مرة أخرى تبادر القوات العراقية بالقيام بهجوم غير مبرر على أفراد مدنيين محميين بموجب قوانين جنيف و مسائل أخرى ذات صلة، و تخلف من وراء هجومها 20 جريحا من سکان أشرف عشية الاستعدادات لنقل الوجبة السادسة من السکان الى مخيم ليبرتي بعد المبادرة الاخيرة التي قدمتها السيدة مريم رجوي رئيسة الجمهورية المنتخبة من قبل المقاومة الايرانية.
الهجوم الاخير للقوات العراقية التي کانت تحيط بالافراد الاربعمائة المنقولين من کل الجهات، کان بسبب إعتراضات سلمية لهم على سلبهم حاجيات شخصية من قبل القوات العراقية، و مدى عنف الهجوم و قسوته لايمکن تبريره أبدا ازاء إعتراض سلمي إعتيادي بات يمکن القيام به حتى في البلدان التي ليست ديمقراطية بالمرة، وان إستخدام القضبان الحديدية و العصي و الحجارة و قطع طاولات التفتيش، وخلف ذلك الهجوم 20 جريحا من السکان أثنان منهما قد أصيبا بکسر في يديهما.
معقول جدا أن يکون هناك رد فعل لکل فعل، لکن عندما يکون هناك ثمة مبالغة او مغالاة في رد الفعل فإن رد الفعل هذا سيضع نفسه شاء أم أبى موضع السؤال و السؤال الاکبر هو: لماذا؟ لماذا هکذا رد فعل عنيف على هکذا إعتراض سلمي تبيحه و تجيزه القوانين و الانظمة المرعية في مختلف بلدان العالم المتحضر بل وحتى باتت العديد من بلدان العالم الثالث أيضا تجيزه بشکل او بآخر؟ ان رد الفعل العنيف هذا قامت به القوات العراقية ليس بسبب او بدافع يتعلق بالعراق وانما جاء إرضائا للنظام الايراني و مواقفه المتطرفة العدوانية تجاه سکان أشرف و تلبية لإملائاته على السلطات العراقية، وان تدخلات النظام الايراني في الشؤون الداخلية للعراق قد تجاوزت الحدود المألوفة و باتت تشمل معظم الامور بل و تدخل في أدق التفاصيل، لکن، ملف منظمة مجاهدي خلق التي تعتبر قوة رئيسية معارضة للنظام الايراني و تحظى بحضور ملفت للنظر على الصعيد الدولي و الداخلي الايراني نفسه، يأخذ إهتماما خاصا من جانب النظام الايراني و يأتي ضمن أولوياته.
إصرار حکومة نوري المالکي على ممارسة سياسة بالغة التشدد و القسوة حيال منظمة مجاهدي خلق و غض نظرها عن کل الدعوات و النداءات الدولية و الاقليمية لتعامل أفضل معها، هو برأي المحللين و المراقبين السياسيين يأتي کتنفيذ حرفي للأوامر الصادرة من جانب النظام الايراني بهذا الخصوص و يعتبرونه بمثابة خطأ تأريخي سيلقي بظلاله على مستقبل العلاقات العراقية الايرانية بعد سقوط هذا النظام.
ان الاستمرار في التعامل مع سکان أشرف و ليبرتي الذين هم أعضاء في منظمة مجاهدي خلق کأنهم سجناء عاديين او معتقلين، مسألة بعيدة عن العقل و المنطق و لاتتسم بشئ من الحکمة، وکان الاحرى بالحکومة العراقية أن تعاملهم بصورة حيادية على الاقل قد يکون أمرا مقبولا و منطقيا کحد أدنى و في صالح العراق و إستقلالية قراره السياسي.
[email protected]