مصر هي قلب منطقة الشرق الأوسط وهي اللاعب الرئيسي في المنطقة، وعبر التاريخ كان كل ما يجري في مصر تنقل منه صورة بالكربون لدول المنطقة، ولكن مع ثورات الربيع العربي يبدو أننا مقبلون علي تغيير في الكثير من النظريات، ولم ولا وقد سطعت شمس الحرية في ليبيا التي تقع غرب مصر بينما غابت تلك الشمس في الشرق وتحديدا في مصر.

قلبت الإنتخابات الليبية كل الموازين وكل التوقعات فكان متوقعاً ان تلحق ليبيا بتونس ومصر لتكون البلد الثالث الذي يسيطر عليه تيار الإسلام السياسي، ولكن الشعب الليبي أذهل العالم كله برفضة سيطرة التيار الإسلامي وتصويته لصالح التحالف الوطني بقيادة محمود جبريلquot; التيار الليبراليquot; والذي حصل علي غالبية المقاعد في المؤتمر الوطني العام في ليبيا وأستطاع أن يلحق بالتنظيم الدولي للإخوان المسلمين أول هزيمة لهم بعد الربيع العربي. فما هي أسباب فوز التيار الليبرالي المدني في ليبيا؟؟؟

أولا: تعثر التجربة المصرية التونسية وظهور الوجه الحقيقي للإسلام السياسي المتشدد في تلك الجارتين كان سببا مباشرا في عدم رغبة الشعب الليبي في الوقوع في اخطاء جارتيه الشرقية والغربية والتصويت للتيار الليبرالي.


ثانيا: إكتشاف الليبيين أن الإسلاميين كانوا جزءاً من نظام الطاغية القذافي حيث كانوا يدعمونه ويباركون أعماله وفي المقابل أغدق عليهم القذافي بالأموال، ولقد فضح الساعدي القذافي قادة التيار الإسلامي في داخل ليبيا وخارجها أثناء الثورة الليبية بل وعايرهم علانية وأخرج لهم صورهم وتسجيلاتهم مع القذافي وتقبيلهم لأيادي القذافي مقابل الأموال الأمر الذي لم يستطع أحد من هؤلاء إنكارة حيث قدم الساعدي صور ومقاطع بالصوت والصورة فلم يستطيعوا حتى مجرد الرد.

ثالثا: تحول الثورة الليبية لحرب أهلية طاحنة راح ضحيتها ما يقرب من خمسين ألف شهيد ليبي وطوال فترة الثورة أظهر الليبيون أمكانيات وأخلاص وقدرة كل فرد من الليبيين فلم يستطيع تيار إدعاء بطولة زائفة علي حساب تيار آخر حيث كان كله quot;علي المكشوفquot; كما يقولون، كذلك الفترة الطويلة التي عاشتها الثورة والتضحيات الكبيرة التي ضحي بها الشعب الليبي كانت هي الدرع الحصين ضد سرقة الثورة الليبية.

رابعا: الشعب الليبي شعب غني وغير محتاج فلم يستطيع أحد ان يشتري صوته بكيلو سكر أو زجاجة من الزيت او بعض الدنانير كما حدث في مصر وتونس الفقيرتين مقارنة بليبيا الغنية بنفطها.

خامسا: ظهور شخصية سياسية قوية كشخصية محمود جبريل رئيس وزراء الحكومة المؤقتة الليبية وهو مؤسس حزب تحالف القوي الوطنية، وتميز جبريل بجانب دوره أثناء الثورة بتاريخ مشرف أو كما يقول مؤيدوه لقد أحتفظ بمسافة بينه وبين القذافي وقد رفض إستلام جائزة quot;الفاتح التقديريةquot; سنة 2010 وتعلل بظروف شخصية.وشخصيتة القوية ساعدته أن يؤسس تحالف القوى الوطنية الذي يضم 64 تنظيما سياسيا و465 جمعية في المجتمع المدني و368 شخصية وطنية مستقلة، وتم أنتخابه رئيساً للهيئة العليا للتحالف، مما أدي لعدم تشرذم التيار الليبرالي الليبي وتوحده في قائمة واحدة فلم تتفتت الأصوات الليبرالية كما حدث في مصر وتونس.

سابعا: قدرة التيار الليبرالي الليبي علي تقديم مرشحين اقوياء وأسماء لامعة في مجتمعاتها أستطاعت أن تنتزع صوت الناخب الليبي.
هذه هي الأسباب التي أدت لفوز التيار الليبي فحافظ الليبيين علي ثروتهم وعلي حريتهم وأعدوا بلادهم لطريق النهوض والتقدم واذهلوا العالم كله، بل انهم تخطوا كل التوقعات ووضعوا بلادهم في مرحلة الربيع العربي الثالثة متجازوين المرحلة الأولي quot; مرحلة الفوضيquot; والمرحلة الثانية quot; مرحلة الحكم الديني المتشددquot; وأنطلقوا للمرحلة الثالثة مرحلة الدولة المدنية، فمتي تلحق مصر بليبيا وهل تشرق الشمس علي مصر من الغرب قريبا هذا ما اتمناه وأحلم به أن يتحقق في الإنتخابات البرلمانية المصرية القادمة.