مقدمة تاريخية معاصرة:
الجميع أخطأوا بحق الوطن!
عاش العراق مرحلة هادئة نظيفة تحت ظل النظام الملكي، وبدأ يتطور بشكل طبيعي وتلقائي وهادئ. التناقضات كانت شأناً طبيعيا في مجتمع لا يزال يبني نفسه بعد تأسيس الدولة العراقية على حطام الأمبراطوريات العثمانية والبريطانية، لكن التناقضات والصراعات الدولية إتخذت من العراق ساحة للصراع حتى لا تؤثر الحرب قتلا وموتا في بلدانها فإتخذت شكل الحرب الباردة على عدد من الساحات وأهمها الساحة العراقية، فكانت مخلفات الحرب العالمية الأولى والثانية تلقي بنفاياتها السياسية والمصلحية على العراق المتأسس حديثاً.
كان الإتحاد السوفيتي يريد أن يكون له في العراق موقع قدم، فأختاروا يوسف سلمان فهد لكي يتلقى الدروس أو بالأحرى التعليمات في الإتحاد السوفياتي وفي بلغاريا فعاد لكي يؤسس ما سمي بالحزب الشيوعي العراقي ليكون ممثلاً للمصالح الروسية السوفيتية في العراق.
ولأن العراق كان وهو في بدايته والإمكانات والثروات البترولية لم تأخذ بعده شكلها الواضح الذي يمكن الملكية الدستورية من تخفيف التناقض الإجتماعي فلقد تم إستغلال الواقع الإجتماعي الصعب من قبل حزب فهد الشيوعي. وإذا كان للشيوعيين أن يتهموا نوري السعيد بالعمالة لبريطانيا فإن الشيوعيين ما كانوا بحاجة إلى إثبات بأنهم كانوا عملاء لروسيا السوفيتية التي ظاهرها العدالة الإجتماعية وباطنها مصالح إقتصادية وحروب دولية من أجل تلك المصالح الإقتصادية والستراتيجية. وحتى ساد القول quot;إذا أمطرت في روسيا رفع الشيوعيون العراقيون مظلاتهم في العراق!quot; فتم تأسيس منظمة الضباط الأحرار لتشكل الجناح العسكري الروسي في صفوف الجيش العراقي الوطني لصالح حركة المعارضة العراقية للنظام الملكي الدستوري المستتب.
أثارت أدبيات ولؤم الشيوعية حماسة ضباط بسطاء طيبين لا يفقهون شيئاً في عالم السياسة ولا يتمتعون بعمق الرؤية، وعبر طيبة الحاكم الملكي وأسرته المتواضعة وعدم وجود هاجس الخوف لأنهم لم يؤذوا أحداً، لم يضعوا ترسانات السلاح ولا حواجز الأسمنت حول قصر الزهور، تمكن quot;الضباط الأحرارquot; ومن مواقع القوة متبخترين بالنياشين التي على أكتافهم والبنادق التي في أيديهم، في الرابع عشر من شهر تموز عام 1958 من إغتيال التجربة العراقية البسيطة والفتية التي كانت تنمو، وقتلوا الملك الصغير وسحلوا عباقرة السياسة نوري السعيد والوصي عبد الإله نموذجها، سحلوهما بالحبل وهو ذات الحبل الذي سحلوا فيه مسلم بن عقيل في مدينة الكوفة!
الجمهورية المتلاشية:
نشأت في العراق جمهورية أسعدت الناس وفجرت أفراحهم quot;إحتفالياًquot; فقط وهم يظنون بأنهم قد تحرروا من ربقة الإستعمار.
صرح الملك حسين قائلا وزعلانا على بشاعة مقتل إبن عمه الملك فيصل قائلا: quot; سأجعل في باب كل منزل عراقي راية سوداءquot; وهو ليس نداءً صادراً من عمان، بل هو نداء صادر من المحفل الرئيسي في لندن!
وفي هذه الجهورية المتلاشية لم يتصرف الشيوعيين بالحكمة المطلوبة بل ساهموا في خراب الوطن حتى قادوا البلد نحو المأساة الثانية في مسار الوطن العراقي.
وهذا ما حصل!
لم تمر سوى بضع سنوات حتى بدأت الرايات السود quot;ترفرفquot; في باب الكثير من بيوت العراقيين في ثمانية شباط الأسود 1963، أول المآسي العراقية وزج بالناس في السجون والمعتقلات وفي ملاعب كرة القدم.
لم يمكث الإنقلابيون سوى تسعة شهور لأن منهج عملهم كان غير متقن فأنفجر الصراع المدني العسكري في صفوف اِلإنقلابيين وبالضرورة إنتصر العسكر quot;السلاحquot; على الفكر الذي هو فاشي ومتخلف. وحاول العسكر الإنقلابيون أن يعيدوا العراق إلى الطريق القويم لكن إصرار quot;المحفلquot; على أن يستكمل مشروع الرايات السود في باب كل منزل عراقي حدا بهم إلى إعادة تصدير الإنقلاب بطريقة أكثر إتقانا من الثامن من شباط عام 1963 وكان ذلك في السابع عشر من تموز عام 1968
خراب وطن.. والخلاص العراقي:
وحتى يتمكن أنقلابيو المحفل المركزي في لندن من ترسيخ سلطتهم وكان عددهم مائتين وأربعين ولداً كان لا بد من اللعبة السياسية فأستدعوا الشيوعيين لإقامة جبهة وطنية ضمت الكورد أيضا. وكان هذا بداية الخراب الثالث والخطأ الجسيم للشيوعيين العراقيين!
لم يكن ثمة مفهوم للخراب والتنكيل بالناس والتنكيل بالحرية وتوبيخها وتعنيفها وإغتيالها إلا ومارسه الدكتاتور الأحمق وهو يتناغم مع حملة الرايات السود فأقام الحروب المدمرة من أجل تحقيق هدف المحفل، لكن لعبة تبديل الوجوه التي تحترق بوجوه ثانية حتى تستمر اللعبة على مدى الأزمان، تم التخلص من الدكتاتور، وسلمت السلطة هذه المرة إلى مؤسسة دينية، ودينية شيعية.
كان البعض يعتقد بأن مجئ الشيعة الذين يندبون الحسين الذي تعرض للظلم التاريخي أن يكونوا رحيمين بالناس وإذا بهم يسلكون ما لم يسلكه يزيد وعبيد الله بن زياد والشمر بن ذي الجوشن وشبث بن ربعي بحق الحسين، فيرقصون طرباً للسلطة للإنتقام من الناس ليس من السنة، خصومهم الإفتراضيين، ولكن من الناس، من كل من لا يقبل الظلم ولا يقبل التخلف!
يأتي اليوم على رأس الوطن العراقي شريحة متأخرة فكرياً متخلفة إجتماعياً متعصبة دينياً جائعة ونهمة إقتصادياً، وصلوا السلطة فشاهدوا خزائن المصارف مفتوحة، تدخلها واردات النفط وتخرج منها بـأيدي quot;عصابةquot; لتعمل على ما لم يستطع الدكتاتور عمله ولتستكمل مشروع الرايات السود على أبواب منازل العراقيين! لا يخافون الله ولا يؤمنون به سوى شكلاً وإدعاءً. قاموا بكوي جباههم حتى تتطابق وجوههم مع quot;سيماهم في وجوههم من أثر السجودquot; ولم يفكروا كيف تتم أزالتها في يوم الحساب على الأرض وليس في السماء وهذا اليوم ليس ببعيد!
بلغت ثروات المسؤولين العراقيين منذ سقوط نظام الدكتاتورية حتى الآن سبعمائة مليار دولاراً حسب المعلومات التي سربتها السفارة الأمريكية في بغداد، وهذا الرقم هو ميزانية الجنة الموصوفة في القرآن لكافة سكانها منذ نشأة الخليقة وحتى يوم القيامة، فيما يعيش أهل ألعراق البالغ عددهم خمسة وعشرين مليونا في جحيم الأرض الذي لا يطاق!
إذا ما أفترضنا، وهو إفتراض وارد، بأن العراقيين تمكنوا من أسقاط النظام quot;الشيعيquot; الحالي، في أن يتشكل تيار معاصر من التكنوقراط والديمقراطيين والمثقفين، يلتحق بهم عدد من رجال الجيش الشرفاء ويبدأون بوضع برنامج عراقي وطني واضح ويستعينون بالأمم المتحدة الراعية لحقوق الإنسان بإعتبار العراق قد خرج من الكتلة البشرية السوية، وإن الشخص العراقي اليوم يعاني معاناة لا إنسانية. لو إفترضنا، وهو إفتراض وارد ولكنه ليس بالمنظور القريب جداً، أن هذه المجموعة نجحت في تسلم زمام السلطة من إجل إخراج العراق من المحنة فما الذي سيحصل؟
ولو إفترضنا بأن الناس الجياع والمغبونين بإمتياز قد بلغ عندهم السيل الزبى فسوف يزحفون نحو هذه التي تسمى المنطقة الخضراء وتحصل مجزرة للشيعة الحاكمين لم يعرف التاريخ لها مثيلاً، والزاحفون ليسوا من السنة ولا هم من الشيعة، إنما هي عراقيون حقيقيون ولكنهم جياع ومغبونون وهم يرون السرقات بالمليارات تهرب خارج العرق بدون وازع ضمير. فماذا سيحصل؟
سوف يتم وضع كافة رجال السلطة ورجال الدين المساندين لهم والمبشرين بلصوصيتهم يودعون جميعهم في السجن مدنيين ودينيين، ويجلب الهاربون عبر البوليس الدولي. ولأن الخراب غير مسبوق في التاريخ وكذا السرقات وحجمها غير مسبوقة في التاريخ فسوف تكثر المشانق ويكثر عدد المشنوقين! وهي لعنة مدونة في سجل القدر. حينها سوف يسجل الشيعة هذه المجزرة العراقية الجديدة في سجل المظلوميات لتضاف إلى المظلوميات السابقة في التاريخ التي تعرضوا لها! ويتم التنظير لها الآن أو في المستقبل وتصبح لضحاياها مزارات جديدة، ليأتي الشيعة بعد ألف وأربعمائة عام أخرى يلطمون وينظمون المسيرات لتصبح كل أيام السنة مناسبات لزيارة ضحايا المظلوميات!
أمام ظاهرة الشيعة الحاكمة تفسيران، الأول، أن تكون سيكولوجية الفئة الشيعية عبر التاريخ، سيكولوجية مريضة قائمة على الإنتقام والتنكيل والسرقة والكذب المتمثل في مبدأ quot; التقيةquot; أو أن الشيعة في التاريخ ليسوا هكذا وهم حقا قديسون مثل الحسين وعلي بن أبي طالب وموسى الكاظم وجعفر الصادق وأن هذه الفئة الحاكمة الآن لا تنتمي إلى أهل البيت ومريديهم وهم فئة من اللصوص بكل مكوناتهم بما فيهم مرجعيتهم الساكتة quot;والساكت عن الحق شيطان أخرس!quot; فلقد بلغ النهب والمال الحرام في أعلى القمة الفقهية وما حسينية quot;....quot; الفضائية سوى مثل بسيط لحجم النهب والتخلف الفكري والحضاري.
نحن اليوم شهود عصر واضح. شهود خراب كامل أمامنا دجالون من طراز رفيع. لصوص لم تعرفهم الأزمان. فئة ظالة مختفية وراء حواجز إسمنتية ناطحة للسحاب. وفي هذا البلد ألأكثر ثراء في العالم يعيش فيه الناس من بقايا القمامة وينشئون بيوتا عشوائية من الصفيح والكرتون لا تقيهم حرارة الصيف الجهنمية ولا غبار الكون الأصفر ولا رعد وعواصف وأمطار السماء! بلد تفشت فيه الأمراض وسلبت فيه الطفولة وإنتشرت فيه الدعارة على كافة الصعد. فهل محاكمة هؤلاء ونيلهم الجزاء القانوني يعتبر مظلومية تضاف لمظلوميات التاريخ؟ عصابة من اللصوص لا يردعها رادع. لا وازع ضمير ولا وازع ديني ولا وازع إنساني. هل ستكون نهايتهم من المظلوميات المسجلة في التاريخ!؟
إن بعض اللصوص كبارهم وصغارهم من الذين بدأوا يدركون قرب بداية النهاية صاروا ينسحبون الواحد بعد الآخر، يفرون نحو أوطانهم الثانية وأوطانهم الأولى، أوطانهم الثانية ممثلة بأوربا حيث هم مواطنون يحملون جنسيات تلك البلدان أو أوطانهم الأولى ممثلة بالجمهورية الإسلامية في إيران حيث هم من أصول إيرانية معروفة. لقد هرب كثير من اللصوص وكل واحد منهم يحمل ملفات إدانة الآخر كي يفتحها عندما تقتضي الضرورة أو يلوح بها كلما طاله الإتهام. وسوف يهرب الكثيرون يوما بعد آخر. كل واحد منهم يخطط لعملية الهروب بعد أن ينجز عملية تحويل المال الحرام إلى مصارف دبي وعمان وأوربا وأمريكا وإيران. وهذه هي بداية النهاية. هروب المسؤولين اللصوص أو اللصوص المسؤولين هي بداية إعلان يوم القيامة المخيف على أرض العراق. ولا أحد يدرك هول ورعب ذلك اليوم الآتي حيث بلغ السيل الزبى. هذا اليوم لمسته وأحسسته بنفسي وأنا أتجول في مدن العراق بعد أربعين عاماً من الهجرة. لكن يوم القيامة هذا غير معلن، ولو أعلن عنه شعبياً فسيكون يوما مرعبا ومهولاً. ولذلك لابد من تفادي هذه المظلومية ليس على الشيعة بل على أهلنا في العراق وفي وطننا العراقي المتدهور.
إن الحاكمين الآن في بغداد والنجف ليسوا من أتباع أهل بيت الرسول، ولا علاقة لهم بالشيعة وخاصة الشيعة العراقيين، فشيعة أهل العراق مثلهم مثل سنة أهل العراق ومثل كل العراقيين هم ناس طيبون وليسوا أشراراً. ولكن هذه الفئة الحاكمة الظالة في بغداد ومرجعيتها في النجف لا تمت للفكر الشيعي بصلة. ولو كانوا شيعة حقيقيين، وهم يندبون مظلوميتهم في التاريخ منذ ألف وأربعمائة عام فإن السلطة جاءتهم وسلمتها لهم أمريكا على طبق من ذهب. وبدلا من أن يعتمدوا السلم وعدم الإنتقام ويتخذوا من المحبة منهجا لهم وهم أحفاد الحسين وعلي كما يدعون أن يعيشوا بكفاف عيشة علي ويناضلون من أجل الحق كما ناضل الحسين، ويمدوا يدهم لأخوتهم في الدين قائلين quot;تعالوا يا أخوتي نبني هذا الوطن العراقي، وطن الجميع، وننشر فيه الخير والمحبة، وكفانا صراعا سخيفا على مر العصور. هذا هو وطننا تعالوا نزرع فيه الخير ونبنيه من أجل أبنائنا ومن أجل أهداف علي والحسينquot; لكن غباءهم وبإمتياز جعلهم عبيداً للسلطة والمال فهرعوا نهمين ينهبون الوطن ويقتلون الأبرياء ويتركون حتى أبناء جلدتهم وأطفالهم جياعا محرومين. هؤلاء لم يكتفوا بالفساد المالي والأخلاقي بل وبعد أن تمكنوا باتوا يهددون المواطنين في وسائل إعلامهم المدنية والدينية، فالحاكم يهددنا ورجل الأمن الجديد يهددنا ورجال الدين يعتلون المنابر ويهددونا وكأن تهديد السماء لم يكن كافيا لزرع حالة الرعب في نفوسنا، التهديد بالنار والجحيم والصلي والسعير وسلخ الجلود وإستبدالها بجلود أخرى كي يتمتع الحارقون بالسادية، فيأتينا تهديد الأرض منذ حقبة الدكتاتور حتى يومنا هذا ولحين تأتي الساعة، ساعة الخلاص!
يقف اليوم على رأس السلطة رجل أختلف بصدده الموقف. فمنهم من يرى فيه دكتاتوراً ومنهم من يرى فيه رجلاً لم تمتد يده على أموال البلاد بشكل مباشر! وهو قد أعلن عن ذمته المالية في حين رفض الآخرون إعلان ذممهم المالية وحتى أقرب الناس في المكاتب الأقرب إلى مكتبه! لكنه في ذات الوقت فتح باب الطائرة لمن نهب ومارس كل أشكال الفساد المالي والأخلاقي ما يضع جملة من التساؤولات وينفي براءة إعلان الذمة والتصريح بها، فهل يريد المالكي الإصلاح حتى لا يضيع فرصة تاريخية ويجنب الشيعة مظلوميات جديدة ويساهم في بناء الوطن بالترفع عن كل ما هو طائفي والإهتمام بالثقافة quot;وتنظيفquot; الإعلام الرسمي وغير الرسمي وquot;تنظيفquot; وزارة الخارجية المتعفنة والنظر بعين الحب للعراقيين في الخارج الأكثر صحة من غيرهم على مستوى المعرفة والتحضر والشبع، فهم ليسوا نهمين ولا محرومي جاه وسلطة ومرتاحون ويعيشون بطمأنينة، وهم غير محتاجين إليه والمفروض أن يعرف أن الوطن هو الذي يحتاج لهم!
المالكي يعيش الآن حالة حصار لا يحسد عليها، وأعجب كيف أن لا يجن، فالذي لا يشعر بحجم الحصار وحجم الخراب في الوطن أما أن يكون دكتاتوراً أهوجاً أو أن يكون فاقداً للحس!؟
المالكي والشيوعيون!
فجأة quot;يستدعيquot; المالكي الحزب الشيوعي العراقي لكي يخلق تحالفاً جديداً ولكن بعد خراب البصرة وليس قبل خرابها كما فعل الدكتاتور!
الحزب الشيوعي العراقي خطا خطوة تكتيكية سياسية ضمن مفهوم السياسة فن الممكنات فإلتقى المالكي وتحالف معه، وكما يقول المثل مجبر أخاك لا بطل. الخطوة ضمن واقع الحزب الشيوعي المتدهور والذي لم يتمكن أن ينال كرسي واحد في البرلمان حتى سرت النكتة بأن مشعان الجبوري حاز على أصوات أكثر من الحزب الشيوعي العراقي! يكون الحزب والحالة هذه موافقاً على التحالف، بمعنى أن الحزب وقع على بيان الخراب وتحمل جانباً من المسؤولية التاريخية، وهو أن لم يحصل الإصلاح الكامل فإن الحزب سوف يدان بالماضي والحاضر والآتي، فهل تم التحالف مكتوباً وفق منهج لإصلاح الوطن أم أنه مجرد لقاء الهدف منه تخديري أكثر مما هو إصلاحي! كما أن في موقف الحزب من المالكي يعني من جملة ما يعنيه إعلان الطلاق من الحليفة الكردية التاريخية، وبهذا يزيل الحزب عن كاهله حملاً تاريخياً كبل به على مر الزمن وخسر بسببه الكثير وبشكل خاص حين سيطر الكورد على قيادات الحزب الشيوعي العراقي، وها هم بعض بقايا القيادات الملتبسة تشن عبر وسيلة إعلامها حملة ضد المالكي، وستشن مزيداً من الحملات ضد الحزب الشيوعي العراقي منبع ماليتها القديم بسبب تحالفه مع المالكي الذي يعني عندهم تحالفاً يستهدف الكورد.
من الأفضل للمالكي أن لا يخلق تحالفات تكتيكية، ويبقي الآثام نائمة متململة. عليه لو كان صادقا في بناء الوطن ومدركا لحجم الخطأ وحجم التدهور والفساد، يتحتم عليه أن يتخذ خطوات ليست سهلة بفتح ملفات المشبوهين مالياً وإخلاقيا وإحالتها للقضاء وليس التلويح بها للإبتزاز السياسيً.. ترى هل هو قادر على أن يقلب الموازيين؟ هل يملك من الكادر البديل الذي يقف إلى جانبه ولا يخذله لو خطا مثل هذه الخطوات الجريئة؟ لأن مد يد المصافحة نحو الحزب الشيوعي العراقي وقبول الحزب الشيوعي بالمصافحة بأحسن منها، هي خطوة أولى بالإتجاه الصحيح إذا ما جرى ذلك وفق برنامج وطني مكتوب وليس عبر زيارة الهدف منها الحصول على بضعة مقاعد في مجالس المحافظات ومستقبلا في البرلمان أو منح وزارة مهملة يترفع عليها ثانية وزيرلم يتمكن من تحريك واقع الثقافة شبراً واحداً ولم تحصل الثقافة في حقبته سوى على إمتيازات quot;ماليةquot; لعدد من الحزبيين والأصدقاء المحيطين به!
هل سيتخلص العراق من هذه الورطة الخرافية الشكل والمدمرة للأمل العراقي والذابحة للحلم العراقي والخانقة للتنفس، ورطة الأمراض المستشرية، ورطة النهب التي تنزف ولا يتوقف نزفها، ورطة النهم التاريخي، ورطة المياه الجافة، والظلمة الحالكة في وطن الموت المبكر، وطن المقابر الواسعة، فهل تنطبق عليكم أيها العراقيون الآية القرآنية quot;وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميراquot;؟ أم هل تنطبق عليكم كلمة علي بن أبي طالب quot;كيف ما تكونوا يولى عليكمquot; أم أنكم تنتظرون المعجزة أن تأتيكم من السماء، وأنتم تعرفون بأن أصحابكم الأمريكيين الذين حرروكم قد صعدوا إلى الفضاء ولم يجدوا شيئاً هناك! أم أنكم تنتظرون المنقذ يسبقه الأعور الدجال وهو ينقر على الدف معلنا إستكمال خراب البشرية وسيأتيهم المصلح الأزلي وهو على وشك النزول!؟، فهل أنتم كذلك مثل المأخوذين لا يعرفون ماذا يفعلون، أم أنكم حقاً أبناء حضارة الرافدين وأحفاد نبوخذنصر وحمورابي وأحفاد عمر وعلي والحسين وهارون الرشيد؟ هل أنتم أبناء هذا العصر أم أبناء العصور الغابرة ما قبل التاريخ؟! الا يتنادى منكم ومن بينكم نفر يعلنون صوتهم الواحد وصرختهم المعاصرة من أجل إنقاذ شعب ووطن أتت عليه طغمة تستكمل نداء البعث وقرار المحافل الماسونية لتعلق على باب كل منزل عراقي راية سوداء، وتفصل الرأس عن الجسد كما حصل للحسين في التاريخ وبدلا من أن يذبح شخص واحد ويبكيه شعب كامل، فاليوم يذبح شعب كامل وتبكيه شعوب الأرض أو ربما لا تبكيه!
ترى ماذا أنتم فاعلون؟!
كاتب وإعلامي عراقي مقيم في بريطانيا.
[email protected]
التعليقات