث عن بطولاته في عالم الصيد فقال: (في أحد الأيام شاهدت بطة قابعة بين الأشواك.. فصوبت عليها بندقيتي ورميتها!! ولما جئت إليها وجدتها مشوية و مملحة.)
فتعجب الحاضرون أكثر من ذي قبل.. واستبدت بهم الدهشة لكن (المرقع) استدرك ذلك بقوله: (هذه أيضاً معقولة لأنه عندما أطلق البندقية، التهب الشوك.. من بارود الخرطوشة.. فشوى البطة!!!.. أما الملح فيقتضي أن الأرض كانت سبخاء!! ولما تقلبت من ألم الجرح والنار تملَّح جلدها بطبيعة الحال.. فاستأنس الكذاب.. كثيراً من هذا التفسير واسترسل في حديثه قائلاً: (في أحد الأيام.. شاهدت حمامة فوق نخلة.. فصوبت بندقيتي ورميتها.. ولما جئتها.. وجدتها قد أصبحت (يخنى مع البصل والحمص!!)
وهنا.. اعترت وجوه الحاضرين نوبة من الحيرة.. والتفتوا إلى (المرقع) فوجدوه ndash; هو الآخر ndash; قد أصيب بحالة من الوجوم.. لكنه ndash; أي المرقع ndash; نظر بعصبية إلى صديقه الكذاب: وصرخ باللهجة العراقية قائلاً: ولك هالنوبة ما صارت!! هي مهجوم البيت!! شلون أرقَّع هالجذبة ؟! البصل منين أجيبه ؟! الحمص منين أجيبه ؟ الملح منين أجيبه ؟ الماي منين أجيبه ؟ الدهن منين أجيبه ؟ ولك شكيت شك تعال ركعه!!)..
مع التحية لأجهزة الاعلام السورية ؟!!...