كل من يمر بكردستان العراق وبمدنها يجد حقيقة ساطعة وهي ان منطقة نفوذ حزب الرئيس طالباني تتمتع بمساحة كبيرة من الحرية مقارنة بمنطقة نفوذ مسعود البرزاني التي تقبع تحت خيمة قريبة من القمع السياسي، ولهذا تتمركز قوى المعارضة الكردية مثل حركة quot;كورانquot; للتغيير والاتحاد الاسلامي والجماعة في السليمانية، وهذا ما منح الاتحاد الوطني القدرة على التعامل مع الاحداث والوقائع في الاقليم بموضوعية وواقعية، وبفضل الرؤية الانفتاحية والاصلاحية لنائب الطالباني في الحزب كوسرت رسول تولدت قدرة سياسية لاعادة ترتيب بيت الاتحاد الوطني الكردستاني وعودته الى دوره الطبيعي في الاقليم والعراق لارساء الضرورة الحيوية لهذا الحزب الجماهيري على الساحتين الكردستانية والعراقية.
واليوم تأتي دعوات كوسرت رسول نائب الرئيس طالباني في الحزب كمطلب حيوي لترتيب بيت الاتحاد لضرورات كردستانية وعراقية واقليمية لمجابهة التحديات المصيرية التي تقف على ابواب الاقليم والمنطقة، والدعوة لالغاء المكتب السياسي للحزب وتشكيل هيئة جديدة تعتبر من اكبر الدعوات السياسية المتسمة بالحكمة والمنطق لاسباب عديدة من اهمها وصول المكتب الى مرحلة الشيخوخة العاطلة، وتجمد القدرة والعقل التفكيري والتطويري لبعض اعضائه، واستغلال المكتب من قبل البعض لاغراض تجارية وشخصية وعائلية والثراء الفاحش على حساب الحزب وانصاره واعضائه، واختلال التوازن بين الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني الكردستاني.
ولا شك فان هذه الدعوة للقيادي كوسرت والتي يشاركها رئيس الحكومة السابقة برهم صالح، سترسي أرضية جديدة في تثبيت وجود الاتحاد الوطني على الساحة السياسية في الاقليم، وستعمل على الاستفادة من الماضي لاستخلاص العبر منه لارساء صحوة جديدة داخل اعضاء الحزب وتجديد روحية النضال وفق سياقات جديدة نابعة من الحياة المدنية المبنية على احترام حقوق الانسان ورعاية الفكر الانساني، وهذا الخيار الجديد يقدم رؤية معاصرة للتعامل مع الازمات والمشاكل السياسية والامينة والاجتماعية والاقتصادية، وفي الوقت ذاته يساعد على بروز زعامة وقيادة جديدة للاتحاد من خلال تركيبة سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وعسكرية معاصرة ومتسمة بالحداثة والمدنية والسلام في الاقليم، ولا شك فان حصول تغيير جذري وفق المنظور المطروح لنائب الامين العام سيساعد بلا شك على الاستفادة منه في حلحلة العملية السياسية الجارية بالعراق منذ سنوات.
وفي ظل انشغال الرئيس جلال طالباني بمهمة جمع القوى السياسية العراقية المتنافرة مع بعضها، وانشغال الاقليم بتطورات الأحداث التي تمر بها المنطقة، فان دعوة كوسرت رسول لتجديد للاتحاد الوطني تشكل بادرة اساسية لخلق توازن سياسي جديد على الساحتين السياسية والادارية في الاقليم، وتشكل انطلاقة جوهرية لتعديل الاتفاق الاستراتيجي بين الحزب الديمقراطي للبرزاني والاتحاد الوطني للطالباني، وان كان لابد من بيان أسباب لاعادة ترتيب الاتحاد، فان الدوافع الحقيقية والموضوعية التي يفسر بها اطلاق هذه الدعوة يمكن تحديدها بما يلي:
1.استغلال حقوق الاتحاد الوطني من قبل الحزب الديمقراطي والواردة حسب الاتفاق الاستراتيجي.
2.استثمار القدرة السياسية للرئيس طالباني لاحتواء الأزمة السياسية التي يمر بها العراق.
3.تجديد أمل الجماهير الواسعة للاتحاد الوطني للقيام باصلاح جدي وفعال للقضاء على الفساد الحزبي والحكومي والأهلي في كردستان.
4.اعفاء المكتب السياسي للاتحاد من شخصيات فاسدة تتحكم برقاب الحزب وحصة الاتحاد في الحكومة.
5.اسغتلال الصحوة والنهضة الجديدة للحركة الشبابية للاتحاد الوطني الكردستاني لمنح الحزب دفعة قوية ونبضات حيوية لتثبيت دور الشباب سياسيا واجتماعيا واقتصاديا على الساحة الكردستانية.
هذا باختصار أهم الاسباب المبينة لدعوة كوسرت رسول نائب الرئيس طالباني لاراساء اصلاح جذري وجوهري واساسي داخل الاتحاد الوطني، ولكن تزامنا مع هذه الدعوة لابد من مشروع وطني لارساء تغيير جذري في بنيان الحكومة ورئاسة الاقليم ورئاسة البرلمان لصالح المجتمع الكردستاني، ولهذا لابد من وضع خارطة طريق لدراسة اطر العمل وبحث المستجدات لتبنيها والخروج بمشروع حيوي ونهضوي لاصلاح الحكم والسلطة والبرلمان والحكومة والواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي في الاقليم لضمان سلطة حكيمة ورشيدة وبيئة سليمة ومتوازنة لكل الاطراف الحزبية ولكل الافراد في اقليم كردستان.
التعليقات