مفاوضات الدول الکبرى5+1 مع النظام الايراني الجارية في بغداد بشأن الملف النووي للنظام، وبعد أربع جولات من المفاوضات طوال يومي الاربعاء و الخميس المنصرمين، إنتهت المفاوضات بالاتفاق على إجتماع جديد في موسکو في 18 و 19 من الشهر المقبل، وقد قد جاء تأکيد الممثل الاعلى للشؤون الامنية و الخارجية في الاتحاد الاوربي کاثرين آشتون أن quot;خلافات دول 5+1 مع إيران حول برنامجها النووي مازالت مستمرةquot;، لتبين بوضوح أن هذه الجولة قد إنتهت في حقيقة أمرها لصالح النظام الايراني أيضا.

الاصرار الدولي المستمر على ممارسة الضغط على النظام الايراني من أجل التخلي عن برنامجه النووي التسليحي، يقابله إصرار للنظام على الاستمرار في سياسة الکذب و الخداع و المماطلة و التسويف و اللف و الدوران، و الغريب أن الطرفين لحد هذه اللحظة يتشبثان باسلوبيهما و يعتبرانه الخيار الافضل للتعاطي مع الطرف الآخر، و على الرغم من کون الاوضاع في المنطقة و إيران نفسها لم تعد في صالح النظام کما کان الامر في السابق، إلا أن التعاطي الدولي مازال يجري على نفس النسق و النهج و الاسلوب السابق إذ أن النظام الايراني الذي يربط في إستراتيجيته على المستوى البعيد بين امتلاکه للأسلحة النووية و بين الاوضاع في المنطقة و العالم و تجييرها لصالحه، لکن المجتمع الدولي و تحديدا الدول الکبرى التي إجتمعت معها في بغداد تعاملت مع الملف النووي کقضية منفصلة و معزولة عن القضايا الاخرى و بالاخص الاوضاع في إيران و المنطقة، حيث من المهم و الضروري جدا الربط بينها بإحکام لکونها تقود الى الخروج من نفق المفاوضات المظلم الطويل خصوصا في المفاوضات القادمة بموسکو.

تحرك الاوضاع في المنطقة بسياق يتعارض مع مصالح و أمن النظام الايراني، ولاسيما مايحدث للنظام السوري و القلق و التوجس اللذين طفقا يساوران حزب الله في لبنان و الاوضاع القلقة و المضطربة الى حد ما في العراق، ورقة من شأنها کثيرا أن تساهم في حشر النظام الايراني في زاوية ضيقة لو قام الطرف الدولي بلعبها بالطريقة المناسبة، لکن الاهم من ذلك هي الورقة الايرانية نفسها، إذ أن تفاقم الاوضاع الداخلية في مختلف المدن الايرانية و إزدياد تأثير الاوضاع الاقتصادية السلبية على الامن الاجتماعي للشعب الايراني، يجعل من وضع و موقف النظام الايراني أکثر من صعب، وقبل يومين فقط، حدثت إضطرابات في مدن إيرانية مختلفة لأسباب تتعلق جلها بالاوضاع الاقتصادية، وهذا مايخدم المفاوض الدولي کثيرا فيما لو کان ماهرا و ذکيا في توظيف هذا الامر لصالحه، غير ان النقطة الاهم من ذلك، هو أن المجتمع الدولي فيما لو أراد حقا أن يدفع النظام الايراني الى القبول بخياراته فعليه أن يبدأ بتفعيل هذا الجانب، أي الاوضاع الداخلية في إيران عبر تقديمه الدعم للشعب الايراني و المقاومة الايرانية، فهو السبيل الامثل و أکثر الطرق قصرا و إختصارا لوضع حد نهائي لمماطلات و کذب النظام بشأن ملفه النووي، وإلا فإن إستمرار العزل بين الامرين(وهو مايريده و يتمناه النظام دائما)، سيساهم دائما على إبقاء المفاوضات تدور و تدور في دائرة نصف قطرها الوهم و التمني و تکون نتائجها دائما تفسير الماء بالماء و الذي هو طبعا في نهاية المطاف لصالح النظام الايراني!

[email protected]