جاء قرار المحكمة الإسرائيلية العليا بأغلبية ستة قضاة ضد ثلاثة قضاة بإلغاء quot;قانون طالquot; الذي يعفي الشبان اليهود الحريديم [المتشددين دينياً] من الخدمة العسكرية الإلزامية في صفوف الجيش الإسرائيلي، ليشعل فتيل إنهاء هيمنة نتنياهو وتماسك ائتلافه الحكومي غير المسبوق في تاريخ الكيان الإسرائيلي.
وأكدت المحكمة في القرار الخاص الصادر عنها أنها تعتبر هذا القانون quot;غير دستوريquot; ويمس مبدأ المساواة، ولذا لا يمكن للكنيست أن يمدد العمل به بعد انتهاء سريان مفعوله في بداية آب/أغسطس المقبل.
القرار جاء رداً على خمسة طلبات استئناف ضد تمديد العمل ب quot;قانون طالquot; قدمت إلى المحكمة العليا في سنة 2007 من جانب جهات متعددة بينها حزب ميرتس، وquot;الحركة من أجل جودة الحكمquot;. وجاء في قرار المحكمة أنه عندما جرى سن quot;قانون طالquot; سنة 2002 راود المسؤولون في quot;إسرائيلquot; أمل أن يؤدي إعفاء الشبان اليهود الحريديم من الخدمة العسكرية الإلزامية إلى انخراطهم في سوق العمل، أو في خدمات تطوعية تعود بالنفع على المجتمع، لكن هذا الأمل لم يتحقق، لأن هؤلاء الشبان لم ينخرطوا في الخدمة العسكرية ولم يساهموا أيضاً في أي خدمة وطنية أو مدنية أخرى.
في المقابل، ادعى القضاة الذين عارضوا إلغاء quot;قانون طالquot; أن الهدف الأساسي منه هو الحفاظ على حقوق الأقلية [الحريديم]، ولذا يمكن تمديد العمل به، ناسين أو متناسين أن تيار الحريديم في quot;إسرائيلquot; لم يعد أقلية بطبيعة الحال، وأنه أضحى تياراً مسموع الصوت وملبى الدعوة في كثير من المواقف السياسية الأخيرة.
صحيفة quot;يديعوت أحرونوتquot; نقلت عن حزب الليكود قوله: quot;إذا لم ينجح رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو عقب هذا القرار في التوصل مع شركائه الحريديم في الائتلاف الحكومي إلى تفاهمات جديدة بشأن تجنيد الشبان المتدينين، فإن ذلك سيكون بمثابة حجة قوية لدى هؤلاء الشركاء للإقدام على حل الائتلاف الحكومي وتقديم موعد الانتخابات العامة المقبلة.quot;
وأضافت الصحيفة أن قرار المحكمة العليا هذا وفّر حلاً لمشكلة نتنياهو الذي كان راغباً في تمديد العمل ب quot;قانون طالquot; خمسة أعوام أخرى، لكن رغبته هذه اصطدمت بمعارضة حزبي quot;إسرائيل بيتناquot; وquot;عتسماؤوتquot; الشريكين في الائتلاف الحكومي، فضلاً عن معارضة عدة وزراء وأعضاء كنيست من الليكود، الأمر الذي اضطره في نهاية كانون الثاني/ يناير الفائت إلى نقل مناقشة تمديد العمل به من الحكومة إلى الكنيست.
وقالت مصادر رفيعة المستوى في ديوان رئيس الحكومة في حينه إنه نظراً إلى أن انتهاء سريان مفعول القانون الحالي يحلّ بعد نصف عام، ونظراً إلى أن نتنياهو لم يحسم موقفه بعد بشأن جوهر القانون الذي سيحل محله، فلا حاجة أصلاً لمناقشته الآن في اجتماع الحكومة.
رئيس الحكومة الإسرائيلية ما يزال يعتقد أنه يجب تمديد العمل بالقانون خمسة أعوام أخرى على الأقل، لكن بعد تعديله بما يتلاءم مع التغيرات التي طرأت على المجتمع الإسرائيلي، وخصوصاً ازدياد نسبة اليهود الحريديم الذين يؤدون الخدمة العسكرية الإلزامية. أما وزير الحرب إيهود باراك فقد أعلن أنه سيطرح في اجتماع الحكومة اقتراحاً يقضي بتمديد العمل ب quot;قانون طالquot; عاماً واحداً فقط.
كما أكدت مصادر مقربة من حزب quot;إسرائيل بيتناquot; أن وزير الخارجية الإسرائيلية أفيغدور ليبرمان ووزراء الحزب يعارضون اقتراح رئيس الحكومة بشأن quot;قانون طالquot;، ويعارضون أي تمديد له بعد انتهاء مفعوله بعد نصف عام. وبناء على ذلك توقع البعض أن تؤدي هذه المعارضة مع معارضة باراك إلى اندلاع أزمة ائتلافية حادة داخل الحكومة الإسرائيلية، ولا سيما في ضوء تأييد حزب شاس والأحزاب الحريدية هذا الاقتراح.
اللافت فيما جرى أن رئيسة المحكمة العليا المنتهية ولايتها، دوريت بينيش، انضمت إلى قضاة الأغلبية، بينما بقي رئيس المحكمة العليا المقبل، آشير غرونيس، في صفوف قضاة الأقلية، ما يعني هامشاً للمناورة السياسية لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في حال قرر التراجع عن قراره وعدم اعتماد قرار المحكمة الإسرائيلية العليا، لا سيما أن شعبية نتنياهو حالياً بلغت مستويات غير مسبوقة، فقد أفاد استطلاع رأي جديد أن حزب الليكود، بقيادة بنيامين نتنياهو، سيرفع قوته، إذا جرت الانتخابات اليوم، بنسبة 45%. وسيحصل على 39 نائباً (يوجد له 27 نائباً حالياً)، وبذلك يصبح أكبر الأحزاب بشكل مطلق، بينما ينهار حزب كاديما المعارض وتنخفض قوة معظم الأحزاب الأخرى.
وجاء في الاستطلاع، الذي أجراه معهد laquo;جيوكراتوغرافياraquo; بإشراف البروفسور آفي دجاني، أن الحزب الجديد الذي أسسه الكاتب والنجم التلفزيوني يائير لبيد، الذي أعطته الاستطلاعات في الشهر الماضي 20 نائباً، قد فقد بريقه خلال الأسابيع الماضية، ولن يحصل على أكثر من 6 مقاعد. أما حزب كاديما فيواصل انهياره، حسب هذا الاستطلاع، ويهبط من 28 نائباً، حاليا، إلى 13 نائباً في الانتخابات المقبلة، كما يهبط حزب إسرائيل بيتنا، بقيادة وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، من 15 إلى 13. ويهبط حزب شاس، لليهود المتدينين الشرقيين، من 10 إلى 9 نواب، بينما يحصل حزب العمل، بقيادة شيلي يحيموفيتش، على 12 مقعداً (في الانتخابات الأخيرة حصل على 13 مقعدا، لكن رئيسه، وزير الدفاع إيهود باراك، انسحب منه وأقام حزباً جديداً باسم laquo;الاستقلالraquo; وأخذ معه 5 نواب، مرجحاً اختفاءه سيختفي عن الخريطة الحزبية الإسرائيلية في الانتخابات المقبلة.

... كاتب وباحث
[email protected]